المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    منطقة العجائب    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    1.7 مليون عقد لسيارات مسجلة بوزارة النقل    9% نموا بصفقات الاستحواذ والاندماج بالشرق الأوسط    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع سفير الصين    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    الاحتلال يعيد فصول النازية في غزة    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    الأخضر يرفع استعداده لمواجهة إندونيسيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    القاتل الصامت يعيش في مطابخكم.. احذروه    5 أعراض لفطريات الأظافر    هيئة الشورى توافق على تقارير الأداء السنوية لعدد من الجهات الحكومية    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    «سعود الطبية» تستقبل 750 طفلاً خديجاً    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    ستة ملايين عملية عبر «أبشر» في أكتوبر    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    خامس أيام كأس نادي الصقور السعودي بحفر الباطن يشهد تنافس وإثارة    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    أهم باب للسعادة والتوفيق    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد نشوة الحضور والمنافسة المحمومة.. هل الإعلام الإسلامي يتأرجح؟!
في ندوة .. القنوات الفضائية.. تأجيج الطائفية.. فوضى الفتوى.. الفتاوى الشاذة.. صناعة النجوم
نشر في المدينة يوم 01 - 06 - 2012

الإعلام الإسلامي.. الإعلام الديني.. مصطلحان أثارا جدلًا كبيرًا واختلف حولهما، فبينما يرى البعض وجودهما في واقع المسلمين الحياتي وأن دورهما كبير يتراوح ما بين الذود عن الإسلام، ورد الشبهات، وتقديم الصورة الحقيقية للدين، وتثقيف الشعوب المسلمة وتبصيرها بحقيقة دينها الحنيف، بالمقابل يرى آخرون أنهما ليسا سوى «عبارة فضفاضة» وليس لهما من إنجازات حقيقية، ولا يعدو كونهما من الألفاظ المرسلة.
بين الموقفين يبرز موقف وسط يشير إلى وجود محاولات جادة من بعض الغيورين، مشيرين إلى وجود إنجازات واضحة، لكنهم يعيبون على القائمين على أمر الإعلام الإسلامي أو الديني غياب المنهجية، وعدم وضوح الرؤية، واستغلال عواطف المشاهدين الدينية لتحقيق أغراض ومكاسب، مادية ومذهبية وطائفية.
«الرسالة» كعادتها دائمًا، سعت لتسليط الضوء على هذه القضية، واستضافت ثلة من المهتمين بقضايا الإعلام الإسلامي، منهم رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي، ومدير قناة اقرأ الفضائية الأستاذ محمد سلام، ومدير قناة مكة الفضائية الدكتور نبيل حماد والخبير الإعلامي الدكتور أنمار مطاوع، والداعية الإسلامي الدكتور علي بادحدح، والأكاديمي والمستشار الإعلامي الدكتور حسان بصفر في حوار بلا حدود، اتسعت فيه صدورهم وانطلقت ألسنتهم فكانت الحصيلة التالية:
تحرير المصطلح وتوضيح الفرق
بداية تساءلت «الرسالة»: بعد مرور هذه السنوات هل هناك ما يسمى بالإعلام الإسلامي أم أن ما هو موجود إعلام ديني؟ وما الفرق بين الاثنين؟.
وكانت الاستهلالية من نصيب الدكتور عشقي الذي قال:
الإعلام الإسلامي يختلف عن الديني، لأن الأخير موجَّه فقط إلى الدين، أما الإعلام الإسلامي فإنه إعلام حضاري ينطلق من ثوابت إسلامية، فهذا هو الفرق، والإعلام الإسلامي بدأ من نهاية القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين حينما بدأت رياح الثقافة الغربية تهب على الأمة الإسلامية والعربية، ووقتها كان العالم الإسلامي تحت مسماه وانبرى تحت ذلك بعض المفكرين الإسلاميين لعمل هذا الإعلام الإسلامي.
كانت البداية مع الشيخ محمد عبده وكان له تلاميذ حملوا الراية من بعده ومنهم جمال الدين الأفغاني الذي أسس مجلة «العروة الوثقى»، بعد ذلك حمل الراية اثنان من أشهر الإعلاميين والعلماء الإسلاميين وهما: رشيد غطا، ومحب الدين الخطيب، فرشيد غطا كانت لديه جريدة «المنار» ومحب الدين الخطيب كانت له مجلة «البحث» التي تربى عليها الإمام حسن البنا، ومن هنا ظهر الإعلام الإسلامي الذي حافظ على الروح الإسلامية في مواجهة التيارات العلمانية التي كانت تغزو المنطقة الإسلامية، وحينما ظهر الملك عبدالعزيز في الجزيرة العربية، كان من أكبر مناصريه محب الدين الخطيب، وكذلك رشيد غطا، وكانت مجلة «البحث» تدعو لتأييد الملك عبدالعزيز والاثنان عرفا بأنهما من أصحاب التوجه السلفي، وأول من وضع لبنة الإعلام السلفي هم الإسلاميون...
إعلام حضاري
قاطعناه بسؤال عن تحديد الفرق بين الإعلام الديني والإعلام الإسلامي، فأجاب بقوله:الإعلام الديني هو الإعلام الذي يوجَّه للدعوة الدينية فقط، أما الإعلام الإسلامي فهو إعلام حضاري يأخذ بأهداف وثوابت الإعلام وينطلق من ثوابت إسلامية فهذا هو الإعلام الإسلامي.
وتدخل الدكتور علي بادحدح بالقول: بإمكاننا ألا نفرق بين المصطلحين وكذلك بإمكاننا التفرقة بينهما إذا قصدنا أن الإعلام الديني تمثله بعض القنوات المتخصصة في التعليم الديني، فما تقدمه قنوات المجد التعليمية عبارة عن دروس علمية بحتة، وكذلك ما تبثه قناة (الناس) من دروس ومحاضرات، الإعلام الإسلامي هو برامج متنوعة منها الشبابية والثقافية والترفيهية، لكنها تنطلق من ثوابت ورؤى إسلامية ولها ضوابط إسلامية لا تخلو منها سواء في الشكل أو المضمون.
مفهوم أشمل
وتحولت دفة الحديث إلى الكاتب والإعلامي الدكتور أنمار مطاوع الذي أجاب عن سؤال من الصحيفة بحكم تخصُّصه عن التمييز بين ما ينشر على أنه إعلام ديني وإسلامي في بوتقة واحدة أم أن المسألة فيها رؤية أخرى، فأجاب بقوله:
المفهوم الذي يختلط على الجمهور بين الإعلام الديني والإسلامي أنه لو نظرنا للإعلام الإسلامي على أنه الذي يقوم على قيم وأخلاقيات ومبادئ فهذه لا يعرفها القارئ أو المشاهد أو المستمع العادي، وربما يخلط فيها بعض الإعلاميين، الإعلام الديني هو مفهوم أشمل وأكبر يندرج تحته الإعلام الإسلامي، فهناك فضائيات تتحدث عن اليهودية وبعضها عن المسيحية.
الضوابط الإسلامية
عند ذلك سألنا مدير قناة اقرأ الأستاذ محمد سلام عما إذا كان يتفق مع الدكتور مطاوع في هذا الأمر أم لا، فأجاب قائلًا:
في الحقيقة هناك تصنيفات كثيرة للإعلام، فبعض الإعلاميين والمتخصصين لا يفضل هذه التسمية بقولهم: لا يوجد إعلام إسلامي وغير إسلامي، ففي نهاية الأمر كلنا نقدم إعلامًا إسلاميًا وكما قال الأخوان الكريمان، فالقنوات الإسلامية هي تلك التي تقدم مواد منوعة وتلتزم بالضوابط الإسلامية، أما القنوات الدينية فهي القنوات التي تقدم برامج دينية فقط كتعليم القرآن والحديث ولا تقدم شيئا غيره، فهذه قنوات دينية، ولا ننسى أن كثيرًا من الآيات القرآنية تؤكد أن الإسلام دين وحياة ولا ينفصلان عن بعضهما، ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام يقول «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، فهذا حث على الجمع بين الدين والحياة، وعلى سبيل المثال فإن قناة (اقرأ) تقدم الدين والحياة معًا، فهي تعلم الدين والحديث والتفسير والفتاوى، إضافة للمسابقات والمسلسلات وهذا مفهوم القنوات الإسلامية.
تجربة في الغرب
أما الأكاديمي والمستشار الإعلامي الدكتور حسان بصفر فيقول:
هذا الموضوع مهم جدًا، لأنه يوضح الفرق بين الإعلام الإسلامي والديني، فالإعلام الديني هو المتخصص عن طريق القنوات في الغرب، وعندما كنَّا في الولايات المتحدة رأينا بعض القنوات تدعو للمسيحية وبقية الأديان، فالإعلام الإسلامي له أدواته الخاصة وله قنواته، وعلى سبيل المثال فإن خطبة الجمعة هي إحدى الأدوات المهمة في الإعلام الإسلامي، وكذلك الأذان، وعندما كنت طالبًا في جامعة الملك عبدالعزيز رافقت مرة بعثة أمريكية، فتساءلوا عند سماعهم الأذان عنه؟ فقلت لهم إنه دعوة للصلاة. فقالوا ما هي الصلاة؟ فقلت لهم إنها ركن من أركان الإسلام، مما دفعهم لمزيد من التساؤلات حول الإسلام.
ومما لا شك فيه أن وسائل الاتصال الجماهيري أصبحت تصل لكل مكان، ونرى حاليًا بثًا مباشرًا للصلاة من المسجد الحرام والمسجد النبوي، إذًا فالإعلام الديني هو إعلام يعتمد على القنوات الحديثة، أما الإعلام الإسلامي فله تاريخ وجذور منذ أن بدأ الإسلام.
الصحوة ودورها
ونحى الدكتور علي بادحدح منحى آخر عندما تعرض لدور الصحوة في رفد الإعلام الإسلامي ودعمه عندما قال:
أؤكد على الدكتور أنمار أن الإعلام الديني تنطوي تحته الدعوة للأديان الأخرى كالمسيحية مثلًا، أما الإعلام الإسلامي فإن له خطين متعاكسين، فهو أصلًا نتاج للصحوة الإسلامية ورواد الصحوة هم الذين قاموا بالمبادرات الأولى، فهذا الإعلام من مخرجات الدعوة الإسلامية، وعندما دخل المتخصصون لينشئوا الاقتصاد الإسلامي وجدوا أن من واجبهم رفد الدعوة الإسلامية، وتيقنوا من اتساع دائرة الإعلام وتأثيره وتنوع قوالبه، وقدرته على الحديث عن مناطق وبلاد لا تتوفر فيها وسائل الإعلام العادية، فخطبة الجمعة تكاد تكون غير موجودة، إضافة لغياب الدروس والمحاضرات.
واستشهد بادحدح على قدرة الإعلام وتعاظم دوره بالقول «عندما كنت أسافر إلى بعض الدول وجدت أن هناك اهتماما كبيرا بقناة (اقرأ) على سبيل المثال، وشاهدت بعيني في مدينة الإسكندرية أن بعض العائلات تضع خريطة برامج القناة لمتابعتها، كما أن للقناة تأثيرا أيضًا في دول مثل تونس والمغرب ولها متابعوها الذين يداومون على مشاهدتها. وفي زمن الإعلام أصبحت الخطبة التي أخطبها على المنبر ويستمع لها ألفا شخص مثلًا، ولكن عندما تبث على الفضائيات أو يتم إنزالها على موقع تويتر يستمع لها عشرات الآلاف، فهذه الوسائل الجديدة أعطت الإعلام دورًا كبيرًا، وبكل وضوح نقول إن الإعلام الإسلامي أسهم كثيرا في زيادة الوعي الإسلامي وتعزيز الانتماء الحضاري.
الدعوة السرية
ومن جهته أبان بصفر أهمية التمييز بين مستويات الاتصال ابتداء بالمستوى الشخصي، ويقول:
انتشر الإسلام حتى عندما كانت الدعوة سرية، عندما كان الاتصال شخصيًا، والعلماء فسروا اتصال شخص بآخر بالمواجهة، كما أن هناك الاتصال الجمعي كخطبتي صلاة الجمعة وهي أحد الأمور المؤثرة بالإعلام الإسلامي وهو دين مؤثر ويؤثر على الجمهور المتلقي لأنه كما قيل: «من مس الحصى فقد لغى»، ثم ننتقل للاتصال الجماهيري من صحافة وإذاعة وتلفاز وكما نعلم إلى يومنا الحاضر أنه أتى الإعلام الجديد كتويتر وفيس بوك.
مصطلح جديد
هنا تدخلت «الرسالة» وقالت إن الدكتور عشقي له رؤية مختلفة في بدايات الإعلام الإسلامي والدعوة النبوية فأجاب عشقي بقوله:
أتفق معهم جميعا ولكن كلمة إعلام إسلامي هي مصطلح جديد أتى في عصرنا الحالي. ونحن نعلم أن الإسلام صالح لكل مكان وزمان، إلا أن هذا المصطلح يقف أمام إشكالين، أولهما هو تحديد المصطلح، فنحن في الأساس لا نستطيع أن نفرق بين الدين والحضارة، فإن كان الدين هو ما أنزله الله وما التزمنا به من صلاة وصيام، إلا أن الحضارة هي ما جاء به البشر، فيدخل الإعلام ضمن هذا الإطار، وهذا الإطار نستطيع أن نسميه إعلاما إسلاميا إذا كانت ثوابته تتماشى مع الثوابت الإسلامية، هناك موضوع آخر به عنصران؛ العنصر الأول: بشري، والثاني هو عنصر الرسالة الإعلامية، فبالنسبة للعنصر البشري هل لا بد للشيخ أن يتحدث عن الإعلام الإسلامي؟ أم أنه يستطيع التحدث فيما شاء ما دام منضبطًا بالضوابط الإسلامية؟ عندما عرض فيلم الرسالة كان البطل غير مسلم، لكن الفيلم كان إسلاميًا، لأنه التزم بالإطار الإسلامي، هناك أيضًا سؤال مهم: هل الرسالة الإسلامية واضحة؟ حيث نجد أنها لم تتضح حتى الآن مع الأسف، ومع أن الإعلام الإسلامي يخدم الدين والعقيدة ويواجه التحديات، إلا أنه لم يستطع أن يوجد رؤية محددة يستطيع أن ينطلق منها، ليس ضد الغير وإنما لاحتواء الغير ومحاورته، فإذا كنا في العالم الإسلامي نريد أن تكون لنا رؤية إعلامية فإن من المهم أن نتفق على ميثاق الشرف، إذا تحقق ذلك فسوف تكون لنا رؤية معينة وتوجه معين.
صيانة الثوابت
وتساءل عشقي بقوله: هل على الإعلام الإسلامي أن يوجد منهجًا إعلاميًا إسلاميًا؟ فنحن نلاحظ أن بعض الجامعات تحاول فعل ذلك، إلا أنها حتى الآن لم تتوصل لإيجاد هذا المنهج، أيضا عندما نأتي إلى النظام البنكي الإسلامي (المصارف الإسلامية) فنجد أنها تعاني أيضًا من مثل هذا القلق, ونفس الأمر ينطبق على علم الاجتماع الإسلامي، مشكلتنا في كل ذلك أننا لم نستطع أن نوجد المناهج الإسلامية المعاصرة، إذا وجدناها نستطيع أن نتحاور مع الغرب، لكن إذا لم يحدث ذلك فعلى ماذا نتحاور معهم؟.
لكني أقول إنه رغم ذلك فقد أدى الإعلام الإسلامي دورًا كبيرًا في صيانة الثوابت الإسلامية والحفاظ عليها، وهذه حقيقة ثابتة ومحمدة له، لكنا نريد دورًا أكبر من ذلك، ونريد أن يكون هناك منهج.
نظريات قديمة
هنا طلب محمد سلام التعليق على ما ذكره الدكتور أنمار، فقال:
عندما تحدثت في المداخلة السابقة عن الدين والحياة، وعن الإعلام الديني أو الإسلامي لم أعني استخدام نظريات قديمة، كما لم أقصد أن الفرق بين الإعلام الديني أو الإسلامي هو أنه يتحدث عن الأمور الإسلامية أو الدينية فقط، لكنها قنوات بها برامج منوعة ومسلسلات، إضافة إلى البرامج الدينية، ولكن حتى المسلسلات أو البرامج الترفيهية هي أيضًا منضبطة بضوابط إسلامية، بمعنى أن المذيعة تظهر في الشاشة وهي محجبة حتى إذا كانت في المسلسلات لقطات غير مناسبة من الممكن أن يتم حذفها فهناك فرق في وجهة نظري بين الإعلام الديني والإعلام الإسلامي، فنحن عندما يقول لنا البعض إن قناة (اقرأ) دينية نقول إنها قناة إسلامية تجمع بين الدين والحياة.
أما بالنسبة للحديث عما إذا كان الإعلام الإسلامي من نتائج الصحوة أم لا، فأنا لا أعتقد أنه كذلك، لأن الإعلام عمومًا والإعلام الإسلامي على وجه الخصوص موجود منذ آلاف السنين، ومعلوم أن الإعلام كان من أوائل الوسائل الإعلامية القوية منذ القدم، فالشعر كان لسان العرب وكان يُخسف به أقوام ويًرفع به أقوام كانت وسائل الإعلام قوية جدًا، وفي الوقت الحالي وصلنا بعد الشعر إلى الصحف والمجلات التي لها تأثير واضح في حياتنا المعاصرة والآن أتى الراديو والتلفزيون وبقية وسائل الإعلام.
أصول وأدوات
ثم انتقلت دفة الحديث إلى الدكتور بادحدح قال:
نظرية المصطلح كعلم حديث له أصوله وأدواته، فقضية الإسقاط أو الاستخدام أعتبرها قضية جوهرية، فليس هناك فرق، وكل من يتحدث عن الإعلام يقول إن هناك رسالة ووسيلة اتصال، وأنه يطبقها ولكن هناك اختلاف، فنظرية المصطلح أعتقد أن الواقع تجاوزها، فلو سألنا أي شخص في الشارع فإنه سيخبرنا بوجود إعلام إسلامي وغير إسلامي ويمكنه التمييز بينهما فالمصطلح أصبح حاضرًا في الوعي وفي الرؤية العامة لدى الناس، أما ما ذكرته عن أن الإعلام الإسلامي هو نتاج الصحوة أو الدعوة، فهذا مرده إلى أن كل المشروعات التي قامت لم يقم بها رجال أعمال وحتى رجل الأعمال هم أشخاص ينتمون إلى الدعوة، ولو وجدت قنوات مثل مجموعة قنوات المجد أو القنوات المصرية ستجد أن المؤسسين ركزوا كثيرا على ضوابط الإعلام وأعني بالضوابط هنا الرؤية والأهداف معًا، فهي تعبر عن الناحية الإسلامية، الضوابط هي آلية لتحقيق الأهداف لتنطلق منها الرؤية وهناك أهداف فلا نستطيع أن نركز فقط على الضوابط، لأننا لو فعلنا ذلك فقد لا يكون لدينا محتوى وهدف.
الصورة الذهينة
ونوه الدكتور بصفر إلى أن الإعلام الإسلامي يجب أن يركِّز على جمهور داخلي هو جمهور العالم الإسلامي، وقال:
هدف الإعلام الإسلامي هو إعطاء الصورة السليمة الصحيحة عن المسلم في وسائل الإعلام الخارجي وتصحيح الصورة الذهنية الموجودة في الخارج، سواء في الشرق أو الغرب، ويجب أن تكون هذه الصورة مثلى، وإذا نظرنا إلى الصورة الذهنية نجد أنها تتنوع، فهناك ما يسمى بالصورة المثلى التي نتمناها وهناك ما يسمى بالصورة الواقعية، وهناك أيضًا الصورة المتعددة وهي مستمرة في التغيير لكن ما أردت أن أقوله انه يجب على العاملين في مجال الإعلام الإسلامي أن يعملوا على ترسيخ الصورة الذهنية السليمة الصحيحة عن المسلم، لأن صورة الرجل العربي والإسلامي مشوهة وغير صحيحة، ويجب على الكتَّاب والصحفيين أن يعملوا على تحقيق هذا الهدف، كما يمكن في هذا المجال استخدام التلفزيون وبقية وسائل الإعلام الجديد، وكل هذا للوصول إلى الآخر وتقديم الصورة الذهنية السليمة التي نحملها والتي شُوهت لأسباب كثيرة، سواء أكانت اقتصادية أو سياسية في الشرق أو الغرب، ولذلك يجب أن يحظى المسلم بهذه الصورة التي أعطاه إياها الله سبحانه وتعالى، وعليه المحافظة عليها، وهناك عدة دراسات وأنا ضمن أحد المتخصصين الذين أجروا هذه الأبحاث في جامعة الأزهر وفي جامعات أخرى، فكلها تبذل في سبيل تقديم الصورة السليمة الصحيحة، فإذا أردنا ذلك يجب الاستعانة بمراكز الدراسات الاستراتيجية، وهنا يوجد الدكتور أنور عشقي المتخصص في الدراسات ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية كما يمكن الاستعانة بالجامعات وهنا يوجد الزملاء الأكاديميون الذين بإمكاننا الاستعانة بهم وهذا كله بإذن الله يصب في مصلحة الإسلام.
نقطة مهمة
وأجاب الدكتور أنمار مطاوع عما إذا كان ينبغي على من يعمل في القنوات الإسلامية أن يظهر بنفس الرداء التقليدي المعروف عن المشايخ أم أن الأمر مفتوح، فأبدى إعجابه بالسؤال وقال:
أنا سعيد لأننا دخلنا إلى هذا الجانب، فقد كنا فيما مضى نتحدث حديثًا مرسلًا، لكن هذه النقطة مهمة ليكون حديثنا أكثر منطقية، فالإعلام بشكل عام يصنع الجمهور والداعية بالتلفزيون أصبح نجمًا ولكن إذا لم لا تتوفر فيه صفات النجم فسوف تتخلى عنه القناة لتأتي بشخصٍ بديل عنه. فهنا لا بد من توفر صفات النجومية، فالفكرة التي يقوم بنشرها هي صناعة إعلامية...
صناعة النجوم
عند هذه النقطة توجهنا بسؤال للأستاذ محمد سلام عن صناعة النجوم، فأجاب:
ما قاله الدكتور أنمار هو أن الإعلام جزء من حياة الإنسان اليومية، فمن المستحيل أن يمر يوم دون أن نرى التلفزيون أو نطالع الصحف، فالإعلام أصبح جزءا مهما وأصبح المشايخ والدعاة نجومًا يأتي عوام الناس لالتقاط الصور التذكارية معهم، وبعضهم يستقبل كرؤساء الدول، ولا شك أن الإعلام الإسلامي جزء من منظومة الإعلام الشاملة والمتكاملة.
هدف معين
هنا ذكرنا للدكتور عشقي أن هناك إحصاءات موثوقة تشير إلى اتساع شريحة الذين يتابعون الإعلام الإسلامي، فهل ذلك دليل على نجاحه وعلى رغبة المجتمع؟ وهل هي مؤشر على أن بقية أنواع الإعلام الأخرى آيلة للتراجع والانزواء؟ فقال:
كل فضائية أو صحيفة أو مجلة وراءها هدف معين، وهي تخدم جماعة أو شخصا أو فئة، هذا من المسلمات ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل ما نشاهده الآن هو إعلام إسلامي أم أنه أسلمة للإعلام؟ إذا كان هذا إعلاما إسلاميا فأين المنهج؟ هناك من الخياطين من يكتب على لافتة محله عبارة «خياط إسلامي»، وهناك بعض المطاعم التي يكتب عليها «مطعم إسلامي»، وفي دول الغرب إذا أرادوا أن يصفوا مأكولاتهم بأنها حلال يكتبون عليها «إسلامي»، فالإسلام منهج ولكن إلى الآن لا يوجد باعتقادي منهج للإعلام الإسلامي، وما نراه الآن محاولات لأسلمة الإعلام والاستفادة من هذه الأسلمة، فهناك علماء فضائيات ويقومون بالإفتاء ويتجاوزون الحدود المطلوبة، وهم يقومون بالتحليل والتحريم وهناك منابر أيضًا، ولكن صنف من العلماء لهم خصوصيات معينة، فهؤلاء كما ذكرتم أصبحوا «نجومًا».
صناعة الطائفية
وتوجهنا بسؤال لمدير قناة مكة الدكتور نبيل حماد الذي حضر متأخرًا عن دور الإعلام في مواجهة بعض آفات المجتمع، وقلنا له إن البعض يتهم الإعلام الإسلامي والديني بتأجيج الطائفية، حيث لم ينجح في مواجهتها، والبعض يقول ان هناك ما يقارب 150 قناة طائفية تبث برامجها، فكيف تقرأ ذلك؟ فأجاب:
التجربة الإسلامية في الإعلام سواء الصحافة بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي كما دخلت في مجال البث الفضائي منذ ظهور الفضائيات أوائل التسعينيات فقبل هذا التاريخ لم تكن هناك فضائيات، وكلنا رأى خلال حرب الخليج الأولى أن قناة CNN كانت هي المصدر الوحيد للمعلومات في عام 1995 بدأت الفضائيات بكل أنواعها وأطيافها تغزو العالم العربي، حاليًا نجد أن السعوديين يسيطرون على 85% من سوق الإعلام في العالم العربي، بينما يسيطر المصريون على 5% وتذهب بقية النسبة (10%) لبقية بلدان العالم العربي، لكن عمومًا يمكن القول بصدق إن إيجابيات التجربة الفضائية الإسلامية تفوق سلبياتها وأرى أن هناك إعلاما إسلاميا مقننا وهناك فضائيات ذات توجهات إسلامية، ولكن ينعكس علينا ما يحدث في الجامعات الإسلامية نفسها، فهناك فضائيات إخوانية وهناك تقليدية.
مرحلة الكفر
لكن هذه بعض الفضائيات وصلت في الوقت الحالي إلى مرحلة الكفر عندما تسب الصحابة رضي الله عنهم وأمهات المؤمنين عليهن رضوان الله لذلك أتمنى من مجمع الفقه الإسلامي أن يجتمع الآن ويرصد كل ذلك.
لكن بكل ثقة أقول إن نجاح الفضائيات الإسلامية كان كبيرًا، ففي السابق كنا نعاني من مشكلة التوافق مع أدوات التقنية، وكنا نجد صعوبات كثيرة في المطابع ووصول الموجات الإذاعية وصورة التلفزيون في الوقت الحالي تغير الوضع ليواكب الزيادة الكبيرة في أعداد المسلمين التي نشهدها في الوقت الحالي.
الخروج من المشكلة
توجهنا بالسؤال للدكتور أنور عشقي عن الارتباك الذي يحدثه تفاعل القنوات الدينية بين العلماء، فقال:
نستطيع الخروج من هذه المشكلة بعدة أمور، في مقدمتها عمل ميثاق شرف بين القنوات الإسلامية وقمنا في المركز بعمل دراسة لربط العالم الإسلامي لكي تكون هي الأساس للهيئة العالمية للإعلام الإسلامي، كانت تلك هي الطريقة الوحيدة لعمل وثيقة شرف لجميع القنوات أو الإعلام الإسلامي، لدينا في الإعلام الإسلامي ثوابت دينية هي أننا يجب ألا نختلف وأنه يجب أن نتحاور مع بعض ومع الغير، لكن أصبحت وسائل الإعلام بعدم وجود هذا الميثاق تزرع الفتنة وتثير الضغائن والمشاكل أكثر من أي وقت مضى، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعيش في المدينة وسط اليهود والمنافقين، لكنه صلى الله عليه وسلم وضع الصحيفة التي جمعتهم كلهم فيما يسمى بالوحدة الوطنية، هذه الوحدة الوطنية كانت أول دستور في التاريخ ولم يرق أي دستور في العالم إلى ما وصلت إليه هذه الصحيفة، فلماذا لا نعود ونستخرج منها كيفية التعامل مع الآخرين ونتقبلهم ونتحاور معهم؟ إذا كانت لدينا أخطاء نصححها أو نعود إلى السلفية الصحيحة التي كان عليها النبي وأصحابه، هؤلاء هم أصل النبع ونحن دائما مصائبنا من المصبات الملوثة لذلك يجب أن يكون هناك ميثاق شرف بين جميع القنوات والوسائل الإعلامية ويتفقون على ميثاق شرف واحد والدليل على عجز الإعلام الإسلامي أن الغرب لا يعرف ما هو الإسلام، القدح في النبي عليه الصلاة والسلام من بعض الغربيين هو دليل على فشلنا في إيصال الرسالة لهم عن طريق الوسائل الإعلامية، لم نظهر لهم سماحة الإسلام، ولم نعرفهم على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نحقق كل هذه الأمور لابد من وجود ميثاق شرف.
تشريح الواقع
هنا سألنا الدكتور أنمار مطاوع عن بعض سلبيات الإعلام الإسلامي، فعددها بقوله:
أنا ضد مسمى الإعلام الإسلامي، فالميثاق الإعلامي يفترض ألا يسيء إلى أحد، الإعلام البوذي صاحب الأخلاق العالية الرفيعة هل نسميه إعلاما إسلاميا؟ وكذلك الشيخ الذي يظهر عبر الفضائيات ويسخر من الناس وجنسياتهم؛ هل يعقل أن نسميه إعلاما إسلاميا؟ تابعت حديث الدكتور عشقي عن ميثاق الشرف، لكنهم لن يتوصلوا لمنهجية سوى منهجية واحدة وهي منهجية الإعلام الأساسي.
رد على التهمة
وعندما طلبنا من الدكتور بادحدح الرد على الاتهام بأنهم لا يمتلكون منهجًا رد بالقول:
ما زلت عند رأيي بوجود إعلام إسلامي، ربما تكون هناك بلورة ليست كاملة، إلا أن هناك ميثاقا أعد للصحافة الإسلامية اجتمع عليه عدد كبير من الصحف وأعلن في الأردن وله رابطة تسمى رابطة الصحافة الإسلامية وينشط وله مؤتمر أو منتدى سنوي، لكن النقطة التي أحب التكلم عنها هي أن كثيرًا من المشاهدين كانوا يتابعون القنوات المنوعة في السابق لأنهم لم يجدوا بديلًا لها، ولم تكن هناك قنوات توفر الدروس والعلوم الدينية والمحاضرات، إلا أن ظهور بعض القنوات الإسلامية المنوعة مثل الرسالة واقرأ أوجدت هذا البديل ولذلك يتابعها المشاهدون، الآن هناك نوعية جديدة من الفضائيات الإسلامية وهي القنوات الترفيهية مثل قناة فور شباب التي توفر برامج منوعات وترفيه وأناشيد، لكن بضوابط إسلامية وهي ليست مجرد برامج منوعات بل بدأت تناقش قضايا الأسرة والمجتمع وتعالجها وتناقشها وتدخل فيها، وهناك برامج شهيرة تقدم في هذه الفضائيات ويتابعها كثيرون وهي تناقش قضايا سياسية وثقافية واجتماعية، هناك جانب مهم ينبغي تسليط الضوء عليه وهو الإعلام التعليمي، وأعني بذلك الاهتمام بالقنوات التعليمية، قد يكون هناك فرق بين الإعلام الإسلامي وما سواه من حيث الاهتمام بالإثارة الصحفية، دور الإعلام في هذا العصر صار أكبر وأشد تأثيرًا وهذا بسبب وسائل الإعلام الجديدة التي لم تعد منافسًا للوسائل القديمة، بل أصبحت مكملًا لها، فما ينشر في الصحف تنشره مواقع التفاعل مثل فيس بوك وتويتر، أما فيما يتعلق بالطائفية فلا أعتقد أن الإعلام قد تأثر بها، حيث لا توجد إلا فضائيات قليلة تابعة لاحد المذاهب، لكن حتى الحراك الإسلامي بما فيه من خصومات لم يظهر في وسائل الإعلام بالقدر الذي هو في الواقع، لذلك أرى أن علينا التركيز على السلبيات بنظرة موضوعية وعلاجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.