بدأت الأوضاع السياسية في العالم تلعب دورا مهما في دفع كثيرمن الدول لاسيما المستهلكة للنفط الى التفكير جديا في البحث عن طرق اخرى بديلة للحصول على الطاقة حينما تشاء من دون اية عراقيل بهدف حماية مصالحها الاقتصادية التي اصبحت مهددة اكثر من ذي قبل. وفي ظل الاوضاع الحالية والتوتر السائد في منطقة الشرق الاوسط اتجهت هذه الدول لاسيما الواقعة في قارة آسيا الى مراجعة سياستها النفطية المتبعة منذ عشرات السنين للوصول الى حلول تنقذها من ظروف طارئة قد تؤثر على اقتصادها بطريقة او باخرى وتؤخر من عملية النمو لديها لاسيما انها تعتمد اعتمادا شبه كلي على نفط مستورد من دول عدة في العالم وبخاصة دول الخليج. واخذت هذه الفكرة تتبلور تدريجيا لدى هذه الدول كلما دقت اجراس الخطر في العالم وفي المناطق التي ترتبط بها بعلاقات نفطية واقتصادية قوية الا ان الاحداث التي ترتبت على 11 من سبتمبر جعلتها تتجه فعليا لتطبيقها باسرع وقت ممكن. وكانت بعض الدول الآسيوية قد عقدت اجتماعا فرعيا في منتدى الطاقة الدولي الثامن الذي عقد في اوساكا باليابان الشهر الماضي شاركت فيه اليابان وكوريا الجنوبية والصين وغيرها عبرت خلاله عن مخاوفها بشأن مسألة توفير الطاقة مستقبلا بعد تزايدالتوتر في منطقة الشرق الاوسط. وبحثت هذه الدول خلال اجتماعها افضل الطرق الممكنة لتوفير الطاقة من خلال توفير مخزون استراتيجي وتبني سياسة محافظة في عملية استهلاك الطاقة في هذه الدول التي تشهد نموا اقتصاديا ملحوظا . وتعتبر الصين من اوائل الدول المستهلكة للنفط التي سارعت لايجاد حل للازمة الحالية المتمثلة في ضرب العراق وهواجس التأثير على تصدير النفط باعتبار منطقة الخليج العربي تحتوي على اكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم اذ يقدر حجم هذه الاحتياطيات باكثر من 60 بالمائة من الاحتياطيات العالمية. وبالفعل بدأت الصين مؤخرا ببناء مخزون استراتيجي نفطي بقيمة 5ر1 مليار دولار او مايعادل 50 مليون برميل من النفط الخام حسب ما نشرته نشرة "بلوم بيرج" الاسبوع قبلالماضي في خطوة منها لمواجهة اية ازمات او ظروف طارئة تحدث في العالم لاسيما في الدول التي تستورد منها النفط الخام اوالمنتجات البترولية. وابدت الصين رغبتها بالبدء ببناء المخزون النفطي الذي سيستغرق حوالي 3 سنوات لبناء مخزون لمدة 30 يوما نظرا للارتفاع الشديد في اسعار النفط في الوقت الحالي . وتقدر نسبة واردات الصين النفطية من منطقة الشرق الاوسط بحوالي 50 في المائة من وارداتها النفطية ككل وهذا ما يجعلها دائما تحت رحمة الظروف المتغيرة سواء الاقتصادية او السياسية والتي تطغى هذه الايام بشكل كبير على منطقة الشرق الاوسط مما ساعد في اتجاهها الفعلي لبناء مخزون تعتمد عليه مستقبلا مهما كانت الظروف. وتعتبر المملكة وايران والكويت والامارات من الدول التي تستورد منها الصين النفط الخام اضافة الى المنتجات البترولية المكررة مع العلم ان هناك مشاريع نفطية وبتروكيماوية مشتركة للصين مع بعض دول الخليج نظرا لتزايد استيرادها النفطية في المستقبل. وقالت نشرة "بلوم بيرج"ان الصين تستورد حاليا حوالي 5ر2 مليون برميل يوميا من النفط ومن المتوقع ان يرتفع بشكل منتظم و خاصة في وقود السيارات حيث يتوقع ان ينمو هذا القطاع بنسبة 4 في المائة سنويا. ويتوقع محللون اقتصاديون ونفطيون ان يصل استيراد الصين الى 10 ملايين برميل في اليوم بعد حوالي 25 عاما. اما احتياطيات الصين من النفط الخام فقد بينت الاحصائيات التي نشرت مؤخرا انها تقدر بحوالي 24 مليار برميل بينما بلغ انتاج الصين من النفط الخام 3ر3 مليون برميل يوميا لعام 2001. وتعد فكرة بناء مخزونات نفطية احتياطية فكرة ليست جديدة لاسيما ان وكالة الطاقة العالمية اتبعتها منذ منتصف السبعينات حيث يلتزم اعضاؤها البالغ عددهم 26 ببناء مخزون نفطي لمدة 90 يوما وهي حاليا توصي الدول غير الاعضاء فيها ببناء مخزون استراتيجي للنفط خاص بهم.