(ويل لأمة تأكل مما لا تنتج وتلبس مما لا تصنع).. قول من الاقوال الخالدة التي قرأناها وتحاورنا حولها حينما كنت وزملاء الدراسة واقران الفتوة نتجاذب في مجالسنا الحديث حول هذا القول وغيره. وتأتي خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية خلال العقود الثلاثة الاخيرة من تاريخ مملكة الخير مهوى افئدة المسلمين لتحول الصحراء التي عانت ومازالت تعاني قلة الماء الى مزارع شاسعة ومصانع عملاقة ومعاقل علم شامخة. واذا بشعب المملكة يتفيأ ظلال الرخاء في المعيشة والحياة.. وصرنا (نأكل مما ننتج ونلبس مما نصنع) واذا بانسان الوطن السعودي الغالي يثبت كل يوم قدراته ومواهبه ومهاراته التي صقلها ونماها التعليم والتدريب. وصار يتولى امور المجتمع ويشارك في تحمل اعباء التنمية وان ذلك غير خاف على الباحثين والمتأملين من الراغبين في التعرف على حقيقة المعجزة التي تحققت على ارض المملكة. والتي تحتاج الى عشرات الكتب والدراسات للحديث عنها. واقرب مثل على معطيات التنمية الشاملة ماتم تدشينه او افتتاحه في المنطقة الشرقيةوالاحساء من انجازات تنموية خلال اسبوع واحد حيث تشرف اهالي المنطقة الشرقية ومنطقة الاحساء باستقبال ولي العهد الامين صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز وصحبه الكرام، في الفترة من 6 12 شعبان 1423ه الموافق 1218 اكتوبر 2002م فافتتح مشروعات صناعية عملاقة للبتروكيماويات في مدينة الجبيل عاصمة الصناعة بالمملكة وتم تدشين مشروع ايصال مياه تحلية الخبر الى مدن المنطقة الشرقيةوالاحساء. وفي احساء التنمية وتحديدا في يوم الاربعاء 1423/8/10ه قام سموه الكريم بافتتاح معمل غاز الحوية الذي ينتج نحو مليار واربعمائة مليون قدما مكعبة من الغاز الطبيعي. حيث اوضح معالي وزير البترول ان المملكة تعد من اكثر الدول في العالم تطورا في صناعة الغاز واستخداماته على جميع المستويات وان احتياطي المملكة من الغاز الطبيعي يصل الى 224 تريليون قدم مكعبة مما يجعلها تمتلك رابع اكبر احتياطي في العالم (اعتقد ان التريليون الواحد يساوي الف مليار) والله اعلم. وان الكشف المستمر عن الغاز يوضح زيادة مطردة في احتياطي غاز المملكة وقد كان الشباب السعودي على مستوى الحدث حيث انجزوا المشروع في فترة قياسية تقل عن المدة المقررة. انهم جيل التنمية. وهم فخر الوطن. وتألقت الاحساء في يوم الخميس 11 شعبان 1423ه فخرا واعتزازا بتشريف سموه الكريم وافتتاحه مستشفى الحرس الوطني. انجازا طبيا عملاقا من شأنه الرعاية الطبية الكاملة لمنسوبي الحرس الوطني وذويهم. وحيث قام سموه الكريم بتدشين مصنع النسيج بالاحساء الذي اسسته (شركة الاحساء للتنمية). هذه الشركة التي وفت بما وعدت وحققت الحلم والامل بجدارة وبجد رجالها وسواعد العاملين فيها. وتلألأ شعار رفعه عبدالعزيز سليمان العفالق رئيس مجلس ادارة الشركة وهو: (ثيابنا من صنع أيدينا). وتجول سمو ولي العهد بالسيارة في انحاء المصنع وشاهد انجاز التنمية يتحقق بفضل الله عز وجل ثم بفضل الجهود المبذولة من القطاع العام والقطاع الخاص. وابان معالي وزير الصناعة والكهرباء الدكتور هاشم بن عبدالله يماني : ان في الاحساء (122) مصنعا منتجا. وان هناك (177) مصنعا للنسيج والملابس بالمملكة ورأى صاحب السمو وصحبه الكرام الاقمشة والعباءات النسائية التي انتجها المصنع وصافح العاملين من الشباب السعودي والشباب الياباني الذين تعارفوا فتآلفوا فتعاونوا على الخير. وصدق الله العظيم في قوله تعالى: (...وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وتتألق الاحساء وشركة التنمية بافتتاح سمو ولي العهد (مستشفى الاحساء) الذي جاء انجازا طبيا عملاقا من انجازات شركة الاحساء للتنمية ليكون صرحا طبيا يضاف الى عشرات المستشفيات والمراكز الصحية الاولية وعشرات المستوصفات الاهلية. واتذكر الاحساء في سنة 1385ه 1965م حينما كان لايوجد بها الا مستوصف واحد بمدينة الهفوف وآخر بمدينة المبرز. وفي احساء التنمية.. افتتحت في هذا العام 1423ه 2002م مؤسسات جامعية عملاقة لتنضم الى المؤسسات الجامعية القائمة: كلية الطب والعلوم الطبية بجامعة الملك فيصل بالاحساء. كلية العلوم بنفس الجامعة. كلية الصيدلة وعلوم الادوية بجامعة الملك فيصل. كلية الاقتصاد المنزلي للبنات تابعة لتعليم البنات. انجازات متلاحقة على درب التنمية في اطار جهود الدولة. وسيأتي مشروع (جامعة الاحساء الاهلية) الذي أبشر به الجميع رغم انني اتردد في ذكر الامور غير المعلنة. ولكن المهندس الدكتور سعدون السعدون مدير شركة الاحساء للتنمية بشرني بذلك هاتفيا منذ بضعة شهور. وستسهم هذه الجامعة في اعداد الكوادر السعودية الملائمة لمتطلبات سوق العمل السعودي. لكنني ارى الاحساء ظامئة وتحتاج الى (كأس من الماء) كأس من الماء ليطفىء ظمأ الظامئين وسورة العطش في الانسان والحيوان والنبات. بعد ان جفت الينابيع وهبط مستوى المياه في بلاد المياه التي عرفت في الماضي وحتى عهد قريب بينابيعها وانهارها وعيونها التي تتدفق على وجه الارض والتي تغنى بها الشعراء واشاد بها المؤرخون. بل ان اسم (الاحساء) هو جمع لكلمة "حسي" وهو ينبوع الماء. ولعل في قراءة شعر يوسف بوسعد ومحمد الملحم ما يخفف من الظمأ وهما يصفان الينابيع في الاحساء. لكن ازمة المياه في الاحساء ليست سوى حالة من ظاهرة عامة تعانيها بلدان عديدة في العالم. ولقد ادركت حكومة خادم الحرمين الشريفين منذ عقدين او اكثر ازمة المياه في المملكة وبذلت الاموال الطائلة في توفير مياه الشرب بتحلية مياه البحر واقامت السدود بالمنطقة الغربية والجنوبية ومنطقة جازان. كما انشأت مؤخرا وزارة للمياه وعين معالي الدكتور غازي القصيبي اول وزير لها وهو المعروف بقدراته الادارية والقيادية الفذة سيملأ الكأس ماء. لقد لمع برق الامل حينما دشن سمو ولي العهد المرحلة الثالثة لايصال مياه التحلية بالخبر الى مدن المنطقة الشرقيةوالاحساء وهو (برق غير خلب) وحينما تصل المياه المحلاة الى الاحساء فستملأ كؤوس الماء لشاربيها. خاصة اذا بذلت مصلحة المياه جهودها في تمديد انابيب المياه المحلاة الى الاحساء. ومن الرأي ان تتضافر جهود كل من القطاعين الحكومي والاهلي في التعاون على مواجهة هذه الازمة. ومن الرأي ايضا ان تقوم الجامعات ومراكز البحث ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وتستفيد من خبرات الدول الاخرى في اجراء البحوث والدراسات العلمية لتوفير المعلومات لوزارة المياه. والآن احتاج الى كأس من الماء لأنني اعاني الظمأ، فجد علي ايها الوزير الشاعر بذلك الكأس الروي.