(ولقد رأى المستعمرون فرائسا==0== ==0== منا وألفوا كلب صيد سائبا فتعهدوه فراح طوع بنانهم ==0== ==0== يبرون أنيابا له ومخالبا أعرفت مملكة يباح شهيدها ==0== ==0== للخائنين الخادمين أجانبا مستأجرون يخربون ديارهم ==0== ==0== ويكافأون على الخراب رواتبا متنمرين ينصبون صدورهم ==0== ==0== مثل السباع ضراوة وتكالبا حتى إذا جدت وغى وتضرمت ==0== ==0== نار تلف أباعدا وأقاربا لزموا جحورهم وطار حليمهم ==0== ==0== ذعراً وبدلت الأسود أرانبا هذا جزء صغير من قصيدة كتبها الشاعر الجواهري قبل (54) عاماً، في العهد الملكي بالعراق. وهي تعبر أصدق التعبير عن العراق في هذه الأيام الأشد سواداً من الأيام التي قيلت فيها القصيدة. ألقى الجواهري قصيدته هذه في حفل حاشد يضم منظم المسئولين عن الحكم في العراق أنذاك من وزراء وغيرهم فماذا حدث له؟ لقد سجن شهراً واحداً وأفرج عنه بعد ذلك، وراح يمارس حياته الطبيعية والشعرية دون رقيب. أما في عهد الطاغية صدام فقد اختار الجواهري الخروج من العراق إلى المنفى حيث توفي هناك، خرج دون أن يقول في صدام حرفاً واحداً يماثل حروف هذه القصيدة ذلك لأن صدام لا يعاقب على القول فقط، بل يحاسب عليه وعلى الصمت كذلك. لم نعرف من الصفحات السوداء للطاغية صدام إلا القليل، وستكشف الأيام والأعوام القادمة عن مكتبة كاملة سوداء تنوء بها الرفوف. أربعة ملايين من صفوة العراق علماً وإبداعاً ووطنية يعيشون في المنفى، ومات بعضهم فيه حيث رفض الطاغية حتى دفن رفاتهم في أرض الوطن الذي أحبوه ونذروا نفوسهم من أجله. هل حدث مثل هذا في غير عالمنا العربي؟ لا أظن. ان هتلر وستالين وأمثالهما من الطغاة ارتكبوا بشاعة المجازر البشرية مدفوعين بوهم مصلحة وطنهم. أما صدام فقد فعل ما فعل لتهديهم الوطن الذي ينتمى إليه أن كان يعرف معنى الانتماء.