يتجول سائق التاكسي في شوارع المدينة منتظرا راكبا يستوقفه، ينطلق معه في رحلة لا يعنيه من أمرها إلا تحصيل أجرته، ولا يخفى على احد كثير من الممارسات الخاطئة التي تصدر عن بعض سائقي التاكسي في سبيل اقتناص راكب والاستحواذ عليه قبل مركبة اخرى، أو قبل ان يصرف رأيه عن استئجار التاكسي، وحوادث الطرق التي تسببها تجاوزات سائقي التاكسي كثيرة لكنها ليست ما اتوقف عنده اليوم وانما اعرض انموذجا لصورة اخرى مشرقة نأمل ان نجد مثلها في بلداننا. في الدول التي تهتم بالسياحة في العالم المتحضر أثارني حرص سائقي التاكسي على الاحتفاظ بخرائط مفصلة للمنطقة التي يعمل فيها وخريطة اخرى للمدينة واخرى للبلد بكل مناطقه وانحائه وتختلف ما تعطيه كل خريطة من معلومات فخريطة المنطقة أوسع وأشمل وخرائط المدينة والبلد تكون شاملة دون تفصيلات لكنها مستوفاة للاشارات على المناطق الضرورية كالتي فيها تزويد الوقود ومراكز شرطة الطرق والمستشفيات وغيرها مما يلزم المسافر وسائق التاكسي المسؤول ليس فقط عن أرواح الركاب وإنما عن وقتهم وتحقيق هدفهم بالوصول الى محطاتهم وذلك بسلك طرق آمنة دون تخبط وضياع يفوت على الراكب غاياته ويعرضه لضغط نفسي هو بغنى عنه. إن سائق التاكسي في تلك الدول حريص على أن يكون ملما ولو قليلا بتاريخ بلده وعلى دراية بالقيمة التاريخية والسياحية لأشهر معالم منطقته فيصبح ركوب التاكسي متعة يسهل على السائح أمورا كثيرة، ومعرفة لغة وسيطة تسهل كثيرا عملية التواصل بين الراكب والسائق مما يذلل عقبات كثيرة، لكن هذه المعرفة ان لم تتحقق على اهميتها لم تكن عائقا عند كثير من السائقين الذين يعرفون ان اداء مهمتهم يتحقق بالاخلاص واظهار الود، والترحيب بالضيف، والحرص على مصالح الراكب وهو بهذا يقدم لبلده عونا سياحيا يجعل الضيف محتفظا بذكرى طيبة يدفعه للعودة مرة أخرى، اما لو كان سائق التاكسي مستغلا، جاهلا، فظا فهذا مما يجعل الضيف يعجل بالمغادرة دون رغبة بالعودة مع ذكرى سيئة عن البلد واهله.