ما بين آونة وأخرى يقرر الإسرائيليون تهجير عدد من الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم وتهجيرهم الى بلاد أخرى كما حدث في اتفاق بيت لحم عندما تم إنهاء أزمة كنيسة المهد بنفي عدد من الفلسطينيين الى عدد من دول العالم عيانا وبموافقة وكأن ما قامت به إسرائيل مشروع. لكن ليس هذا هو كل ما تنفذه إسرائيل ضد الفلسطينيين فعمليات الاستيطان تزداد كل يوم وانتزاع أراضى الفلسطينيين منهم بالقوة تحت مسميات مختلفة وبحجج واهية تصب في نهاية المطاف في استمرار المشروع الصهيوني في تهجير الفلسطينيين من أراضيهم بالقوة ولكن بموافقة وتحت أنظار العالم . وباستمرار الحملة الإسرائيلية المحمومة لتوسيع وبناء المستوطنات قررت الحكومة الإسرائيلية تكريس تهويد مدينة الخليل من خلال قرارها الخطير بهدم 15 منزلاً في وادي النصارى في المدينة لتوسيع مستوطنة "كريات أربع" والتي يشكل وجودها وكذلك البؤر الاستيطانية داخلها مصدراً دائماً لتهديد أمن وحياة 120 ألف مواطن فلسطيني في الخليل. وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية قد اعتبروا إعادة احتلال مدينة الخليل "H2" وفرض منع التجول والحصار على البلدة القديمة وإغلاق أكثر من ألف وخمسمائة محل تجاري ومحاولة توسيع هذا الوجود الاستيطاني بهدم المناطق السكنية وتدمير المنازل وطرد أصحابها، إنما يعبر عن استمرار حكومة إسرائيل في نهجها الاحتلالي والاستيطاني. الفلسطينيون الذين لا يملكون حولا ولا قوة أمام تكريس الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية الا أن يؤكدوا أن هذه السياسة العدوانية الإسرائيلية لا تساعد على ترسيخ الجهود للسلام والأمن والاستقرار بل ستدفع الأوضاع إلى مزيد من التدهور الأمني وتعريض حياة المدنيين الفلسطينيين لخطر دائم بسبب هذا الوجود الاستيطاني والتهويد الجاري بما فيها منع الشعب الفلسطيني من الصلاة في الحرم الإبراهيمي الشريف، وهو المدعوم بكل الآلات الحربية الضخمة لقوات الاحتلال الإسرائيلي. وفي مدينة القدس الشريف التي تشهد عمليات تهويد مستمرة كل يوم حيث هدم القوات الإسرائيلية مئات البيوت لفلسطينيين بحجج عدم حصولهم على تصاريح بناء وقامت بعزل المدينة المقدسة بصفة مستمرة وفصلها عن الضفة وغزة ، فيما واصلت الحكومة الإسرائيلية الاستمرار في إقامة سور برلين حول المدينة على أن ينتهي العمل فيه في مارس القادم، في هذا الوقت أعلنت جماعات المستوطنين أنها حصلت على الموافقة والدعم لإقامة 14 حياً استيطانياً جديداً في المستوطنات، ومنها ألف وحدة استيطانية في مدينة الخليل. وقبل أيام طلب موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي من الهيئات القانونية الداعمة للاستيطان تقديم مطالعة قانونية لإضفاء الصفة القانونية والشرعية على البؤر الاستيطانية في مناطق الضفة والقطاع. الى ذلك أثارت أقوال السفير الأمريكي في إسرائيل، دان كيرتسير يوم الثلاثاء الماضي خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هرتسليا ردود فعل غاضبة في إسرائيل حيث قال إن المستوطنين في إسرائيل يمثلون موقفًا سياسيًا معينًا في المجتمع الإسرائيلي ويمثلون الإجماع في الدولة. وأضاف كيرتسير: الحركة الاستيطانية لا تأخذ بالحسبان كيان دولة إسرائيل في المستقبل من خلال الاتفاقات السياسية المستقبلية. وأكد السفير الأمريكي أنه على إسرائيل أن تحدد لنفسها سلم أولويات، وتختار من بين الإمكانيات المقترحة عليها. وذكر كيرتسير أقوال وزير الخارجية الأمريكي، مولين باول، أن الفعاليات الاستيطانية توجد حقائق على الأرض، قبل بدء المفاوضات، وأن ذلك يمس بإمكانية التوصل إلى سلام في المنطقة. فيما عقبت مصادر في مجلس مستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة على أقوال السفير الأمريكي في إسرائيل، دان كيرتسير، بقولها إننا نطالب السفير الأمريكي بالتوقف عن التدخل السياسي في المجتمع الإسرائيلي... ليس لدينا أدنى شك في أن المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة يحظون بإجماع المجتمع الإسرائيلي. مازال كيرتسير يمثل سياسة الإدارة الأمريكية السابقة وليس رأي الكونغرس، مجلس الشيوخ وإدارة الرئيس بوش الحالية. فيما هاجم رئيس حزب هائيحود هليئومي، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، أقوال السفير الأمريكي في إسرائيل، دان كيرتسير، بشدة، قائلا:ً إن: تصريحاته تعتبر تدخلاً سافرًا في شؤون إسرائيل الداخلية. تصريحات من هذا القبيل بالذات، تقلل من إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي لأنها تعد جائزة للإرهاب. من جانبه أكد النائب عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مسؤول ملف الخليل في السلطة الفلسطينية في تصريح ل( اليوم) أن الإسرائيليين يخططون لتوسيع دائرة هدم البيوت في اطار جريمة لتغيير الوضع الديموغرافي في الخليل.وأشار النائب زكي الى آخر التطورات في مدينة الخليل والإجراءات الإسرائيلية التصعيدية لهدم 15 منزلاً ومصادرة مئات الدونمات من الأراضي لتوسيع المستوطنات وإيصال شارع يربط كريات أربع بالحرم الإبراهيمي الشريف وبالمستوطنات الأربع داخل المدينة فيما يشار إلى ان هذه الخطوة تأتي لربط التجمعات الإستيطانية المتواجدة في تل رميدة والدبويا ومدرسة أسامة ومنطقة الحسبة لتحقيق الحلم الإسرائيلي القديم، الذي ما فتئت اسرائيل تحاول تحقيقه من خلال حفر الإنفاق الأرضية، وقد وجدت فرصتها اليوم، مستغلة الظروف الدولية الراهنة في ظل هستيريا البيت الأبيض المنشغل بقرع طبول الحرب في المنطقة. وأضاف زكي أنه يتم تركيز الأضواء على الطريق الجديدة التي تأتي بطول 730م وبعرض 12م لصرف النظر عما هو أخطر وهو مصادرة الأراضي المحاذية لمنطقة البويرة وأبو عياش ووادي الغروس الواقعة ضمن حدود البلدية، حيث قدرت بمساحة 120 دونماً لغايات الإستيطان وتوسيع حدود المستوطنين، علماً بأن الأراضي هي لأغراض الزراعة ويتم تدميرها الآن كما هو الحال في عمليات التدمير للبنية التحتية الفلسطينية وتنفيذ الحلم التاريخي الإسرائيلي في مواصلة الاستيطان وطرد الأغيار، الأمر الذي اصبح واضحاً أن الكثافة السكانية مهددة بتقليصها حسب المصادر الإسرائيلية إلى 2000مواطن وهي مقدمة لتفريغ الأرض وهذا يقود إلى ترانسفير ستقدم عليه إسرائيل في وقت لاحق. واشار إلى أنه إذا ظنت إسرائيل أن الفرصة سانحة لها بفضل الظروف الدولية الحالية ، فطبيعة الأشياء متغيرة ولن يكون لهم ذلك إلى الأبد. مضيفا: كل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل تؤسس لمقاومة من نوع جديد وتخرس كل الألسن التي تتحدث عن السلام المستحيل في ظل عدم نضوج إسرائيل لهذه المهمة .