أحمد الجار الله اسم يشير إلى (ماكينة) إعلامية تسير بإيقاع صاخب. وعبر رئاسة تحرير مطبوعتين هما (السياسة) و (الهدف) يمارس أحمد الجار الله شغباً صحفياً ذا نكهة خليجية حميمة. ويسوّق العمل الصحفي العصري عبر منظارين (ربما) متغايرين. وهو إلى ذلك وجه دائم الحضور، متحرك بسرعة، ومراوغ ذكي، وإعلامي يعرف من أين تؤكل كتف القارىء، والمعلن معاً، وفي وقت واحد. وهو، أيضاً، صحفي لا يمنعه منصبه من أن يمارس عمله الميداني بما يتناسب وحجم رئيس التحرير. ولديه رصيدٌ مميز من (الخبطات) الصحفية التي أودعها سلة متناقضة ومتباعدة من الزعماء والشخصيات الكبيرة والمثيرة..! هذه الصفات المختزلة؛ أغرتنا بالتواطؤ ضده، وإثارته، ونبش بعض من ذكرياته. وراهنا في جرأتنا على صبره المعروف، وتفهمه مغزى الخبث الصحفي، واحترامه الدور الإعلامي..! فماذا يقول الأستاذ أحمد الجار الله أمام أسئلتنا.. (الله يستر)..!! والله بهبسة..! دعنا نبدأ تقليديين؛ ونسأل كيف تورطت الصحافة الكويتية بأحمد الجار الله؟؟ ما القصة؟ ما المقالة الأولى؟ ما الخبر الأول؟ أين؟ لماذا كل هذه السنوات من الحبر المسكوب هنا وهناك في ورق الأخبار..؟؟ أنا تورطتُ، وورّطتُ. ففي بداياتي وجدتني أذهب إلى القلم والورقة. وفي أيامها كنت أكتب الخواطر، أو المواقف، وأبعث بها إلى الصحف اللبنانية، وأذكر منها مجلة (الأحد) التي كان يصدرها نقيب الصحافة اللبنانية الراحل الأستاذ رياض طه. وطبيعي أن المجلة كانت تنشر خواطر الطالب أحمد الجارالله في صفحة القراء. واظبت على هذه العادة، وكبرت وكبرت معي، إلى أن أصبحت في الكويت صحيفة يومية هي جريدة (الرأي العام) وقد صدرت أيام الاستقلال الأولى أي في سنة 1962م. طبيعي أن أجد ضالتي في الجريدة، فالتحقتُ للعمل بها مندوباً للأخبار المحلية، ومع مرور الأيام بدأت أختبر الصحافة كصناعة إعلامية، ودخلت في تفاصيلها، وأتقنتها وقد ارتقيت في عملي، بمرور السنوات، إلى أن تسلمت في الجريدة منصب نائب رئيس التحرير، بعد أن تشربت المهنة، واستوعبت سياسة العمل الإعلامي. بهذا الشكل وجدتني متورطاً بمسئولياتي، والجريدة متورطة بي، بحيث كان عليّ أن أضمن المانشيت الرئيسي، والخبر الخاص الضارب، والمقابلة السياسية المختلفة. في سنوات حرب اليمن بين الجمهوريين والملكيين غامرت بالذهاب إلى هناك، ووصلت إلى التخوم اليمنية السعودية، واستطعت إجراء أول مقابلة لأول صحافي في العالم مع الأمام البدر الذي كان يقاتل قوات عبدالله السلال المدعومة بجيوش جمال عبدالناصر، وكانت المقابلة مدوية، وكانت الفاتحة لسلسلة مقابلات مستمرة حتى اليوم، نخص الملوك والأمراء والرؤساء الذين يتولون مسئوليات الحكم والقرار في بلدانهم. وبذلك على الأقل كما أشعر أدخلنا الوسيلة الإعلامية المطبوعة جنة القرار العربي، كطرف مشارك، وصاحب رأي ويحمل صوت الناس وآراءهم إلى حكامهم ومسئوليهم. أما لماذا كل سنوات الحبر المسكوب فوق أوراق الأخبار؛ فذلك لأن هذ الحبر يصبح دماً يوماً. وكما أن الحياة في جريان الدم في العروق كذلك هي في انسكاب الحبر على الورق. لقد أصبحنا نحن المعلومة المنقولة إلى الناس، وناقلي المعلومات في الوقت نفسه. وسنوات الخبرة والعمل هي التي تضعك في هذا المصاف، وتعطي حياتك هذا النحو من الصفة..!! جذور سعودية العين المراقبة تقول إنك كثير الاهتمام بالشأن السعودي في طروحاتك الصحفية، و (ربما) في تحركاتك. وتقول العين، نفسها، إن جذورك السعودية تؤثر في هواك السعودي دائماً..! فهل هذا صحيح..؟ نريد الإجابة بالتفصيل المشوق..! مَنء مِنء العرب لا يهتم بالشأن السعودي؟؟! السعودية، بما هي ملك لأهلها، هي مرجع الروح والأصل لنا جميعاً. فإذا صلينا اتجهنا نحوها، حيث الكعبة والحرم ومهبط الرسالة، وإذا أردنا معرفة أنفسنا ذهبنا إليها بحثاً عن الجذور في مراتع القبائل وبواديها. أما القول إن الهوى سعودي فإنه صحيح، لأنه هواي وهوى العرب كلهم بالمعنى الذي أشرتُ إليه. السعودية نبع بشرنا، وقبلة مسلمينا، ومهبط الوحي على نبينا.. السعودية هي هذا الإجماع الروحي والعاطفي، فكيف ننكر هواها فينا؟ ولماذا نفسره بالتفصيل المشوق؟ العرب متعددو الجنسيات لكن هواهم وثقافتهم واحدة. حسناوات (الهدف) ترأس جريدتين: (السياسة) و (الهدف). وكلتاهما وجهٌ يعبر عن إثارة ما. الأولى تراهن على (السياسة) بوصفها الأرق الطويل للقارىء العربي. والأخرى تراهن على (الحسناوات) اللاتي تُسهرن عين المواطن العربي.. ما السر الذي يجمع (السياسة) و (المرأة) في المطبوعتين؟ ولماذا تُتهم (الهدف) بأنها (إثارة رخيصة) أكثر مما يحتمله رئيس التحرير..؟؟ لماذا تلجأون إلى تعابير مثل (الإثارة) و (الصخب)، ولا تقولون إنها الحيوية والإعلان عن وجود الحياة السليمة؟ (السياسة) جريدة حية، وإذا تحدثت عن الإثارة فيها فإنما تتحدث عن حيويتها، وليس عن صفة إضافية مفتعلة فيها. (الهدف) كذلك، مع فارق أنها ودودة، وتمنح الناس غمزات عينينها، أي أنها لا تصدع رؤوسهم بالسياسة وشئونها وصراعاتها، وتعطيهم الصدق الذي لا مراء في صحته. فالجمال وجود صادق. والغرائب وجود صادق، والفنون والثقافات وهوامشها وجود صادق، وأصدق الصادق في (الهدف) هو المرأة. فلماذا الحديث عن الإثارة في وقت تقديم وجبات الصدق والحقيقة؟ رهان (السياسة) و (الهدف) على المرأة لا يوجد فيه سر، توجد فيه حقيقة نحن نلتزمها في الجريدتين، خصوصاً أن المرأة ليست خبراً سياسياً يحتمل الصحة، ويحتمل الكذب والنفي والتأويل والتفسير. ألا ترى أن في هذا الرهان تعبيراً عن عفوية ينشدها كل الناس في وقت افتُقدت فيه البراءة، وراج الغش والتزوير؟ (الهدف) ليس فيها (إثارة رخيصة) بل صدق صارخ، وأنا من الناس الذين لا يمثلون إلا هذا الصدق الصارخ، وأعتقد أن الجميع معي في هذا الموقف. أما رهان (السياسة) على السياسة فليس لأنها الأرق الطويل للقارىء العربي، بل لأنها بابه الوحيد نحو تنمية الوعي والمدارك، وامتلاك القوة على التقرير وتحديد الموقف. السياسة هي سبيلنا لجعل القارىء صاحب شخصية وليس مستهلكاً فقط للقراءة المجردة، ولغرض إضاعة الوقت. الهدف توزع كثيراً ما تلمح (الهدف) إلى أنها (توزع) و (توزع).. هل يعني هذا التلميح المتكرر أنها تتفوق على (السياسة)؟ وهل ضجر السياسة لدى القارىء الخليجي سرّحه إلى (تسريحات) بنات الهدف..؟؟ وبصراحة نريد أن نربك هذا السؤال أكثر؛ فنقول: كم توزع (السياسة) في السعودية..؟؟ نعم (الهدف) توزع وتوزع لأنها تنشر ما لا خلاف عليه، ولا يحتمل التأويل أو التفسير.. إنها تحكي الصدق والموجودات الكائنة وتعرف بها. وبالتالي هي تمنح القارىء سياحة تريح ذهنه، وتلفته إلى ما لم يكن يعلم، وتعطيه ما يريد أن يعرفه ويصل إليه. أما جريدة (السياسة) فإنها تحفز على التفكير، وتحرض على التفسير، وتضع قارئها في صميم ضرورة التحديث (UPDATING) وهذه الأفعال المرهقة للذهن، لكنها لازمة له، ولا غنى عنها. وفي كلا الوجهين فإن (الهدف) توزع وتوزع، و(السياسة) توزع وتوزع. أما كم توزع الجريدتان في السعودية، فالجواب تجدونه عند شركات التوزيع وفي متناولكم. أخبار الفريج كانت الصحافة الكويتية قومية بالدرجة الأولى، إلى أن جاء (الغزو) فلوتها التجربة إلى ذاتها، فتحولت إلى صحافة محلية (حيل). وبعد أن كانت (المانشتات) القومية ترنّ في صفحاتها الأولى أصبحت أخبار (شتائم) مجلس الأمة تصرخ في وجه القارىء..! هل سيأتي زمن على الصحافة الكويتية فنقرأ في صفحاتها الأولى أخبار (الفريج) فقط..؟!! التحول من القومي إلى الوطني عنوان بحث طويل ليس هنا مجاله، فالأسباب كثيرة، ومقنعة، ومنها أن المجتمع في الكويت قد أحبطته خياراته القومية بعد الغزو، واكتشف أن من يحميه بعد الله هو أمنه الذاتي الوطني. وبدون الدخول في الرواية التاريخية، بالإمكان الإشارة إلى أن الشعور بالأمن كان يستمد أصوله من الانتماء القومي، فأصبح يستمد هذه الأصول من الانتماء القطري الوطني، بعد أن تلقى عدوان الغزو عليه من قبل الذين يعتنقون فكرة القومية العربية، ويبررون بها كل ما هو شائن من الأفعال. في كل الأحوال لا نعترض على تحول الصحافة الكويتية إلى صحافة محلية (حيل) إذ أننا نؤمن بأنك إذا أردت أن تكون قومياً وحدوياً صالحاً فعليك أولاً أن تكون كويتياً جيداً، أو سعودياً جيداً، أو لبنانياً جيداً.. وهكذا. إن شتائم مجلس الأمة ليست شتائم، بل هي أصوات الحرية التي يجب أن تكون مسموعة، فمن مجموعة الأصوات هذه تتحقق التنمية السياسية في المجتمع المدني، وتحول المصالح الشعبية على حقوقها. وفي كل حال فإن صحافة الكويت لا تكتفي بذاتها الوطنية، فعلى صفحاتها الشاسعة يوجد العرب، والعالم، والاقتصاد، والثقافة والفنون والرياضة جنباً إلى جنب مع أخبار (الفريج).. فلا تخافوا. استغلال المنصب دعنا نعد إلى أحمد الجار الله الذي تلاحقه تهمة استغلال المنصب وتشغيل جريدته في أعماله الخاصة. ونحن لا نريد دفاعاً. بل نريد إيضاحاً عمّن تهمه أن تسري هذه التهمة عليك من خصومك؟؟ ولماذا يحرص الجار الله على تلميع شخصيات كبيرة ومميزة في جريدتيه؟؟ إذا عدت إلى أحمد الجار الله فهو صحافي ورجل أعمال، أنعم الله عليه بالكفاية واكتمال الحاجة. وبالتالي فإن المنصب هنا لا يشكل ضرورة استغلال بل ضرورة اكتمال، ومشاركة، وضرورة حضور ومساهمة. ومن كان هذا وضعه فلن يكون مضطراً لتشغيل جرائده في أعماله الخاصة، لأنه يمثل في وجوده ضرورة للآخرين كما يمثل الآخرون ضرورة له. الدنيا، كما تعرف، أخذ وعطاء، والأخذ والعطاء لا يتجسدان دائماً في الحقوق المادية، وإنما في الحقوق المعنوية، فحق الناس عليك أن تكون لطيفاً معهم، وتشعرهم دائماً بأنهم موضع اعتبار لديك، وهكذا يتصرف المهذبون والنبلاء في حياتهم. وإذا كان الحديث عن تلميع شخصيات كبيرة ومميزة في جريدتنا، فأنا أسأل من هذه الشخصيات؟! الكلام الكثير ممكن أن يقال، لكن البينة على من يدعيه، أي عليه أن يقدم الدليل والإثبات على صحة ما يقول. تجارة + صحافة وتقول العين المراقبة، أيضاً، إنك كثير الخلط بين (التجارة) و (الصحافة). وهذا شأن (بعض) رؤساء التحرير في العالم العربي، فهل أنت مصاب بداء توظيف الصحافة لصالح التجارة..؟؟ الخلط عندي غير وارد، فالصحافة صحافة، والتجارة تجارة، وإذا كانت هناك من تهمة ممكن أن تلصق بي فهي أني أوظف التجارة لصالح الصحافة، وأنا مصاب بهذا الداء وأعترف. تاريخ @ ذكرياتك مع الزعماء الذين استضفتهم في (خبطاتك) الصحفية. متى تتحول هذه الذكريات إلى تاريخ مفيد؟ أم أنك مقتنع بكونها (خبطات) وقتية وحسب؟؟ ومن أهم الزعماء الذين قابلتهم؟ وما أجمل ما تركوا في نفسك..؟ ذكرياتي مع الزعماء الذين قابلتهم سأضعها في كتاب جامع يصبح تاريخاً مفيداً للناس، لأني لا أعتبر هذه (الخبطات) كما سميتها وقتية، بل كانت جزءاً من تاريخ هذه المنطقة السياسي، يكتمل بالظروف وبالمكان وبالثوابت والمتحولات. الزعماء الذين قابلتهم كلهم مهمون في بلدانهم، ومن يتميز منهم كان يتميز بإمكانات المعارف الذاتية، والرؤى، والقدرة على الاستباق والاستشراف، وحجم الأدوار، إقليمياً وعربياً ودولياً، ومنهم العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، والرئيس المصري أنور السادات. وأجمل ما تركه هؤلاء الزعماء في نفسنا هو الثقة بنا، وفتح أبوابهم لنا كلما قصدناهم لحوار أو مقابلة. نفاق @ ولنبقَ مع الزعماء الكبار.. هل هناك من الشخصيات من شعرت بأنك نافقتهم أكثر مما يجوز؟؟ ومن من الشخصيات شعرت بأنك حذفت من كلامهم الكثير تحت تأثير الرقيب الذي يسكن في داخل أحمد الجار الله..؟؟ إذا كان هناك نفاق لا تكون هناك، ولا علاقة مستمرة. أنا في عملي لا أنافق، وتكون أسئلتي في العادة مباشرة، وأحياناً استفزازية وعدوانية. أما الشخصيات التي حذفت من كلامها فإنما كان ذلك بطلب منها، وليس تحت تأثير الرقيب الذي يسكن في داخلها..الكلام المشطوب عادة ما يقوله صاحبه للمعلومة وليس للنشر، ونحن هنا من جهتنا نلتزم المحافظة على أسرار المجالس. شارون @ لو أتاحت لك الفرصة المهنية أن تجلس قبالة آريل شارون بشحمه ولحمه في لقاء صحفي؛ فهل ستنقضّ على الفرصة؟ أم تتعفف قومياً؟ وفي الحالين: لماذا..؟ الموضوع هنا ليس موضوع فرصة ولا تعفف قومي، فشارون في الأساس رجل عنف وإبادة ولا يمتلك أفقاً سياسياً. رجل مثل شارون عدو، إرهابي يتعفف المرء عن رؤيته كما يتعفف عن الرذائل واقترافها. رجل على رجل @ يقول سمير عطا الله: "الصحفي لا يعرف أكثر من غيره. لكن من الصحفيين من يضع رجلاً على رجل ويتحدث عن الغيب و المستقبل". ونحن نريدك أن تضع رجلاً على رجل وتتحدث عن صورة العالم العربي في عام 2003م. هل هناك مشكلة في وضع رجل على رجل..؟؟ أدعي أنني أعرف أكثر من غيري، ولست من الصحافيين الذين يضعون رجلاً على رجل: أنا أتكلم حين تكون لديّ معلومات، أو أصمت، وليست لدي عقدة ادعاء المعرفة، ولا أخجل من قول (لا أعرف). لذلك أكره التحدث عن الغيب والمستقبل. هل لديك توقعات! نعم، لكنها مشتقة من استقراء الواقع السياسي وتفحصه. فأحوال العالم العربي الآن ليست على ما يرام لجهة عجز الحكومات عن قراءة المتغيرات الدولية، وعن مخاطبتها، وعن صناعة الأدوار فيها. لذلك فإن صورة العالم العربي الآتية ستكون صورة التابع للحادث لا المشارك فيها، أو الخاضع للتطورات والاستحقاقات الدولية لا المساهم فيها. وبموجب هذه الصورة فإن على الحكومات العربية أن تسارع إلى ملاءمة أوضاعها بإحداث الإصلاحات والتغييرات على أنظمتها، خصوصاً أنها أثبتت في الخمسين سنة الماضية أنها تمثل مجالس إدارات لشركات مفلسة. لابد من التغيير، ولا بد من الإصلاح، ولا بد من تطبيع أوضاعنا مع المستجدات الدولية حتى نتمكن من إرجاع شركاتنا دولنا من حواف الإفلاس والتصفية إلى آفاق الربح والازدهار. صورة العالم العربي عام 2003م ستكون قبيحة إذا لم نغير ما بأنفسنا. مراوغ @ سنختم خبثنا الصحفي بتأكيد اتهام موجه لك، وهو (المراوغة) التي تعتبر إحدى سماتك المميزة.. ونقول: لماذا تراوغ؟ ومن الذي دربك على هذا الأسلوب الذكي؟ وبماذا تنصحني شخصياً حتى أكون مراوغاً ناجحاً..؟؟ لماذا تتحدث عن المراوغة ولا تتحدث عن الحذر، والتأني، والشك الذي هو من حُسن الفطن؟ أنا لست مراوغاً، بل أكره أن أكون مخدوعاً. والمراوغة إذا كانت بمعنى الذكاء، فإنها مطلوبة لك لتحديد موقفك وإعلان قرارك، ولو كان القرار بتداعياته عائداً إليّ شخصياً لما راوغتُ، ولما بذلت من ذكائي، لكنه يشمل مؤسسات وشركات وبشرا يعملون فيها، فكل هؤلاء سيتأثرون بكلمة لو قلتها في غير وقتها، أو قلتها بشكل خطأ. لا أحد يولد جاهزاً، والخبرات تتوافر له بالاكتساب، وعن طريق التجارب والمعرفة، أنا مثلك وأنت مثلي، والفارق أني أكثر منك تجربة، وأثقل منك مسئولية.. ولا ننسى أنه لا يوجد هناك مراوغ ناجح، بل صاحب حسابات سديدة وتجارب عميقة، وفراسة حادة، ومعرفة جيدة بالناس. تحركات @ لوزير خارجية دولة قطر احاديث، وقد نقول (ربما)، ثم لا نكمل ما بعد (ربما). أنت شخصياً كصحفي، وكمراقب.. كيف تضع توصيفاً لهذه التحركات..؟؟ قطر تؤمن بأن حجم الدول يقاس بدورها لا بإمكاناتها وثرواتها، وكثافة سكانها، وكبر مساحتها. ودولة على هذا الإيمان تطلب الأدوار عادة من سواها، وبالتالي تعرض نفسها إلى المخاطر، وتعرض إقليمها إلى مخاطر أكبر. أخشى ما أخشاه أن تلعب قطر في المستقبل دور حصان طروادة يتم بواسطته اختراق أسوار وقلاع دول مجلس التعاون الخليجي، وتدمير هذه الأسوار والقلاع من الداخل. ضمان أمن قطر يكون بالانتماء إلى محيطها الإقليمي لا بعرضها للأدوار التي تلعبها على المسرح الدولي والمسرح الشرق أوسطي. إذا استمرت في سياسة لعب الأدوار فإنها ستهمش في اللحظة التي لا يعود الكبار فيها بحاجة إلى أدوارها. في أحد لقاداته بسمو ولي العهد مع الشيخ خليفة آل ثاني امير قطر السابق