من المعلوم ان اركان العملية التعليمية ثلاثة: المرفق التعليمي والمعلم والمادة التعليمية فاذا ما اقيمت تلك الاركان بصورة صحيحة كانت الثمار بحول الله يانعة وما ثمارنا الا اولئك الناشئة الذين نرجو ان يشبوا صحيحة اجسامهم قوية عقولهم قويمة افكارهم. لا يشك احد ابدا في ان الدولة - رعاها الله- قد اولت العملية التعليمية برمتها جل اهتمامها فالمرافق التعليمية منبثة هنا وهناك من اقصى البلاد الى اقصاها شاملة مختلف المراحل التعليمية من ادناها الى اعلاها والمادة التعليمية تخضع لعمليات تطوير مستمرة من قبل لجان مختصة تابعة لوزارة المعارف يقوم عليها اساتذة مختصون اكفاء والحق يقال انه في السنوات الاخيرة حدث انقلاب -من وجهة نظري-. روعي في اسلوب صياغة المادة العلمية كونها تعمل على تحفيز العقل واعماله من خلال ايراد اسئلة منطقية يؤدي كل واحد منها الى نتيجة اولية وهكذا دواليك باسلوب سلس وصولا الى الخاتمة او النتيجة النهائية وهي المعلومة المراد ترسيخها في ذهنية الطالب، ولقد اسعدني حقيقة ما صرح به لي احد زملائنا في العمل من الاخوة العرب من ان منهج الكتاب التعليمي لدينا يفوق نظيره في بلده اذ مازال الكتاب عندهم ينهج الاسلوب القديم المتمثل في ايصال المعلومة مباشرة لاعتماده الكلي على الحفظ والتلقين. اما الركن الركين في العملية التعليمية ورائدها وقائدها الا وهو المعلم فلست في حاجة الى ان ادلي بدلوي في هذا الموضوع اذ ان جميع شرائح المجتمع وطبقاته المهنية تعرف ما اسبغت الدولة عليه من عناية فائقة ورعاية حانية. ويكفي حقيقة ذلك الاستقرار النفسي والاجتماعي الذي يعيشه المعلم جراء تفضيله على سائر موظفي القطاعات الحكومية برواتب مجزية تزيد - اللهم لا حسد بسخاء- وهم بحق اهل للزيادة لا غرابة كيف لا وهم الشمعة التي تضيء من اجل نور يعم المجتمع بأسره. يستنزف المعلم كل يوم قدرا لا يستهان به من صحته العصبية والبدنية جراء تعامله مع شتى اصناف الطبائع البشرية رغبة في تثبيت اقدامهم على الجادة الخلقية والفكرية والعلمية. ان مدة العشرين سنة التي اقرها النظام كحد ادنى للتقاعد المبكر للمعلم فرضته كما ذكرنا سابقا الظروف الممرضة التي يواجهها فتهد كيانه سريعا وتقوض اركانه باكرا واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان من غير العدل ان نعامل المعلمة في جزئية المدة التقاعدية المبكرة كما المعلم. اذ انها بالاضافة الى اعباء التعليم داخل اسوار المدرسة التي تشترك فيها مع المعلم فهي تقوم باعباء اضافية بمجرد ان تطأ قدماها منزلها نعم ما ان تلج المسكينة الباب حتى يتبادرها الابناء من كل صوب فتعاود الكرة السابقة وتبدأ الشرح والتعليم من جديد واذا اضيف الى ذلك كله اعباء المنزل الاساسية وتهيئته لراحة الزوج والولد، مع أن المسكينة - والحالة تلك- اشد منهم حاجة لتلك الراحة فان نظام التقاعد المبكر بالنسبة لها ينبغي ان ينظر في امره والا تعامل كما المعلم فهي مستلكة طوال اليوم نعم اذا كانت مدة العشرين سنة كافية لتقاعد المعلم المبكر فان الانصاف يقتضي ان تكون المدة الخاصة بالمعلمة اقل من ذلك. وارى من وجهة نظري الخاصة ان مدة خمسة عشر عاما جدا كافية مراعاة لظروفها واكراما لها حتى نضمن الحفاظ لها على بقية صحتها لتقوم بها على مجتمعها المنزلي الصغير بقية العمر.