الدمام – سحر أبوشاهين بعض ذوي الإعاقة يتركون أبناءهم في المراكز دون زيارة لسنوات. أسرة المعاق تعاني نفوراً اجتماعياً.. وبعضهم طلق زوجته لإنجابها معاقاً. الثبيتي: نقدم خدماتنا على مدار الساعة.. وبدائل عديدة لدعم أسر المعاقين. الهاجري: أستغرب التجديد للشركة المشغلة للمراكز رغم فداحة تقصيرها. زيني: بعض المراكز تخصص عمال نظافة غير مؤهلين لرعاية المعاقين. الرشيدي: دمج المعاقين حركياً مع المتخلفين يعرضهم للإيذاء والتحرش. يضغط مليون معاق في المملكة على 38 مركزاً للتأهيل الشامل فقط تتراوح طاقتها الاستيعابية بين 100 و1000 معاق للمركز الواحد، ما يفرض حالة من القصور في أداء تلك المراكز من جهة، وغياب خدماتها عن عديد منهم من جهة أخرى. ويؤكد مختصون أن هذه المراكز، إضافة إلى اكتظاظها وضعف طاقتها الاستيعابية، تعاني ضعفاً في الرقابة على العاملين فيها، وضعف مستوى أداء كثيرين منهم وعدم تأهيلهم، حتى أن كثيراً منهم هم من العمالة الأجنبية غير المؤهلة أكاديمياً ما أدى إلى تكرار وقوع حالات من التقصير واعتداءات لا إنسانية وتحرش جنسي وإهمال. ما يدل على سوء التنظيم والإدارة. ومن الثابت أن ذوي الإعاقة يعانون إهمالاً من جانب ذويهم، حتى أن كثيراً منهم لا يحظى بزيارة عائلية منذ إيداعه في المركز خاصة أن بعض المراكز تبعد كثيراً عن منزل أسرة المعاق، في حين أن من يبقون على معاقيهم في المنازل لا يقدمون لهم الحد الأدنى من الرعاية اللازمة، بل حتى لا يصطحبونهم في المواعيد الطبية التي يحتاجونها، ويعتبرونهم عاراً يحرصون على إخفائه، بل إن بعض الأزواج يطَّلقون زوجاتهم بسبب ذلك ويحملونهن مسؤولية إنجاب طفل معاق. في الوقت ذاته، يعاني الأهالي من نظرة المجتمع لهم، حيث يعتبرون المعاق عقاباً إلهياً على إثم أو معصية ارتكبوها. ضعف الطاقة الاستيعابية فهد الرشيدي يؤكد الناشط في مجال حقوق ذوي الإعاقة وعضو منظمة التأهيل الدولي فهد الرشيدي ضعف الرقابة على العاملين في مراكز التأهيل الشامل في المملكة ما يعرض الأطفال المعاقين للإهمال، كما أن عدداً منهم غير مؤهل أو متخصص في رعاية الأطفال المعاقين، بل يكونون من جنسيات آسيوية في مستوى عمال النظافة، وتوكل لهم مهمة العناية بنظافة الأطفال وإطعامهم وأحيانا عمل تمارين العلاج الطبيعي لهم؛ لوجود نقص في اختصاصيي العلاج الطبيعي، على الرغم من أن وزارة الشؤون الاجتماعية تتسلم من وزارة المالية خمسة آلاف ريال شهرياً عن كل معاق. ويقول إنه نتيجة لهذا الإهمال، شهدنا عديداً من القضايا المؤسفة التي وصل بعضها للإعلام ولم يصل بعضها الآخر، كحالة موت 12 طفلاً معاقاً في مركز تأهيل في المدينةالمنورة خلال أقل من شهرين وهو أمر تناقلته الصحف ونتج عن الإهمال. ويشير إلى أن المشكلة تكمن في أن المراكز تستقبل ضعف طاقتها الاستيعابية، فالمركز الذي يتسع ل 200 طفل يستقبل 400 طفل، وعلى الرغم من وضع الوزارة كاميرات مراقبة في كل مركز، إلا أن آلية الرقابة غير جيدة وغير فاعلة بالشكل المطلوب. ويلفت الرشيدي إلى أنه ثمة إشكالية أخرى مهمة جداً وهي دمج فئات المعاقين مع بعضهم بعضا رغم اختلاف احتياجاتهم وأساليب التعامل معهم، فيدمج المعاق حركياً مع المتخلف عقلياً، ما يعرض الأول للإيذاء والاعتداء وحتى للتحرش. والد معاقة: لا أريدها! ويلفت الرشيدي إلى ضرورة أن لا يتنازل الأهل عن حقوق ابنهم المعاق في حال اكتشاف وثبوت تعرضه للإهمال من قبل القائمين على المركز أو وفاته نتيجة هذا الإهمال، حيث يتوجب على وزارة الشؤون الاجتماعية دفع الدية والبالغة نصف مليون ريال. وفي السياق نفسه، يلفت إلى أن الأهالي الذين يضعون أبناءهم في مراكز التأهيل وينسونهم فيها بالسنوات دون زيارة واحدة يتحملون جانباً كبيراً من المسؤولية، ذاكراً قصة طفلة تعاني من متلازمة داون كانت تطالب بزيارة والدها، حيث مضى على وجودها في المركز ثلاث سنوات دون زيارة واحدة من ذويها وحين جرى الاتصال بوالدها قال لهم لا أريد رؤيتها وإذا ماتت صلوا عليها وادفنوها. يطلق زوجته لإنجابها معاقاً ويقول إن بعض الأهالي يضيعون أعواماً قبل أن يجدوا لطفلهم مكاناً في مركز تأهيل على الرغم من أن الخدمة فيها ليست بالمستوى المطلوب، مشيراً إلى حالة طفلة أخرى في السابعة من عمرها تعاني من شلل رباعي وإعاقة عقلية مصابة بتيبس كامل نتيجة إهمال ذويها الشديد لها على الرغم من استلامهم للمكافأة الشهرية المخصصة لها التي تصل إلى 1600 ريال شهرياً، فلا يصطحبونها لمواعيد العلاج الطبيعي، بل حتى لم يشتروا لها الكرسي المخصص لحالتها ومن ثم يتركونها ملقاة على الفراش طوال اليوم. ويقول إن عدداً من الآباء الذين يرزقون بأبناء معاقين يطلقون زوجاتهم أو يهجرونهم محملين الزوجة مسؤولية ولادة هذه الطفل، فإحدى الزوجات أنجبت ابنتها البكر معاقة فطلب منها زوجها التوقف عن الإنجاب وتزوج من أخرى. ويؤكد أن أهالي الأطفال المعاقين يعانون من نظرة المجتمع لهم حيث ينظرون لهم كمقترفين للآثام التي بسببها رزقهم الله هذا الطفل كعقاب إلهي، مشيراً إلى أن عدد المعاقين في المملكة يصل إلى مليون معاق تقريباً. عمال نظافة لرعاية المعاقين مازن المزيني من جهته، يؤكد الناشط في حقوق ذوي الإعاقة ومدرس التربية الخاصة في مدرسة ابتدائية بالرياض ومدير حساب التربية الخاصة في تويتر، مازن المزيني، أن قصة حدثت قبل فترة قصيرة في أحد مراكز التأهيل الشامل وتدل على الإهمال الذي يتعرض له هؤلاء حيث ترك الممرض الدواء بجانب الطفل التوحدي بعد إعطائه جرعته المخصصة، فما كان من الطفل إلا أن أخذ الدواء وشربه، ما أدى لفقدان الطفل للوعي، وبعد أن اتصلوا بمدير المركز طلب منهم الانتظار ساعة فإذا لم يستفق يجب أن يأخذوه إلى المستشفى. وعوضاً عن الانتظار ساعة انتظروا ساعات قبل أن ينقلوه إلى المستشفى، لتثبت التحاليل أن الجرعة التي أخذها من الدواء تفوق قدرته بنسبة 70%. وخوفاً من المساءلة لم يتصلوا بأهله، إلا بعد بضعة أيام بعد تحسن صحة الطفل وألحوا عليهم بالتنازل وعدم تقديم شكوى. ويشدد مازن على أن بعض المراكز توكل العناية بالأطفال المعاقين لعمال نظافة من جنسيات آسيوية لا يجيدون مهارات التعامل مع ذوي الإعاقة، في حين أن هذه المهمة يجب أن توكل لخريجي التربية الخاصة الذين يرغبون في العمل في المراكز، مشدداً على الأهالي بضرورة زيارة أبنائهم. وفي السياق ذاته، يطالب مازن بتوفير مراكز لتدريب ذوي الإعاقة يكون مقرها المملكة عوضاً عن إرسال ذوي الإعاقة لمراكز في الأردن يكلف الطفل الواحد مائة ألف ريال شهرياً تدفعها الدولة، كما أن بُعد الطفل المعاق عن ذويه يتسبب له في مشاكل نفسية وغالبية من يتدربون هناك هم من متلازمة داون. تجديد.. رغم المخالفات خالد الهاجري ويستغرب الناشط في مجال حقوق ذوي الإعاقة خالد الهاجري استمرار وزارة الشؤون الاجتماعية في تجديد عقد الشركة المشغلة للمراكز رغم أن غالبية عمالها من جنسية آسيوية غير مدربة وظهر كثير من الفضائح بسبب المخالفات التي ارتكبوها وليس لديهم مهارات في التعامل مع الأشخاص العاديين فما بالك بالمعاقين، ويلفت إلى أن هذا تجديد يجري كل ثلاث سنوات ومضى حتى الآن على هذا العقد عشر سنوات، متسائلاً عن سبب إيقاف العقد مع الشركة المشغلة السابقة التي كانت عمالتها أفضل من حيث مهارة التعامل مع المعاقين. وينتقد الهاجري عدم وجود كاميرات في غرف نوم المعاقين أو داخل الصالات لمراقبة هذه العمالة، قائلاً إن مراكز المنطقة الشرقية التي زرتها خالية من هذه الكاميرات. ويشدد على أن هذه العمالة سجل عليها كثير من المخالفات من اعتداءات جنسية وجسدية وعنف وتجويع وتعطيش للمعاقين كي لا يضطروا إلى تبديل حفائظهم باستمرار ما يسبب لهم الجفاف. أبلغوا عن العامل المعتدي ويطالب الهاجري مديري المراكز بالإبلاغ عن العمال الذين يثبت عليهم ارتكاب مخالفات وعدم الاكتفاء بإبلاغ الشركة المشغلة، بل يجب إبلاغ الجهات المختصة كي تتخذ بحقهم الإجراءات اللازمة، خاصة أن بعض المديرين يفضل الاكتفاء بإعادة العامل وإبلاغ الشركة المشغلة وحل المشكلة داخلياً كي لا يكون تكرار مخالفات العمال في مركز معين دليلاً على سوء إدارة مدير المركز، ما قد يعرضه للفصل والمساءلة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية. ويلقي الهاجري باللوم على الأهالي الذين تصل قسوة القلب ببعضهم إلى وضع ابنه المعاق في مركز بعيد جداً عن مكان إقامته كي لا يضطر لزيارته، رغم أن الوزارة الآن تشددت في شروط استقبال المعاقين في غير المدن التي يقيم فيها ذووهم. مشيراً إلى أن عدد المعاقين بحسب التسجيل في وزارة الشؤون الاجتماعية يبلغ تقريباً 750 ألف معاق، لكن العدد الفعلي يصل إلى مليون من جميع فئات الإعاقة. رعاية على مدار الساعة من جهته، يؤكد المتحدث في وزارة الشؤون الاجتماعية خالد الثبيتي أن طبيعة العمل داخل المراكز يحكمها تنظيم إداري، حيث يعمل متخصصون على مدار الساعة يرأسهم مدير المركز الذي يشرف على أعمال الطاقم الإداري والفني بالمركز. ويتم توزيع العمل على فترات مناوبة على مدار الساعة للاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والمراقبين الاجتماعيين والأطباء والممرضين والمشرفين واختصاصيي التغذية واختصاصيي علاج طبيعي والمدربين الرياضيين واختصاصيي البرامج والأنشطة والفنيين والعمالة. ويناط بجميع هؤلاء توفير الخدمات الاجتماعية والنفسية والطبية والعلاج الطبيعي والغذاء الصحي المتكامل وتوفير الجو الملائم من خلال البرامج والأنشطة المختلفة وكل هذا يتم بمتابعة مستمرة للمعوقين داخل المهاجع وفي الصالات وأثناء وجودهم في أقسام العلاج الطبيعي والطبي وممارسة البرامج والأنشطة والزيارات من قبل أهاليهم أو الزيارات المعدة لهم من قبل المركز. ويشدد على حرص العاملين في المراكز على تواصل الأهالي مع أبنائهم ويتم تخصيص أماكن مهيأة لزيارة الأهالي كما يتم تدوين هذه الزيارات في سجلات لمتابعة الأهالي. ويشير إلى أن بعض الأهالي لم يزوروا أبناءهم لفترات طويلة رغم أن هناك اتصالاً مستمراً بهم لتذكيرهم بضرورة وأهمية زيارتهم لأبنائهم. قوائم الانتظار وعن وجود قوائم انتظار لإدخال ذوي الإعاقة لمركز التأهيل، يقول توجد فعلاً قوائم انتظار لعدد قليل من المراكز نتيجة لعدة عوامل كالكثافة السكانية في المدن الكبيرة وعدد المعاقين فيها وأيضاً توفر المراكز في المنطقة، إلا أن الوزارة تقدم حزمة من الخدمات لهذه الفئات من خلال صرف الإعانات السنوية لأولياء أمور المعاقين لتخفيف العبء عن كاهل الأسرة، ومنح سيارات مجهزة للمعاقين، والإعفاء من رسوم التأشيرات للخدم والسائقين والممرضين، وتقديم برامج الرعاية المنزلية التي تشمل الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية، وصرف الأجهزة والمعدات المعينة للحالات المحتاجة. ويضيف أن هناك مراكز لا تشهد حالات انتظار، وتختلف قوائم الانتظار من منطقة لأخرى تبعاً لعدد المعاقين والمراكز المتوفرة بها. 38 مركز تأهيل ويشير إلى أن عدد مراكز التأهيل الشامل في المملكة يبلغ 38 مركزاً، وتتراوح طاقتها الاستيعابية بين 100 – 1000 نزيل حسب حجم المركز، ويشير إلى أن شروط القبول بها أن يكون سعودي الجنسية، ويقبل 10% من الدول العربية في حال عدم وجود حالات انتظار، وتقبل حالات التخلف العقلي الشديد والمتوسط، شريطة أن يثبت خلو الحالة من الأمراض السارية والمعدية وكذلك عدم وجود أمراض نفسية أو عصبية تشكل خطراً على نفسه أو الآخرين. وعن افتتاح مراكز تأهيل جديدة بيَّن أنه وفقاً للحاجة يتم دراسة ذلك كما سيتاح للقطاع الخاص إنشاء مراكز أهلية لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة.