تنطلق الدعوة الإسلامية في هذا العصر بخطى ثابتة بالرغم مما يعترضها من عقبات العولمة والعلمانية ودعاة التحرر واتهامها بالإرهاب والتخلف والرجعية.وقد برز في عصرنا هذا دعاة حملوا هموم الدعوة وتفنيد كل الاتهامات الباطلة التي يبتدعها أعداء الإسلام لتشويه صورة الإسلام أو التشويش على المسلمين.. وضيفنا أحد هؤلاء الدعاة البارزين وله إسهامات جليلة في مسيرة الدعوة بكل ماله من حجة وبلاغة وفصاحة ومهارة على الاقناع بشرع الإسلام بروح الشباب المسلم المؤمن بربه ورسالته إنه الداعية الكويتي الشيخ محمد بن إبراهيم العوضى الذي كان ل " آخر الأسبوع" معه هذا الحوار.. @ ما أهم القضايا التي تستدعي مشاركة العلماء المشايخ في وسائل الإعلام الفضائية وما آلية الطرح المطلوب تفعيلها لتصحيح رسالتنا الإعلامية الدعوية عبر هذه الفضائيات؟؟؟؟ * هذه حقيقة قائمة وملموسة في واقع الدعوة الإسلامية فقد أصبحت وسائل الإعلام المتلفزة أخطر وسائل التأثير في تشكيل الثقافة والقيم وتغيير القناعات ودفع الإنسان إلى طرق مختلفة ومجالات مفتوحة وبعجلة سريعة جداً فالتأثير الإعلامي من خلال الغاية المدروسة نفسياً واقتصادياً هائلة في التأثير ويضعف أمامها الإنسان، والسؤال هنا هل ينفصل الدعاة أم يشاركون؟ المسألة فيها لبس وشبهات وفيها كذلك محاذير شرعية فإذا وجد محذور شرعي في هذه الوسائل التي دخلت في كل منزل هل المطلوب الانفصال والتحذير من هذه الوسيلة ودعوة المسلمين إلى التخلي عنها والحذر منها أم المشاركة وتبيين آثارها، هنا انقسم الدعاة هل يشاركون أم لا؟؟ ونحن الآن في مثل هذا الجو نقول نعم للمشاركة مع دراسة ومعرفة هذه المشاركة أين أشارك؟ متى أشارك؟ من أشارك؟ فهذه من أدبيات المشاركة فمثلاً لا يجوز للداعية أن يخرج في حوار مع امرأة متبرجة وسليطة اللسان ولا يجوز للداعية أن يخرج في برنامج يتوقع أن يثير بلبلة وشكوكا بين الناس وما حصل عندما شارك بعض الدعاة وامتنع البعض الآخر فالمشاركون وجدوا الثمار الإيجابية فلماذا انتقدوا وقيل لهم أنتم تشاركون؟ أنتم تحببون الناس في الفضائيات؟؟ كان الجواب (وأنا معهم) ان هذا المشاهد الذي يشاهد القناة (الفلانية) هو مشاهد لها قبل أن تخرج أنت الداعية أو الشيخ فهو لم يشترك في الفضائيات لأنك أنت موجود بل هو مشترك فأنت دخلت على هؤلاء خصوصاً الشريحة المنفلتة في العالم الإسلامي وأنت لا تتحدث إلى فئة معينة أنت وصلت لكل المشاهدين ونقلت رسالة إيجابية ويمكنك من خلال الرسالة الإيجابية أن تشرح وتوضح وتنتقد حتى الوسيلة الإعلامية التي تنقل الرسالة فيها فباختصار معظم وسائل الإعلام لم تأت بأجواء التربية ولا للمواعظ ولا للدين جاءت للدنيا والأخبار والاقتصاد فدخول الدعاة فيها اختراق يحسدون عليه. @ ما الصفة العصرية التي يقدمها الإسلام لعلاج مشاكل العولمة وكيف تتعامل مع هذه التحديات سلباً وإيجاباً؟؟؟ * إذا دققت النظر تجد أن العولمة اصلها اقتصادي في بدايتها وأن الفكر الذي يجب أن يسود العالم فكر يصب في مصلحة أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وكما قال أحد الباحثين في (مؤتمر بمناسبة مرور مائة عام على تحرير المرأة الذي عقد في القاهرة) بأن الذي يتحكم في اقتصاديات العالم هو الذي يمتلك كبرى الشركات ورؤوس الأموال فعليك أن تعرف خطورة ما يقبل عليه الإنسان، العولمة تشكيل وتخطيط للإنسان المعاصر بما يوافق مصالح هذه الشركات الضخمة إذا الفكرة يسيرة وتسمح في تحويل الإنسان من مواطن إلى مستهلك فهو فكر يركز على الجانب الغريزي سواء كان في الأكل أو في الجنس وهذا الجانب الغريزي محور الاستهلاك. وأكثر الناس الذين يتضررون من هذا الشيء هم المسلمون لأن المسلمين هم الذين يملكون القيم والمبادىء التي تخاطب الروح والقلب، إذا هذه هي خطورة العولمة. @ تميز أسلوب الشيخ العوضي بتصيد أقوال الخصوم بالتشهير كيف ترون حجم هذا السلاح؟؟؟ * أولاً التشهير هذا سلاح موجود ويجب أن نقول كما نقول في الشريعة الإسلامية لا غيبة لفاجر ولا غيبة لمجاهر وكما تقول القاعدة (اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس) ونحن في كلامنا في التشهير على أناس لم يكتفوا في ذاتهم ولم يكتفوا بردتهم في مخيلتهم أو ممارستهم الشخصية بدائرتهم المغلقة وأنما ذهبوا يهاجمون أصول الإسلام ويهزؤون برسوله صلى الله عليه وسلم ويطعنون في القرآن الكريم ويتبجحون بهذا الشيء ليس فيما بينهم بل في الفضائيات وفي مقالات وفي منتديات فعندما يكون الكافر أو المرتد أو الزنديق أو العلماني بهذه الجرأة أفيكون المسلم الذي على حق في بيئته الإسلامية يعتدى عليه لابد من سلاح التشهير وهذا واجب لأن هؤلاء من الناس الذين ليس في وجههم ذرة من الحياء حقيقة وليتهم يمتلكون شرف الخصومة لأنهم لا يطرحون المسألة في دائرة الحوار الفكري إنما في دائرة الاستفزاز الإيماني وهو استفزاز مشاعر الإيمان عند الأمة ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة سامح وعفا عن غلاة وعتاة المشركين بما فيهم أبو سفيان وغيره ولكن في نفس الوقت أباح قتل تسعة حتى ولو تعلقوا في أستار الكعبة لماذا؟ عندما نتبع شخوص هؤلاء نجد أنهم من نوع الخصوم الذين فيهم الخسة وليس فيهم الرجولة ولا المواجهة، فأحدهم اسقط بنت النبي زينب من الناقة فسقط ولدها والثاني خانه في كتابة الوحي وغانيتان تغنيان بسب الرسول صلى الله عليه وسلم والقضية فيها من الدناءة ومع ذلك حصلت الشفاعة لهن وعلى سبيل المثال في قناة الجزيرة برنامج الشريعة والحياة الذي يقدمه الأخ ماهر فهذا البرنامج جيد يمكن المشاركة فيه فمقدم البرنامج ناقش موضوع كتاب الأستاذ محمد شحرور المهندس السوري المعروف ألف كتابا تحت عنوان القراءة المعاصرة للقرآن الكريم (القرآن والكتاب) قراءة معاصرة فسر فيها الإسلام وآيات القرآن تفسيراً ماركسياً وبشعاً وبالتالي لما جاء آيات الحجاب مثلاً يروى الجيوب التي وردت في الآية والتي يقصد فيها ما تحت الإبطين وما تحت الثديين خلص إلى أنه يجوز للمرأة أن تخرج أمام محارمها بالمايوه وليس هذا الشيء حراما إنما عيب فأنا قلت عن هذا الرجل الذي لا يستند كلامه إلى فكر أو إلى دين كما قال عنه أحد مواطنيه يريد أن يحول بيوت المسلمين إلى ناد من العرى فهذا لا يصلح أن يكون مفسراً بل يصلح أن يكون رئيساً لناد للعراة فغضب ورفع السماعة وكلم الجزيرة وطلب منهم الاعتذار وقال للجزيرة لو اتهمتني بالردة قبل أن يتهمني لناد للدعارة وعندما تأتي نوال السعداوي وتقول ان الحجاب غير موجود في القرآن وحتى أمهات المؤمنين لم يكن متحجبات أي فكر هذا حتى تتم مناقشته. @ هل بقيت هناك صحوة إسلامية أخرى وما العقبات التي تعترض شباب الصحوة حالياً؟ * الصحوة إذا أخذت على مستوى الفرد لتحقيق كلمة صحوة فكل مسلم يزيد وينقص فهي حركات تتعرض لظروف وتمر يسيرة ثم تصل إلى تحولات اجتماعية في ظل أمة تعاني معاناة اقتصادية سياسية اجتماعية وتخضع لآثار وضغوط كثيرة والدعوة فيها جوانب إيجابية وجوانب ضعف ونرجو من الدعاة ان يستفيدوا من نقاد خصومها , الصحوة الان موجودة وتحتاج إلى توجيه وترشيد وتحتاج إلى ان تستفيد من خصومها الحاقدين والمتربصين لأنه احيانا تعطى للخصم فرصة ويقول الخصم ما يكون صوابا. * كيف يرى فضيلتكم التساهل مع الظواهر الشاذة حين خروجها على مجتمعنا وتنحي الفضيلة؟ أخي الكريم يجب ألا نتساهل في القيم ولكن ايضا الا تقتصر في علاجها على العقوبة والادانة او التكبيت انما يجب ان نبحث في جذورها لماذا ولدت . مثلا عندما نطرح موضوع المخدرات صحيح انه يجب أن نقف موقفا صعبا وصريحا وحاسما ولكن يجب أن نبحث في خلل دخول المخدرات كنموذج نطرحه يجب ان تكون هناك دراسة على هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا والا نكتفي بالردع انما التربية والتعليم والوقاية قبل العلاج. @ يلاحظ المستمع الى محاضرتكم تشابك المفاهيم واختلاطها مما يعطي المتلقي الملل فيما يريد طرحه واصبح هناك اكثر من عنوان لمحاضرتكم كيف تردون على ذلك؟ أولا بالفعل اعاني أحيانا من كثرة الافكار وقلة الزمن واحيانا لديك عشرات الرسائل تريد توصيلها في ساعة حوار وتكون قد حضرت للموضوع أضعاف ما يمكن ان تقدمه حتى تنتقي ما تشاء. وتبين لي من خلال خبرة متواضعة بان الحوارات الفضائية مبنية على الا تعطي لضيفك فترى طويلة للاسترسال لأنك تنتقل من محور الى محور يكون الزمن قد انتهى وهذا ما يسبب تشابك الافكار واختلاطها فأنت لديك الكثير مما تريد قوله فتنتقل من فكرة الى فكرة فتختلط المفاهيم وفي كثير من الاحيان ينتهي البرنامج دون استكمال الموضوع وارجو من خلال هذه التجارب ان نستفيد منها. @ برنامجك (ساعة صريحة) وفي حلقتين تحدث عن (الجنس الثالث) ما حقيقة مغامراتك عن هذه الفئة وما انطباعاتك عنها؟ يجب علينا ان نسبق الزمن فان الموضوع ما طرح الا انه بدأ يتنقل من حالات فردية الى ظاهرة وما طرقنا الموضوع الا بعد ان يتنقل من دور التستر والتواجد في بيئات مغلقة الى الاعلان عن الهوية والدخول في المؤسسات الرسمية والدخول في المنتزهات العامة والجلوس في المقاهي العامة وبدأوا يعلنون عن أنفسهم من خلال ملابسهم وحركاتهم وبدأت تصبح لهم صفة المجموعة المنظمة فعندما تنتقل المسألة من اخطاء مستورة الى معلنة ومن حالات فردية الى ظاهرة من مسألة بلا غاية الى هدف والى حالات منظمة ومدعومة بالمال والرجال حتى من اناس من العالم العربي , يجب ان نتصدى لها لها وندق أجراس الخطر , الخطر قادم فلا بد ان نطرح الموضوع بحرية. @ اجهزة الاعلام جاءت بالكثير من الدعاوى الباطلة ومن ضمنها تحرير المرأة ويقف الدعاة في موقف الصفوف الامامية من رد الشبهة الا ترون ان هذه المواقف تؤثر سلبا على الاسلام؟ قبل عدة سنوات نشر الاستاذ محمد قطب كتابه (شبهات حول الاسلام) عندما كانت الأمة الاسلامية تستقبل شبهات التغريب والتشكيك وشبهات في طرح الأصول واعطى المسألة حقها كاملا , والآن يجب أن نعيد المسألة مرة أخرى فالإسلام اصبح في قفص الاتهام وكثرت الشبهات ونحن لا نقول دفاعا عن الاسم بل نقول توضيحا للحقائق وكشف الالتباس وعندما تقرأ كتب المتقدمين على الملل والنحل لعقائد اكثر توضيحا تجد انك لا تعيش في مجتمع منفصل عن المجتمعات انت داخل هذا المجتمع عندما جاءت الفرس والروم فدخلت الثقافة المختلفة بدأ الحوار وتلاقح الافكار اذا فلابد ان ندافع ونرد فتحرير المرأة اكبر المحاور التي فتح فيها الباب على المسلمين وانا سوف اضع عبارة جميلة أرجو ان تضعها في الصحافة وهي ان تحرير المرأة كما يقول مصطفى صادق الرافعي في كتابه (وحي القلم) بان كلمة تحرير المرأة غلطة مطبعية واصلها تحرير المرأة الى الاخلاق الأوروبية ولو كانت المسألة تحريرا فتحرير من ماذا ؟ تحريرها من الحجاب؟ تحريرها من المنزل والقيم والضوابط الاخلاقية تحريرها من كرامتها الانسانية؟ وكما يقول الرافعي فانت حرة ان تمشين مثقلة بالذهب امام الناس وفي الشارع ولكنك اخترت جناية الشباب عليك. @ ما أيدلوجيات الحياة المعاصرة وكيف تتجه؟ انا قلت لك أن الأيدلوجية المعاصرة الان ايدلوجية تحويل المرأة الى حيوان استعراضي وتحويل الرجل الى حيوان استهلاكي انه التعريف القديم للانسان انه حيوان ناطق كتعريف المناطقة او حيوان لابس او حيوان محتال حسب تعريفات علماء الاجتماع او غيرهم لكنه الان حيوان مستهلك فهذه أيدلوجية الاستهلاك كما ذكرنا في البداية والتركيز على تحريك الغريزة الرابضة وراء الجلد في هذا الإنسان وبذلك انتهت الانسانية. @ الأدب النسائي ادب غريزة ما قولكم؟ المرأة اليوم كما يقول أصحاب الدعاية اذا أردت ان تنجح في الدعاية فركز على المرأة بتعبيره الواسع فان الفضائيات ادب والأزياء أدب ولابد أن نوسع الدائرة لان هذا هو المسيطر، فعلا الأدب النسائي ادب غريزي فاقرؤوا المجلات النسائية الصادرة اليوم وحتى الثقافية تجد صورة النساء على الغلاف وفي المجلة الطبية والاقتصادية والرياضية عليها صورة لامرأة. @ لقد امتدح الله الغافلات ولم يمتدح الغافلين فهل هناك اعادة لحسابات التعليم للمرأة وما الأمور التي ينبغي معرفتها؟ في الحقيقة احب ان ابين ان الأمور التي ينبغي ان تعرفها المرأة انكن تشكون من قضية الرجل انه هو المتسلط في نفس الوقت انكن تقمن بعملية نقض لأفكاركن بان المرأة تستطيع ان تتحرر وليس صحيحا انها تابعة للرجل وان عصر الذكورة قد انتهى فانتن تكرسن هذا الوضع والعالم كله يكرس هذا الوضع فارجو ان تتحرر المرأة من تضليل الرجل والا تساهم المرأة في تضليل المرأة فاشكالات المرأة اشكالات انثوية قبل ان تكون اشكالية ذكورية. @ كلمة أخيرة؟ اشكركم على هذا الحوار ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به الاسلام والمسلمين كما أشكر القائمين على جريدة (اليوم) وان نشاء الله نلتقي بهم عن قريب.