في زمن طغت فيه الماديات على الانسانيات وغلبت فيه المصالح الشخصية على الصالح العام، قد يقول قائل انه لم يعد هناك مكان للتفكير بلغة المشاعر أو العواطف ولا وقت للحديث عنها. وبمعنى آخر، فان زمن المشاعر الصادقة قد ولى الى غير رجعة وانك لكي تصل الى ما تريد وتحقق ما تصبو اليه، فلابد ان تنتزع من قلبك كل شيء اسمه مشاعر، لانها تعني الضعف والهوان والانهزامية فهل هذا صحيح؟ هل صحيح اننا ملزمون بانتزاع الرحمة من قلوبنا وقطع اواصر المحبة والتواصل فيما بيننا والتنازل عن كل ما كنا نفتخر به من انسانيات جميلة وراقية؟ ان كل تلك الاشياء الجميلة لا ينميها بداخلنا ولا يقوي من وجودها بعد الله فينا سوى تلك المشاعر الانسانية الجميلة التي نتحلى بها وتعتبر جزءا اساسا فينا حتى لو انكرنا ذلك او تجاهلناه وحتى لو جاء لنا اظهار عكس ذلك وبأننا اقوى من ان نظهر مشاعرنا للآخرين مما قد يوحي بصعفنا او خلاف ذلك. ان هذه المشاعر الحلوة مهما حاولنا انتزاعها من قلوبنا ومهما تجاهلنا وجودها ومهما استبدلنا بها اخرى مهما كانت الاسباب، فلن ننجح في مسعانا وان نجحنا فوقتيا لأننا سوف نجد انفسنا نفكر بمشاعرنا ونتحدث بها ونحتكم اليها شئنا أم أبينا. وحقيقة الأمر فليس منا انسان الا وقد مر بتجربة المشاعر في حياته وأحس بها بشكل او بآخر وربما مرت عادية بالنسبة له دون ان يعني له ذلك شيئا او تؤثر فيه. وليس منا ايضا الا وقد تأثرت حياته يوما ما بتلك المشاعر وربما غيرته من رأسه الى أخمص قدميه على نحو لم يحسب حسابه ولم يهيأ. والسبب ببساطة شديدة جدا ان هذا الانسان الذي هو انا وانت وهو وهي كتلة من المشاعر والاحاسيس والعواطف الخامدة حينا والمتأججة حينا آخر. ونحن حينما نتحدث عن لغة المشاعر فلا نقصد بها تحديدا لغة الحب او لغة العاطفة الرومانسية فحسب كما يبدو للبعض وان كان الحب نوعا واحدا من المشاعر ولا نستغني عنه ولا نتصور حياتنا من دونه ولكننا حينما نتحدث عن المشاعر فاننا نتحدث عن أنواع كثيرة منها مشاعر التضحية والبذل ومشاعر السعادة والفرح ومشاعر العتاب الرقيق الذي لا يصدر الا من محب وليس أي محب بل محب ارتاح اليك ووثق فيك ووجد نفسه جزءا لا يتجزأ منك لذلك لا يتصور منك الا كل شيء جميل يتوافق وتلك الصورة الجميلة التي هي لك في مخيلته. انك كانسان صادق لا تريد احيانا من الطرف الآخر الذي تحبه وتعزه وتكن له مكانة خاصة في قلبك لا تريد منه سوى ان يكون بالقرب منك ويحس باهتمامك به وخوفك عليه. تريد من هذا الانسان الذي ليس هو أي انسان بالنسبة لك تريد فيه ان يعتبرك نفسه ولا يتردد لحظة واحدة في التعبير عن رأيه او الادلاء بدلوه او مصارحتك بأي شيء في نفسه مهما كان هذا الشيء حتى لو كان عتابا لك أنت شخصيا. والسبب ببساطة ايضا هو ان مفهوم السعادة لديك في ان تراه سعيدا ومبتسما وليس هناك ما يؤرقه او يضايقه. ان جمال المشاعر الصادقة وحلاوتها يكمن في بساطتها وعفويتها وعدم تكلفها يكمن في تلك النظرة الآسرة التي حينما تنظر اليها تشعر بوخزة غريبة بداخلك لم تعهدها من قبل، وخزة ربما استمرت معك لحظات ودقائق يعقبها مشاعر سعادة تتمنى ألا تزول. ويكمن في ذلك الحديث العذب الذي حينما تصغي اليه تشعر انك وسط واحة غناء مليئة بتغاريد العصافير التي تشكل انغاما عذبة وسمفونية رائعة متناغمة الالحان والايقاعات. ويكمن في ذلك السكوت المختلف عن أي سكوت، ذلك السكوت الذي يعني لك الكثير والكثير، ذلك السكوت الذي يعني لك لغة خاصة بكل أبجدياتها ومفرداتها ومقوماتها الخاصة التي لا تصلح الا مع ذلك الانسان الجالس أمامك فقط. ترى أهي لغة تأمل هي ما نخاطبها؟ ترى ماذا يعني سكوتنا في لحظات رائعة؟ أهي رغبتنا في الاستمتاع دون منغصات؟ أهي انانية منا في ان نستمتع وحدنا دون ان نبوح بمشاعر السعادة التي نشعر بها لغيرنا. بالتأكيد ليست لدينا اجابات مقنعة او محددة، وربما تكاد تكون تلك اللحظات هي اللحظات التي أنت على اتم الاستعداد لان توصف بعدم الفهم والأنانية.... الخ فهذا لايهمك أبدا فعدم الفهم راحة أحيانا، وعدم الدخول في تفاصيل راحة أكثر أحيانا أما الجلوس مع النفس والتأمل في من حولك وفي من أيقظ بداخلك احاسيس مختلفة وفي من غير مجرى حياتك ونظرتك للحياة فتلك راحة اخرى يصعب وصفها. ان محاولة الحديث بلغات العالم أمر ممكن حتى لو كنت من دون مشاعر ولكن الحديث بلغة المشاعر فأمر صعب لا يتقنه سوى من يفهم المشاعر ويقدرها ويحس بالآخرين واظنك عرفت الآن الفرق بين اللغة التي اخاطب بها الآخرين واللغة التي اخاطبك بها. أظنك عرفت لماذا عتاب من يحبك يختلف عن عتاب الآخرين لك ولم توقعاتهم منك اكثر من توقعاتهم من غيرك، بل ولماذا الحديث والجلوس والتعامل معك يختلف حينما يكون مع سواك. ألك لغة في حد ذاتها تميزك وتفردك وبيدك الكثير الذي بامكانك ان تسعد به نفسك وتسعد به الآخرين فهلا أدركت ذلك؟ وهلا ادركت ان هناك من يقدر مواهبك ويحترم مشاعرك ويراعي ظروفك ويتعامل مع احتياجاتك الخاصة بطريقة انت تريدها وترتاح اليها؟ انها لغة المشاعر هي ما يجمعنا ويقربنا وهي ما يبعدنا ويفرقنا فهلا جعلناها وسيلة تقارب وتواصل مع من حولنا ولغة حوار هادىء وجميل مع من نحب؟ انها أمنية!! @@ همسة كثيرا ما رجوتك.. وما زلت أرجوك.. وكثيرا ما طلبتك.. ومازلت أسألك.. ان تكون قريبا مني.. كما انا قريب منك.. وأن تحس باهتمامي بك.. وحرصي عليك.. وحبي لك.. @@@ كثيرا ما قلت لك.. ان ما اريده منك.. ليس كثيرا علي.. وليس صعبا عليك.. هذا ان كنت انا بالنسبة لك كما هو أنت بالنسبة لي.. في حبك.. ومعزتك.. وغلاوتك.. نعم كثيرا ما قلت لك.. ومازلت أقول.. ان ما أريده منك.. هو ألا تخجل مني.. مهما كانت حساسية موقفك.. ومهما كانت قسوة ظروفك.. ومهما كانت غرابة تصرفك.. ومهما كانت نظرتك لنفسك.. @@@ ما أريده منك.. هو ألا تعتبرني غريبا عنك.. حينما تريد من يسمعك.. ويصغي اليك.. وحينما تريد من تفضفض اليه.. بكل حرية.. @@@ ما أريده منك.. هو الا تتردد لحظة واحدة.. حينما تريد مني.. أن أقف معك وبجانبك.. وأحنو عليك.. @@@ كل ما عليك حينها.. بل في كل وقت.. هو ان تقبل عليّ.. أن تقول لي ما في نفسك.. بكل صراحة.. أن تطلبه مني.. دون خوف.. أو تردد.. أو تأجيل.. @@@ لأنك تعلم تماما.. أنه ليس لدي من هو اغلى منك.. وليس لدي ما أخفيه عنك.. أو أفضله عليك.. فقط أقبل عليّ.. وستجدني.. بعبير الشوق أنتظرك.. وبورود الغلا أستقبلك.. وبحنان العالم أغمرك.. @@@ بل إن شئت.. فان ما عليك فعله.. ان تأخذ نفسك.. كما انت.. وتأتي الي.. مهما كانت الوسيلة.. ومهما كان الوقت.. أينما كنت أنا.. ومع من كنت.. ولا داعي لأن تقول شيئا.. لأن تطلب شيئا.. أو أن ترتب لقول شيء لي.. أو تبريره.. لا داعي لذلك كله.. @@@ لاني سوف أفهم ما تريد.. في حينها.. سوف أدرك ما تحتاج.. من مجرد النظر اليك.. والحديث مع لغة عينيك.. من مجرد سماع صوتك.. والاحساس بنغمة انفاسك.. من مجرد سكوتك.. لأنني افهم لغة صمتك.. وأدرك ما تعنيه.. وأقدرها وأحترمها.. مهما كان طول انتظاري لها.. ومهما كانت رغبتي في نهايتها.. @@@ أتعرف لم؟ لأنني اتفهم وضعك.. واقدر موقفك.. وأحترم مشاعرك.. وأعرف أنك تتحدث لغة.. لا يفهمها سوي انا.. ولا يقدرها سوى انا.. اتعرف معنى هذا؟ أتدرك ما يعنيه؟ ان كنت لم تعرف بعد.. او تريد ان تعرف.. فابحث هنا وهناك.. اسأل هنا وهناك.. ولكنك سوف لن تجد.. سوى مشاعري تجيب عليك.. حولك في كل مكان.. تقول لك: انا لك.. فماذا تنتظر؟ ومم تخجل؟ وعلام تتردد؟ الا يكفي ان من يجيبك.. هي من تريد ان تسمعها؟ هي من تتمنى ان تكون معها؟ هي المشاعر نفسها؟ فماذا أكثر؟