التليفزيون يصرخ بالحرب والوعيد، الجرائد تصرخ بالحرب والوعيد.. الكل يصرخ والكل يتوعد.. والعالم على مرجل تغلي منه أبخرة غضب عارم، ووعيد بانتقام قادم.. ومن شرفة غرفة النزل النائي رصدت هذا الصياد.. وحيدا أمام هيبة المحيط.. @ انتصبت سنارة الصياد وقرص الشمس الأحمر يغطس رويدا وراء أفق المحيط.. بينما عتمات الاصيل تتسرب ظلالا بهفوت من خلال النور المنسحب ولم يكن يربك هذا الصمت الجليل الا ازيز بكرة سنارة الصياد.. وهذا الصوت اللاسع لارتماء الخيط في الامواج.. @ وبصبر مليء بالترقب الآمل يعيد الصياد تلويح الخيط الفضي الدقيق اللامع بين الالوان المتفرقة الآتية من بعيد.. ثم يركز على الموجات الذهبية المتكاسرة.. راجيا أن يطبق فم سمكة.. @ هاهو الصياد وحيد.. كامل الوحدة مع الطبيعة، وكأنه جزء من نظام أزلي. الانسان، هذا الصياد الابدي ضائع في حلم اللانهاية.. @ على أن هناك أمرا أكثر من الصيد لذاته. هذا الذي لايفصح فيه الصياد حتى لنفسه.. الحقيقة المخفاة ان هذا هو وقت الانعتاق، وقت التحرر الهارب من آلام يوم عسير صاخب.. @ وان في النهاية انزلقت وزاغت السمكات عن دعوات سنارته.. الا انه مازال عائما في هناءته السادرة منتشيا بشذى المحيط.. مشاركا مع البحر والشاطيء أمان المساء. .. اصحو في الصباح.. والعالم يصرخ بالحرب والوعيد.. أما الصياد فقد رحل مع سنارته وهناءته.. وأمان المساء..