رحل محمد الكثيري ورحلت معه مفرداته الفنية واسلوبه الشيق وعباراته الرنانة وعناوينه التي مازالت في ذاكرة الكثيرين (الكأس للهلال والمجد للوطن) هذه احد عناوينه عقب فوز الهلال باحدى البطولات الخارجية. الكثيري (رحمه الله) هو اول صحافي سعودي تتغنى الجماهير الرياضية بكتاباته في مدرجات كرة القدم ومنها (الكثيري اذا كتب.. وسامي اذا لعب). الكثيري اسم اشهر من نار على علم هو الذي ادخل في الصحافة السعودية لغة الادب في المقالات الرياضية وهو الذي جعل المفردة في الكتابة الرياضية تحمل رائحة الاناقة والمتعة لذلك كان (رحمه الله) مدرسة خاصة في الابداع قلما برع فيها مقلدوه. رحل الكثيري عن هذه الدنيا وترك الحسرة للاقلام الرياضية التي عشقته، وعشقت مفرداته وعباراته وعناوينه. اتذكر انني اجريت معه (رحمه الله) حوارا مطولا بتكليف من الزميل محمد البكر وكان الحوار عبر الهاتف... أسأله فيجيب ورغم انه كان يجيب ارتجاليا الا ان جميع عباراته ومفرداته كانت تصلح لعناوين اللقاء.. لقد قال لي (ماجد عبدالله قصيدة لا تنتهي) وقال لي (شجعت الهلال عندما كنت مراهقا) وعندما سألته عن هذا التناقض قال لي (انك لا تجيد قراءة ما بين السطور). اتذكر ايضا انه قال لي (حظك انك تتعلم من مدرستين) وعندما سألته عن تلك المدرستين اجاب (محمد الوعيل والعصامي محمد البكر). قلت له مازحا: (هل لانهما هلاليان) ضحك وقال: انت نصراوي يا هذا. اتذكر أيضا انني سألته عن الفرق بين الصحافة الرياضية والصحافة الفنية اجاب (سيان انهما لا يختلفان) وعندما سألته هل عدلت عن حب الهلال اجاب (وهل هناك انسان لا يعشق الطبيعة لون البحر ولون السماء). لقد كان (رحمه الله) مثيرا في كل شيء.. اتفق عليه الجميع.. انه والابداع صنفان لا يفترقان. وفي آخر حوار نشر له في (الميدان) في شهر اغسطس الماضي قال (انه سيعود للصحافة أقوى مما كان عليه في السابق بعد الرحلة العلاجية التي كان ينوي القيام بها ولكن قدر الله كان اسرع من تلك الرحلة). رحم الله الكثيري واسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.