لاشك في ان القرار العراقي بعودة المفتشين الدوليين لاستئناف مهمتهم دون شروط ادى بشكل او آخر الى انتزاع مبرر الضربة العسكرية الامريكية ضد بغداد رغم استجابة الادارة الامريكية للضغوط الدولية التي سعت للحصول على تأييد الاممالمتحدة لاي تحرك عسكري، ورغم الاشادة بمفردات الخطاب الذي القاه الرئيس بوش في الاممالمتحدة حول المسائل الجوهرية في النزاع غير المحسوم مع العراق، لاسيما فيما يتعلق بانتهاك قرارات مجلس الامن، ويبدو ان الخيار الوحيد الذي كان امام بغداد لانقاذ نفسها من غضب قوة عظمى ضاربة هو خيار الاذعان للارادة العربية والدولية بالسماح بعودة المفتشين الدوليين، وهو خيار اخذ في الاعتبار مصالح الشعب العراقي الذي عانى الامرين من ويلات عقوبات دولية مضروبة عليه منذ انحسار الحرب الخليجية الثانية، ويبدو انه خيار لا يصب في روافد مصالح العراق فحسب، وانما يصب ايضا في روافد مصالح القضية الفلسطينية التي تمثل قضية العرب الاولى، فالمنطقة في غنى عن حروب جديدة وهي تواجه نزاعا مع اسرائيل على اراض عربية محتلة داخل دائرة صراع غير متكافئ، بما يؤكد ان قرار الاستجابة العراقية لعودة المفتشين الدوليين كان قرارا صائبا، وقد يدفع الادارة الامريكية للتفكير بجدية في اعادة ترتيب اولوياتها، والاهتمام بالدرجة الاولى بحلحلة الازمة القائمة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، فرغم توبيخ بوش في خطابه انف الذكر النظام العراقي بتحديه القرارات الدولية طيلة سنوات عشر الا انه تغاضى عن ازدراء اسرائيل وانتهاكها الصارخ قرارات مجلس الامن طيلة خمسة وثلاثين عاما، فاللحظة التي تعيشها العراق اليوم تقتضي من الادارة الامريكية اعادة تقويمها مرة اخرى حيال الازمة التي تعانيها بغداد، فلابد بعد السماح للمفتشين الدوليين باستئاف مهمتهم من العمل على رفع العقوبات المضروبة حول الشعب العراقي ليعود الى ممارسة حياته الطبيعية، اما مستقبل نظامه فهي مسألة متروكة لابناء العراق دون غيرهم.