ان الحديث عن بدايات تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية حديث شائك يتشابه فيه المسكوت عنه والرفض التام والحاجة إليه، وقد مر هذا الموضوع (تعليم المرأة) في البداية بميلاد عسير، لولا حكمة وحنكة الملك سعود بن عبدالعزيز يرحمه الله حيث قال للراغبين: أبشروا، وللرافضين: لا تبتئسوا، فليس هناك فرض على من لا يرغبون ادخال بناتهم تحت مظلة التعليم والثقافة، والاستفادة من الفرص التعليمية والوظيفية التي أتاحها ذلك المنهج للفتاة، التي وجدت نفسها فيما بعد، تتربع على كرسي الاستاذة، والمديرة، والطبيبة، والمهندسة، وعضو مجلس الشورى، ونائبة للوزير في مجال التعليم. وقد فات الأخ القشعمي جزاه الله خيراً أن ينوه عن (جمعية فتاة الخليج بالخبر) التي كونها بعض رجال الأعمال وبعض المسؤولين، حيث تداعى نخبة من النابهين، من سكان مدينة الخبر، في عام 1379ه ، للاجتماع للتخطيط لفتح مدرسة خاصة لتعليم البنات. وقد ظل هذا الموضوع على هامش تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية، لولا اشارات هنا واشارات هناك ترد ضمن مؤلفات تغلب عليها العمومية التاريخية أو الجغرافية أو البحوث الأكاديمية، حتى تصدى أخونا الاستاذ محمد بن عبدالرازق القشعمي، الذي كرس جهده لبحث البدايات في مجال الصحافة وروادها في المملكة العربية السعودية والخليج العربي، والإلمام بسير بعض أعمدة الثقافة في الوطن العربي، وكانت تلك البحوث جزءا من نشاطه الذي لولاه لطمست بعض المعالم، ونسيت أكثر الحقائق التي تعتبر جزءاً مفصلياً في تاريخنا الحديث. ولقد كان لي حظ من معرفته عن قرب، لأخرج من تلك المعرفة بصور ناصعة توحي لمن يتعمق فيها انه أمام انسان رائع لا يهادن حقائق التاريخ. والكتاب الذي أمامي (بدايات تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية) موضوع كبير ويحتاج الى مجلدات، إلا أن أخانا القشعمي جزاه الله خيرا قدم لنا دراسة قيمة مختصرة يسهل حملها في الجيوب وفي الصدور .. وكانت بداية أخينا القشعمي في بحثه منذ صدور الأمر الملكي بفتح مدارس البنات، حيث مهدت لذلك بما يوجد من كتاتيب للبنات والصبيان، وعدد أسماء المعلمات (المتطوعات) وأماكن تواجدهن والمعلمين (المطاوعة) وأماكن تواجدهم ثم دخل على الموضوع، كيف ابتدأ التنفيذ وكيف تمدد، ورأى الناس فيه منفعة لبناتهم وحفظاً من كل الموبقات وتيسيراً للعمل والمشاركة في الحياه العامة؛ مما حدا ببعض الآباء الى الاستفادة من هذا النهج القويم‘ عندما أصبح تعليم البنات إضاءة كاشفة أنارت في دهماء ظلمات الجهل، وتأهلت الفتاة للعمل في الوظائف العامة، فرأينا الكثيرين من الآباء يوسطون من يرجون عونه في تعيين بناتهم في بعض الوظائف المرغوبة، وفي الأماكن القريبة من مقار سكنهم، وأصبحت مؤسسة تعليم البنات تنافس مؤسسة تعليم الذكور عدداً وقوة، بتعدد اتجاهاتها وأنشطتها ومنافعها للفتيات وأهاليهم الذين لمسوا المنفعة فآمنوا بها. وقد فات الأخ القشعمي جزاه الله خيراً أن ينوه عن (جمعية فتاة الخليج بالخبر) التي كونها بعض رجال الأعمال وبعض المسؤولين، حيث تداعى نخبة من النابهين من سكان مدينة الخبر في عام 1379ه للاجتماع للتخطيط لفتح مدرسة خاصة لتعليم البنات، حيث تم انتخاب أول مجلس آباء لتلك المدرسة من السادة عبدالعزيز بن ماضي وعبدالعزيز القصيبي ومحمد الخزيم ومحمد بن مانع وعبد الرحمن الشعوان واحمد بن راشد المبارك وأمير الخبر عبدالرحمن بن عيسى الرميح يرحمهم الله جميعاً [1]، وكانت باكورة أعمالها فتح مدرسة للبنات التي لا تزال تزاول مهماتها بعد تطوير أنشطتها، وان كان ذلك لا يقلل من جهد المؤلف، الذي أكن له كل محبة وتقدير .. لقد اجتهد المؤلف، كما هو في اصراره على البحث والتنقيب عن بعض الصفحات المجهولة من تاريخنا، لينفض عنها غبار الجهل ويبرزها للقراء نقية تستحق الاكبار لما قدمه هذا الباحث الجاد لوطنه العزيز. وقد أحسنت المجلة العربية، حين أصدرت هذا الكتاب ضمن اصدارات المجلة العربية تحت رقم (170)، مرفقاً بعدد صفر عام 1412ه من المجلة العربية.