حضر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام مساء امس جلسة مجلس الشورى الاعتيادية السابعة والثلاثين التي عقدت بمقر المجلس في الرياض.ووصل سموه الى مقر المجلس يرافقه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض. وبعد أن أخذ سمو النائب الثاني مكانه، افتتحت الجلسة وألقى سموه خطابا نقل خلاله تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - أيده الله - وولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - وتقديرهما لدور المجلس وما يصدر عنه من قرارات بناءة وفي مستوى المسؤولية التي يباشر بها مهامه ملتمسا المصلحة الوطنية العليا خاصة الأفكار النيرة واقتراحات ايجابية لتحديث الانظمة وتطوير الاجهزة الحكومية مستندين في ذلك على دراسات مستفيضة وأسس علمية تحكمون فيها العقل والبصيرة. وهنأ سموه الحضور بحلول شهر رمضان المبارك وأشار الى تمسك المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها بمنهج الشورى بوصفه مبدأ من مبادئ الدولة الاسلامية ومرتكزاتها حيث حرص جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على انشاء مجلس الشورى منذ السنة الاولى لاتمام مسيرة التوحيد كما حرص تغمده الله بواسع رحمته على ارساء مقومات الدولة الحديثة وبناء مؤسساتها. واستطرد سموه قائلا: ثم توالت مسيرة البناء والتطوير في عهود أبنائه أصحاب الجلالة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله حتى جاء عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده - حفظهما الله - الذى ترسخت فيه مؤسسات الدولة الدستورية حيث صدر النظام الاساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق وقد شكلت هذه الانظمة منظومة متكاملة وأنموذجا متميزا لبناء الدولة العصرية. كما صدر العديد من الانظمة والاجراءات الهادفة الى دعم القطاعات القضائية والتعليمية والصحية والاجتماعية وتحديث وتحسين الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وزيادة فرص العمل ومساندة القطاع الخاص لينهض بدوره فى مسيرة التنمية حيث تم اعادة تشكيل المجلس الاعلى لشؤون البترول والمعادن وانشاء المجلس الاقتصادي الاعلى وانشاء الهيئة العامة للاستثمار والهيئة العليا للسياحة وانشاء صندوق تنمية الموارد البشرية. ونوه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بما يوليه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - من اهتمام وعناية بتحديث وتطوير كافة القطاعات العسكرية والامنية والتي تمكنت بتوفيق الله ثم بفضل هذا الدعم السخي المتواصل من تحقيق انجازات كبيرة تمثلت في استقطاب وتأهيل أعداد كبيرة من أبنائنا المواطنين وتطوير البنى التحتية العسكرية واقتناء أحدث الاسلحة للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين كما تمكنت من المساهمة في مسيرة التعليم ببناء المدارس والمعاهد والكليات وتوفير الرعاية الطبية المتقدمة للمواطنين. وقال سموه: إنه مع كل ما تحقق من انجازات فان توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - تقتضي مضاعفة الجهود وتحسين مستوى الاداء واخضاع الانظمة للمراجعة والتقويم وسنستمر - بإذن الله - بالاخذ بكل أسباب التحديث والتطوير ساعين فى ذلك الى كل ما فيه خير المواطنين. وأضاف سمو النائب الثاني يقول: بقدر مايوليه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - من اهتمام بالشؤون الداخلية فقد أوليا قضايا أمتنا وعلى رأسها القضية الفلسطينة بالغ اهتمامهما ولقد عايشت المملكة العربية السعودية هذه القضية منذ نشأتها فعملت كل ما تستطيعه لمساندة الشعب الفلسطيني ورفع الظلم عنه وتحقيق اماله وأهدافه المشروعة فى اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وأكد أن المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا وحكومة تعيش هذه القضية بكل همومها وآلامها ومن هذا المنطلق طرح أخي صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني مبادرة المملكة السلمية التى تبنتها القمة العربية الاخيرة في بيروت. وقال: اننا اذ نتألم اليوم لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار واضطهاد وتنكيل وهدم للمنازل وقتل للابرياء لنأمل أن يسارع المجتمع الدولي في بذل كافة الجهود لانصاف هذا الشعب الصامد من الظلم الفادح الذى يتعرض له بما يحفظ له كرامته وحقوقه وسيادته على أرضه ومقدساته. أما مسألة العراق فلا يخفى عليكم ملابساتها وظروفها وقد أعلنت المملكة العربية السعودية سياستها تجاه هذه القضية والمتمثلة في المحافظة على الشعب العراقي وسلامته ووحدة أراضيه ونرجو أن تكون عودة المفتشين الدوليين الى العراق فاتحة أمن وسلام يجنب العراق وشعبه العزيز والمنطقة المخاطر والاضرار. وتطرق سموه الى الحملات المغرضة ضد المملكة وقال: انني أعلم أنه يشغلكم ما يثار بين حين واخر ضد المملكة العربية السعودية من اتهامات وادعاءات باطلة وفي هذا الصدد فانني أود التأكيد على أن ذلك كله لن يزيدنا الا تمسكا بمبادئنا الاسلامية الخيرة التى قامت عليها هذه البلاد انها مبادئ العدل والشورى والاصلاح والمساواة في الداخل والمشاركة الفعالة على المستوى الدولى لتحقيق السلم والامن الاقليمي والعالمي والتعاون مع الاسرة الدولية في مختلف المجالات وبما يسهم فى تعزيز الحوار والتعايش بين الشعوب والحضارات. ونوه سموه الى أن المملكة العربية السعودية سباقة الى المشاركة في كل مامن شأنه ارساء دعائم الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب فى كل صوره وأشكاله. وقال: من هنا كان من الطبيعي أن نبادر الى ادانة واستنكار الجرائم الارهابية البشعة التي شهدتها الولاياتالمتحدةالامريكية ونتج عنها قتل للابرياء وترويع للآمنين وأن تشارك المملكة العربية السعودية في المجهود الدولي لمكافحة الارهاب فنحن في هذه البلاد قد عانينا منه وتصدينا له بكل ما أوتينا من قوة لان هذا هو منطلق عقيدتنا وتراثنا وأخلاقنا فالاسلام دين أمن وسلام ودين محبة ووئام ودين تعاون بين البشر والاسلام بكل مبادئه ومضامينه يحرم الاعتداء على الانسان وهذا واضح في قول الله عز وجل ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، كما قال عز وجل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. وفي ختام كلمته أعرب سمو النائب الثاني عن ثقة قيادة المملكة في مجلس الشورى وهو يضم نخبة مختارة من أرجاء الوطن وقال: إن المجلس سيستمر بفضل الله ثم بفضل البصيرة المستنيرة التي رسمت مسيرته في القيام بدوره المأمول ويسهم فى خدمة مصالح العباد والبلاد ويكون رافدا فى المشورة والرأى وعضدا فاعلا للحكومة في اتخاذ القرار وسداده. وكان معالي الامين العام لمجلس الشورى الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر قد استهل الجلسة السابعة والثلاثين بتلاوة جدول أعمالها، ثم القى معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ صالح بن حميد كلمة بهذه المناسبة منوها باجابة سمو النائب الثاني لدعوة مجلس الشورى لحضور الجلسة وقال: إن هذه الاجابة تأتي ضمن ما يلقاه المجلس من لدن ولاة أمرنا حفظهم الله من دعم ومن ثقة .. كما أن هذه الاجابة تأتى فى سياق تفهم القيادة والمواطن لطبيعة المجلس ومهماته. وأكد على مبدأ الشورى من أهم المبادئ التي يقوم عليها الحكم في الاسلام ومن ثم تقوم عليه هذه البلاد ولله الحمد وقال: انه مبدأ من مبادئ شريعتنا وأصل من أصول الحكم ومنصوص عليه فى نظامنا الاساسى ونعيشه ممارسة فى مجالات شتى. واضاف أن الشورى وسيلة من وسائل تحقيق العدل وتنفيذ الشرع وتحقيق مقاصد الدين وتحقيق التوازن بين حقوق الافراد وحقوق الامة ومن كمال هذا الدين وشموله وصلاحيته لكل زمان ومكان، مشيرا الى أن مجلس الشورى في المملكة يمثل ركيزة اساسية في العملية التطويرية، في الشأن التخطيطي والتنظيمي والرقابي، اضافة الى تميزه بحرية الرأي والموضوعية وغياب التكتلات والانتماءات وتغليب المصلحة العامة. عقب ذلك دار حوار بين سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز وأعضاء المجلس تخلله العديد من الاسئلة التى أجاب عنها سموه بصدر رحب. وفى ختام الجلسة تشرف بالسلام على سمو النائب الثاني أعضاء مجلس الشورى . جلسة مجلس الشورى