مرة أخرى كل عام وأنتم بخير، وبعدها أقول إن رمضان الاقتصادي الجشع، أخفى بصخبه لسنوات عديدة رمضان الكريم الروحاني، وتحول من شهر عبادة وتأمل، إلى شهر أكل وشرب، ومرح مبالغ فيه، إلا من رحم ربي، وهذه هي صورة أيامنا حتى أن العمرة الرمضانية، وصنوف التعبد تحولت عند البعض إلى مظاهر، ثم ركض لاهث وراء الترفيه مع أن المفترض أن يصير شهر رمضان هو شهر التبتل، والعودة إلى الله وغسل أدران الحياة المادية بعد سنة من غربة الحياة وصراعها المرير. هل من عودة لرمضان الروح؟.. قد تبدو إجابة السؤال في هذا التسارع في إيقاع الحياة مستحيلة، لأن وسائل الاتصال الحديثة من (إنترنت) محطات فضاء، وأماكن تسوق براقة كلها تتقاسمنا في جشع غير مسبوق لننسى أنفسنا، وفرق مناسباتنا الدينية، وأعيادنا، وإذا ما استثنينا القليل من غير القادرين من الناس، فإن كل أدوات الترفيه وأماكن التسلية، تجد فرصتها الموسمية في ليل هذا الشهر الكريم، وبعده نوم النهار الطويل الذي يريح الجسد لمزيد من الترفيه، ولا أحسب أن شعبا من شعوب الأرض يستهلك نفسه في السياحة والترفيه كما يفعل القادرون على ذلك من السعوديين، حيث يفقد الاعتدال في تطرف في كل اتجاه لينعدم الوسط بين أي نقيضين، وهذه مشكلة سلوكية في المجتمع تحتاج إلى التأمل، وكثير من التمعن، وطرح سؤال الأثر المنعكس في السلوكيات مثل ماذا يسوق السعوديين إلى هذا الإسراف المتناقض ويعوق وجود مجتمع متوازن يعمل باعتدال، ويرفه باعتدال، ويأكل باعتدال، ويعطي مناسبات الروح الرمضانية حقها لتصفي حياته، ويتجدد وجدانه لمزيد من الحياة المنتجة، وليس المتواكلة. إذا قال أحدكم إننا نحتاج كثيرا من الدعوة والوعظ والتوجيه سأقول نعم، ولكننا اليوم نضخ الكثير من الوعظ الشيق ولا تتغير حالنا، وهنا تكون المشكلة في فقدان الوعظ والتوجيه النوعي، وأضغط هنا على كلمة (النوعي المؤثر)، وألونها بلون أحمر، فدروسنا لا تؤثر في لجم جشع الناس في رمضان الاقتصادي، وتعيدهم إلى موازنته مع رمضان الروحاني، لذلك فالتوجيه النوعي هو الحلقة المفقودة في كل المسألة، وهذا نراه بين تطرف غير محمود يرفض حتى الترفيه البريء، وتطرف يسرف في نسيان الروح في ملذات الجسد. لا تدرك حلاوة الحياة إلا بمرارتها، ولا يدرك التوازن إلا بلجم الشهوات، ولا تهذب الشهوات إلا بمقاومتها دون رفض يؤدي للكبت، فالتاريخ الإسلامي يعطينا صورا مشرقة لتوازن الحياة الرمضانية قبل هوس عالم السوق الذي يحث على الجشع، والمفاخرة في سلوك الاستهلاك، والإسراف المنهي عنه في كل شيء، وهوس التطرف، والتشدد الذي يبعد الناس عن الدين. كل عام وأنتم بخير [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة