تنظر له للمرة الأولى فتشعر بإحساس كبير بالشفقة نحوه، تجلس معه أكثر فتشعر أيضاً بالشفقة، ولكن هذه المرة ليس عليه، بل على نفسك، لأنك لا تملك بعض مواهبه. يعتبر البعض مرتضى إبراهيم الفايز مجمع إعاقات، فيما يعتبره البعض الآخر الطفل المعجزة. فرغم ان عمر مرتضى 11 عاماً، إلا ان وزنه لا يتجاوز 14 كيلو جراماً، فلقد ولد معاقاً، فعرض يده اليوم لا يتجاوز 5.2 سنتمتر، فيما لا يتجاوز عرض قدمه 3 سنتمترات. حين كشف عليه الأطباء قرروا أنه مصاب بضمور في المخ، وبطء في النمو، وقالوا ان هذه الأمراض هي بسبب الوراثة. يقول والده: رغم ان الأسنان نمت في فمه، الا أنها بدأت تتآكل فيما بعد، ويسقط الواحد تلو الآخر، أو تخرج ملتوية وفي غير موضعها. ورغم ذلك فنطقه سليم ونومه طبيعي. أمراض أخرى ليس هذا فحسب، بل ان مرتضى يعاني الأنيميا المنجلية، والغثيان عند التبرز، ويعالج من بعض هذه الامراض ببعض الفيتامينات. مرتضى ليس الوحيد من بين إخوانه المصاب بالمرض، ولكنه أكثرهم إصابة، فلديه أخ وأخت مصابان أيضاً ببعض الأمراض المصاب بها مرتضى، رغم ان والديه سليمان.. يقول الأب: باستثناء مرتضى وشقيقيه، ليس في عائلتينا الصغيرة أو الكبيرة أحد مصاب بأي من هذه الأمراض. الأكل بعد الطحن لا يملك مرتضى القدرة على الأكل بصورة طبيعية كباقي إخوانه، بل يتم طحن الطعام له، حتى يصبح الاكل سائلاً، ومن ثم يقدم له ليمضغه بأسنانه الضعيفة. ورغم ان الأب راجع عدة مستشفيات حكومية وخاصة وصرف مبالغ باهظة على العلاج، إلا أنه اليوم توقف عن المراجعة، واستغنى عما يقدم فيها بتمارين رياضية خفيفة يخضع لها ولده، لكي يتمكن من تحريك رجليه ويديه، بالإضافة إلى تدليك أطرافه. المدارس ترفضه حاول الأب إلحاق ابنه بمركز التأهيل الشامل للمعوقين بالأحساء، فأحيل إلى المستشفى، للكشف عليه، وتقرير حالته، أشارت نتائجه إلى أنه لا يحتاج إلى البقاء في المركز، فهو ليس متخلفاً عقلياً، ويحتاج إلى دراسة في المدارس العادية، فهو ذكي ويتكلم بطلاقة، وعند محاولة تسجيله في مدرسة التربية الفكرية أجري له اختبار فكانت نسبة الذكاء لديه كما يقول الأب 99%، فرفضوا تسجيله أيضاً، فذهب به إلى إحدى المدارس العادية، ووضعوا أمام الأب شروطا متعددة، أعتبرها صارمة وعقبات، مثل ان تكون الدراسة مؤقتة، وان يجلب تقريرا طبيا من مركز التأهيل الشامل للمعوقين، وان يكون معه مرافق خلال ساعات الدراسة وفي كل يوم، فلم يستطع ان يلحق ابنه بتلك المدارس. ورغم ذلك فإن الأب يعترف بأن مركز التأهيل يسلم له مصروفاً خاصاً، عندما يرغب في شراء مستلزمات خاصة بولده. يعتمد على نفسه مرتضى ليس حبيساً لأربعة جدران، بل يتحرك داخل المنزل وخارجه أيضاً، عن طريق الكرسي الاتوماتيكي المتحرك، فبعد ان جهز الأب تصميم أرضيات المنزل تمكن مرتضى من الخروج إلى الخارج، والذهاب إلى البقالة مثلاً، لشراء بعض المستلزمات المنزلية الضرورية، حين يكون الأب في العمل. ليس معاقاً فقط مرتضى ليس معاقاً فقط، بل هناك الوجه الآخر، الوجه المليء بالتفاؤل والبحث عن مكان في هذه الدنيا لمنافسة الآخرين، بما فيهم الأصحاء، يقول الأب: يجيد مرتضى التعامل مع الحاسب الآلي، سواء في إدخال البيانات عبر الحاسب الآلي والطباعة، والبرامج الكمبيوترية، وهو يتفوق على اشقائه، حتى من يكبرونه سناً، كما يجيد كتابة الحروف والأرقام والرسم بأشكال فنية، مع أنه لم يلتحق بمدرسة قط. وكذلك يجيد اللعب بالأجهزة الإلكترونية. هوايات غريبة سألت الأب ان كانت لمرتضى هوايات؟ فقال: لديه ولع غريب بالمباريات، وتحديداً كرة القدم والمصارعة وسباق الخيل، كما يطلب مني دائما الخروج في رحلات إلى البر أو البحر، حيث يستمتع بالزرقة والجو الجميل، ومشاهدة الآخرين يصيدون السمك بالسنارة. الغريب في مرتضى أنه يعشق النكت، من النادر ان تقول له نكتة دون ان يكملها هو، فهو يحفظ أكثر من 200 نكتة. أما عن نظرة الآخرين له ونظرته لهم، يقول الأب: هو لا يشعر بأنه أقل من الآخرين، فهو يمارس حياته بشكل طبيعي رغم إعاقته، يجمع الأطفال حوله، ويمارس عليهم دور القائد، يعلمهم كيف يلعبون أو يكتبون على الكمبيوتر، يحب زيارة الأقارب في منازلهم، كما يصر على ان يصلي جماعة في المسجد. سألته عن الأمنية التي يتمناها؟ فقال: ان يشارك في سباق للجري!! مرتضى على كرسيه المتحرك أنامل مرتضى تداعب أزرار الكيبورد