ما أحوجنا في هذا الشهر المبارك.. رمضان.. وفيه ليلة خير من ألف شهر الى احياء روح الأسرة في بيوتنا.. فتحليق أفراد الأسر حول طاولة الطعام عند الافطار والسحور تبدو فرصة سانحة للغاية لتأصيل تلك الروح وترسيخها من جديد لتغدو عادة من عاداتنا الاجتماعية التي يبدو ان اشعتها آخذة في الأفول والضمور لأسباب متعددة أهمها ما طرأ على حياتنا من متغير ومستجد لاسيما ما تعلق منها بدخول تلك الأدوات الاتصالية الحديثة الى بيوتنا وعلى رأسها هذه الشبكة العنكبوتية التي ما زالت تحاول انتزاع تلك الروح من أجسادنا, روح الأسرة الواحدة التي نوهت عنها قبل قليل. ان يسمر أفراد العائلة أمام شاشات تلك الشبكة ساعات طويلة هو استنزاف لتلك الروح التي عرفنا وتميزنا بها.. فمجتمعنا في هذه البلاد بفضل الله وحمده هو مجتمع روحاني لا مادي رغم طغيان المادة على كثير من مجتمعات الأرض, فعقيدتنا عرفت بأنها عقيدة التوازن والاعتدال.. وهذه ميزة فريدة قلما تتوافر في كثير من المجتمعات, غير انني اشعر شعورا قد يشاركني فيه البعض وهو ان تلك الشبكة وغيرها من الوسائل الاتصالية والمعلوماتية قد سحبت البساط من تحت أرجلنا, او من تحت أرجل معظمنا على الأقل, وهذه مصيبة لا بد ان نراجع أنفسنا للحد من سيطرتها.. وللتخلص منها ما استطعنا الى ذلك سبيلا. واطلالة رمضان هي خير فرصة سانحة للعودة الى تلك الروح الأسرية التي يجب تغذيتها باللقاءات والحوارات والمناقشات بين أفراد الأسرة بدلا من صرف الوقت واضاعته أمام تلك الشاشات على اختلاف أنواعها, فحري بنا ان نلتفت في هذا الشهر الى انفسنا.. ويكفي ما أهدرناه في سائر شهور العام من أوقات ونحن (نبحلق) في تلك الشاشات ليل نهار.. فالفرصة مواتية لنعود الى أنفسنا بعض الوقت.. ولنا ان نتصور الفارق الشاسع بين حياتنا قبل أربعين عاما وحياتنا الحاضرة, فكلنا يتمنى العودة الى دفء الماضي وحلاوته وبهجته حيث كان التواصل الأسري شائعا.. والأبواب مفتوحة.. والقلوب خالية من الهموم والأمراض.. وقد تبدلت الأحوال في هذا الزمان تبدلا غير خاف على أحد. فهل حاولنا العودة الى تلك الحقبة قليلا؟ لا أحد ينكر انها كانت الاجمل والأروع.