مامن شك أن واشنطن ولندن تجاوزتا محنة الحرب على العراق بسقوط بغداد وانفراط عقد البعث بقدر جد طيب ومعقول من الخسائر البشرية التي لم تتجاوز المائة كثيرا وماديا فقط 25 مليار دولار وهذه فعلا حسبة خرافية بل وغير متوقعة لازاحة نظام بوليسي كنظام صدام حسين دوما وابدا ماخدمته الظروف لان يكون البعبع المطلوب والجاهز للساسة في واشنطنمرات للتخريف ومرات اخرى كذريعة للوجود العسكري الامريكي منذ انتهاء حرب الخليج الاولى.. ولعلي لم استغرب كثيرا ماتروح له صحافة امريكا هذه الايام من حالة الارتباك في اوساط صقور الامن القومي الامريكي بسبب حجم وموقف الشيعة عكس كل الحسابات الاستراتيجية.. فعلا يبدو ان حسابات الامريكيين للملف العراقي كانت ساذجة وربما مغرر بها من رموز مايعرف بالمعارضة الليبرالية في كل شيء تقريبا.. بل المؤكد ان هم الادارة الامريكية كان محصورا فقط في ازاحة صدام حسين وليكن مايكن بعد ذلك خاصة بعد خسارة المعركة الدبلوماسية في مجلس الامن والخوف من ردود فعل سلبية لذلك في الشارع الامريكي.. ويبدو ان الاوضاع على الارض في العراق صدمت واشنطن كثيرا وبالاخص الشيعة والذين يبدو انهم سيكونون لاعبا فعالا في صياغة الشكل والدور والهوية للنظام السياسي في عراق مابعد صدام.. ويبدو ايضا ان حالة الفزع هذه لدى رامسفيلد وكوندليزا رايس وتشيني من قبلهم تعني ان واشنطن لاتملك اي ورقة رابحة في يدها من رموز الشيعة ممن يمكن احتواؤهم والرهان على اتجاهاتهم في حكومة العراق القادمة ولعلنا نسأل الى اي مدى تملك امريكا ادارة الواقع على الارض في العراق وبالاخص الموقف الشيعي المطالب برحيلها بأسرع مايمكن وترك العراق للعراقيين والى اي حد تستطيع امريكا احتمال تنامي شعور وطني عراقي ضد الوجود الامريكي في العراق ومواجهة الضغوط الدولية المتوقعة والمتعاطفة مع مطالب العراقيين.. امريكا اليوم في مأزق الحسابات الخاطئة التي بدأت بالملف الافغاني المفتوح على الاخر ووصولا للملف العراقي الذي يفاجئ واشنطن كل يوم بعكس تقديراتها علاوة على معركة دبلوماسية فرضتها بيونغ يانغ عليها من موقع الند للند بعد تراجع خطاب الصقور عن سياسة المواجهة.