وصل رمضان الشهر الذي تتوحد فيه مشاعر المشاركة والتراحم في المجتمعات الإسلامية.. والذي تسمو فيه النفس البشرية بأفعال الخير واعمال البر الى جانب اداء العبادة التي امر الله بها أمة الاسلام والتي يمسك فيها الانسان حواسه كلها ابتغاء مرضاة الخالق.. لأعوام عديدة ظل هذا الشهر الكريم يطل ويروح والأمة تمنى النفس بتغير الحال الذي لا يسر اليوم على الاطلاق.. ولئن كان معظمنا يتفرغ للجانب العبادي الذي تتضاعف فيه الحسنات للعباد، إلا ان جملة الفضائل والدروس الروحية والتربوية للسلوك البشري كثيرا ما نغفل عنها ولا نكلف انفسنا التأمل في أحوالنا وعللنا التي تسببت في تردي واقعنا كأمة مسلمة وكرست في مجتمعاتنا الإسلامية من جاكرتا وحتى تمبكتو أمراض الجسم وعلل الفكر وتنامي ظواهر البؤس والفقر والإستهلاك والاعتماد على الآخر. يظلنا رمضان هذا العام ونحن والإسلام في خندق المواجهة التي فرضتها القوة الأمريكية العظمى علينا منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م.. في مواجهة غير عادلة وغير متكافئة كهذه قد تكون فرصتنا الأثمن لمراجعة واقعنا من الداخل ومحاسبة انفسنا كما قال ربنا في محكم التنزيل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. فرصة المواجهة هذه غير صحيح انها عسكرية صرفة بمنطق ما يحدث في افغانستان وربما ما سيحدث للعراق لاحقا، بل هي مواجهة افكار وصناعة إنسان قوي ومنتج في الداخل لتغيير أوضاع الانكسار التي جعلت من الدول الاسلامية مساحات للشرور والفوضى التي تصدر باسم الإسلام والمسلمين في حقبة العولمة هذه.. روح المساءلة هذه قد لا يملك المواطن المسلم فيها اكثر من الاستعداد، لكونها منوطة بالحكومات ومؤسسات صناعة القرار السياسي والاقتصادي لتبنى استراتيجية مواجهة حقيقية وتكاملية فيما بين المنظومة الاسلامية.. وعلينا ان نتوقف عن الصراخ وسياسة الشعارات وتهييج الجماهير والبدء في العمل، وكل عام وانتم بخير. ولله الأمر من قبل ومن بعد.