في التقرير الامريكي قبل الحرب في العراق بشأن قواعد التأييد لصدام حسين، تم التشديد على دور الحرس الجمهوري، القوات الخاصة والشرطة السرية، اما الموقف من الجيش العراقي فكان الاستخفاف فالأمريكيون لم يأخذوا بالحسبان تقريبا المليشيات الشعبية المختلفة، والآن فقط هم يضطرون الى الادخال الى معادلة القوات المقاومة لهم منظمات ارهابية مثل انصار السلام. المنظمات الارهابية، التي بدأت تستخدم المخربين الانتحاريين فاجأت بذلك الامريكيين، فالعملية الاولى في الحرب الحالية نفذت قبل اسبوع في المنطقة الكردية، على يد رجال انصار الاسلام وقبل يومين نفذت عملية اشد ضد جنود حاجز امريكي في وسط العراق قتل فيها اربعة جنود جراء انفجار سيارة مفخخة. ومع ان منظمة انصار الاسلام مقربة من ايران، غير انه يبدو انه لم يكن للايرانيين يد في هذه العمليات والتقدير هو ان هذه الخطوة منسقة مع نظام صدام حسين ومن المتوقع ان تندرج منظمة (الفدائيين) بتوجيه من احد ابناء صدام في العمليات الانتحارية ضد قوات التحالف. وينبغي النظر الى ذلك كمصدر اقلاق متواصل قادر على ايقاع الخسائر العديدة للامريكيين والبريطانيين اذا لم تتخذ في الوقت المناسب اجراءات حذر ملائمة الا انه من المشكوك فيه ان يكون من الضروري التعامل معه كمصدر يؤثر على المعركة برمتها. لقد كان نهج الأمريكي الاساسي هو انه سيكون ممكنا ادارة المعركة قبالة الحرس الجمهوري وتقدر واشنطن بأن رجال وحدات الجيش النظامي ستنهار بسرعة مع بداية المعركة، فيسلمون انفسهم او يفرون، وهذا التقدير استند اساسا الى رجال المعارضة العراقية، التي تشمل عسكريين فروا الى الغرب بعد حرب الخليج، ولكن مع بداية المعركة تبين ان الجيش النظامي ايضا مستعد للمعركة ضد الامريكيين. ان الروح القتالية في اوساط الجنود ليست عالية، وكذا معداتهم منخفضة المستوى بالقياس الى رجال الحرس الجمهوري، ومع بداية المعركة نشر ان الفرقة 51 من الجيش العراقي سارعت الى الاستسلام، وان من ضمن الجنود الذين وقعوا في الاسر كان قائدهم ايضا. وبعد ذلك تبين ان الضابط الذي وقع في الاسر ليس قائد الفرقة بل جندي عرض نفسه على هذا النحو كي يحظى بمعاملة افضل من جانب أسريه. وكانت المفاجأة اكبر، عندما تبين انه ينضم الى المعركة ايضا اعضاء الميليشيات المختلفة الذين يهجمون لملاحقة ذيول الامريكيين وضرب شبكة نقلياتهم واسر جنودهم، واعضاء الميليشيات لن يحسموا المعارك ولكن من شأنهم ان يلحقوا ضررا معنويا بالاساس اذا ما تمكنوا من اسر جنود امريكيين آخرين يعرضونهم على شاشات التليفزيون. وبتعبير آخر فان الافتراض الامريكي ان الشعب العراقي سيرحب بقوات التحالف تبين كافتراض غير صحيح او مبالغ فيه. ورغم نقاط الخلل في تقدير الوضع الامريكي من الواضح ان معارك الحسم ستجري قبالة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والانتصار عليها في ظل الحاق الخسائر والاضرار الكثيرة سيشكل نقطة الانعطافة في الحرب. هذه الحقيقة واضحة ايضا لصدام ولجنرالاته الذين اختاروا ادارة المعركة الكبرى ليس داخل المنطقة المبنية لبغداد، بل في الخاتم الدفاعي الخارجي قرب كربلاء. فالى هنا تتدفق في الايام الاخيرة وحدات التعزيز العراقية ومع ان الفرق العراقية ستتمتع بمواقع دفاعية مخندقة وباراض مطلة ولكنها ليس لها اي غطاء جوي ففي حوزة المهاجمين، بالمقابل مئات المروحيات القتالية التي يمكنها ان تطلق صواريخ (ذكية) من مسافات بعيدة. وحسب التقديرات فان هذه المعركة ستقع بعد عدة ايام ويبدو ان هذه المعركة هي التي قصدها رئيس شعبة الاستخبارات في هيئة الاركان اللواء اهارون فركش وليس ما نسبت له من اقوال وكأن من المتوقع قريبا خطوة حاسمة في بغداد. زئيف شيف (هآرتس)