سقطت بغداد.. ويشتعل التاريخ من جديد، تطل من خلل الاسفار المتوقدة وجوه كالحة، احالت الفراتين ليلا بهيميا قاتما، تتكرر مأساة خنق الحضارات بحقود البربرية، ترتعد فرائص الاسير القابع في جوف كل تحفة اثرية، وكل كتاب مخطوط.. وكل قلب تقي نقي.. هل هي الفرحة بسقوط طاغوت أحمر؟! أم هو الحزن العميق بقدوم طاغوت أبيض؟! سيان.. كل منهما بعوضة لاتقتات الا على الدماء.. والضحية الشعب المقصوص الجناحين.. المبتور من جميع أطرافه.. ماذا يريد هؤلاء؟ تحرير العراق؟ كذبوا!! بل سرقة البترول.. والتوطئة لاسرائيل.. وخنق المنطقة العربية كلها.. وتحطيم المعنويات في نفوس الشعوب القابعة تحت عباءة التخذيل والارهاب الدولي والتخويف والتهوين.. والسيطرة العسكرية الكاملة.. أما سمعت آخر الاخبار؟ كثيرة هي.. على مدار الساعة.. بل الدقيقة.. بل الثانية!! حتى تعبنا! آخر الاخبار وأشرسها هو الاعتداء على دين العراق، بعد أن اعتدي على اطفاله وشيوخه وشبابه ومادة حياته ومستنداته.. باسم التحرير.. فقد اتخذت مجموعة من جماعات التنصير خطوات للعمل التنصيري داخل العراق، واعرب القس فرانكلين جراهام وهو من اشد الحاقدين على الاسلام في امريكا ان العديد من عمال الاغاثة واقفون على أهبة الاستعداد لتقديم الخدمات الحسية و(الروحية) لشعب العراق..! وقال هذا القس الذي وصف الاسلام بانه (شرير): (اعتقد انه بينما نقوم بعملنا في الاغاثة فان الرب سوف يعطينا فرصا لان نخبر الاخرين عن ابنه (أي ابن الرب) اننا هناك من اجل ان نصل اليهم ولنحبهم ولننقذهم وأنا كمسيحي أفعل ذلك باسم يسوع). وقالت منظمته في بيان صحفي لها: (انها غير مكترثة اذا ما كان العمل العلني لها في دولة مسلمة سيسبب الاعتقاد بان الحرب على العراق ما كانت الا حربا على الاسلام وخصوصا ضمن العديد من الدول والجماعات الاسلامية التي رأت امريكا تحمل نوايا غير ما تعلن). ليس ذلك غريبا، فاذا كانت امريكا نفسها لم تعد تبالي بالامم المتحدة ولا بمجلس الامن، ولا بالرأي العالمي، وتصنع ما تشاء كما تشاء، فلتفعل كل المنظمات التي تعيش تحت ظلها ما تشاء، ولاسيما اذا علمنا ان جراهام صديق للرئيس بوش. وقال سام بورتر مدير المؤتمر المعمداني في أكلوهوما: (ليست هذه فرصة عظيمة للعمل الانساني وحسب، ولكنها فرصة لاشراك الآخرين في محبة الرب، نحن ندرك ان الافراد من شعب العراق لم يفعلوا لنا شيئا لايذائنا، نحن نريد مساعدتهم في تحقيق الحرية الحقيقية في يسوع المسيح). يا للرقة والعذوية والحنان!! ترى هل ستنسينا هذه الكلمات المنمقة صور الجريمة النكراء التي ارتكبها جنودهم على ضفاف الرصافة ودجلة؟! بقي ان نقول: ماذا ستصنع مؤسسات الاغاثة الاسلامية، ورابطة العالم الاسلامي، وجامعة الدول العربية تجاه هذا الزحف السافر على دين العراق؟! اذا لم نتحرك الآن.. فمتى سنتحرك؟ فاللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا..