احتفلت مجلة القافلة الأسبوع الماضي بعيدها الخمسين، وعلى الرغم من طول المدة التي يندر وجودها في العالم العربي، الا ان القائمين عليها مازالوا عازمين على مواصلة المسيرة. ومع كثرة المجلات المتخصصة وغير المتخصصة، مازالت القافلة تبحث عن مكان لها في مقدمة المجلات مما دعا القائمين عليها الى عمل استبيان لقياس مدى رغبة القراء باستمرار القافلة من ايقافها، أو تحويلها الى نشرة الكترونية، والمفاجأة ان نتيجة الاستبيان أشارت الى ان 1ر89% طالبوا باستمرار صدور المجلة، مقابل 5ر9% رغبوا في ايقاف صدورها. وهنا نتساءل: ما سر حرص القراء على صدورها؟ هناك من يرى ان الدعم المالي الذي تلقاه القافلة من ارامكو السعودية هو السبب في هذا الاستمرار، في حين توقف صدور كثير من المجلات بسبب ضعف الامكانات المالية. ومع الايمان بأهمية الدعم المالي في استمرار وتفوق هذه المشاريع، الا ان المال لوحده لا يستطيع ان يضمن الاستمرار والنجاح، فهناك ما هو اهم منه في مثل هذه المشاريع الثقافية. لعل السبب في تميز مجلة القافلة وقدرتها على الصمود طوال هذه السنين، يرجع الى امرين رئيسيين، نستشفهما من خلال تتبع اصدارات المجلة، كما يمكن ملاحظتهما من خلال الاحتفال الاخير وما صاحبه. الأول حرص القافلة على تكريم من يعمل بها، مهما تقادم عهده، ومن شواهده ما رأيناه في حفلها الأخير حينما كرمت كل من رأسوا تحريرها في لمسة وفاء منذ صدورها، سواء كانوا احياء، أو انتقلوا الى رحمة الله. ان التكريم ليس مؤثرا فيمن كرموا فحسب، ولكنه يؤثر فيمن يعمل ايضا حيث انه يرى هذا التكريم تكريما له، ويؤمن ان عمله لن يضيع، وسيأتي يوم لتكريمه. الثاني وهو بغاية الاهمية - ما يتميز به المسؤولون في هذه الشركة واسرة التحرير م نقد للذات، وتقويم مستمر لما يقومون به، وهذا كفيل بتنامي العمل وتقدمه. ولتأكيد هذه التوجه، يمكننا ان نشير الى نقطة مهمة في افتتاحيات العدد الذي اصدرته المجلة احتفالا بعيدها الذهبي، فقد دعا علي النعيمي رئيس مجلس ادارة ارامكو السعودية - في هذا العدد الاحتفالي - القائمين على المجلة الى الوقوف وقفة تأمل، والانطلاق منها الى محطات اخرى، سعيا الى تأكيد القدرة على التجدد ومواكبة المتغيرات في الصحافة العربية. والى مثل ذلك دعا رئيس شركة ارامكو السعودية، حيث طالب بان تعني القافلة في اعدادها القادمة بمسائل نادرة الطرح في الصحافة العربية مثل العلوم والطاقة والاقتصاد. ويبدو هذا الامر رغبة من رئيس الشركة في ان تقدم المجلة شيئا متميزا باستمرار بحيث تشكل لها هوية في هذا المد المتنامي من المجلات العربية. ولاشك في ان المجلة ستواجه صعوبات كبيرة في المرحلة القادمة، اكبر من اي مرحلة مضت، وذلك يرجع الى المتغيرات في الصحافة العربية، وشدة التنافس. ولكن ما دامت هذه الرؤية حاضرة في عمل المجلة، فانها تستطيع - كما فعلت كثيرا من قبل - ان تحقق ما يصبو اليه قراؤها باذن الله.