عشرات آلاف من الطلاب والطالبات من هذا الوطن الغالي يدرسون على حسابهم او حساب اهليهم في الدول الخليجية والعربية والغربية.. ويتجشمون متاعب السفر وتكاليف الاقامة ورسوم الدراسة الباهظة حتى يتخرجوا ويعودوا الى الوطن يحمل بعضهم درجة البكالوريوس والبعض الآخر يحملون درجة الماجستير والدكتوراه ليساهموا في بنائه ويقدموا للوطن اجل الخدمات دون ان يحملوه تكاليف دراستهم في الخارج.. وبدلا من الاحتفاء بهم واقامة حفلات التكريم لهم تقديرا لطموحاتهم وتضحياتهم وتحملهم المتاعب والمشقة وتكاليف الدراسة تشح وزارة التعليم العالي عليهم بالاعتراف بشهاداتهم بحجة عدم استئذانها قبل التحاقهم بالدراسة. ياللروتين غير الواقعي والذي يشكل مؤشرا على جمود الانظمة البيروقراطية وتخلفها، والتي توارثتها وانتقلت اليها عبر الخبراء والمستشارون الذين عايشوها في الماضي وصارت الآن متخلفة بمسافة زمنية وثقافية بعيدة عن مقتضيات الظروف الراهنة. فمنذ تأسست هذه الوزارة منبثقة من وزارة المعارف واجراءات الدراسة في الخارج على حالها ضيقة الأفق بعيدة عن وزن الامور بميزان الواقعية والموضوعية التي تأخذ في الحسبان مستجدات الظروف الراهنة. وتقضي تعليمات وزارة التعليم العالي بأن يحضر الطالب وثيقة قبول من جامعة معترف بها وهذا يفترض ان جميع الطلبة لديهم معلومات ووسائل الاتصال بالجامعات ، وان يحضر وثائق وتعهدات وكأنه مقدم على عمل غير مرغوب، وان يحضر الطالب وولي امره الى مقر الوزارة بالرياض على بعدها عن معظم الطلبة في المناطق الاخرى مما يضطر معظم الطلبة الى اتخاذ اجراءات مستقلة عن آلية وزارة التعليم العالي وذلك لاسباب منها: @ ان وزارة التعليم العالي مركزية ومقرها بعيد عن مناطق الطلبة واولياء امورهم وفي تكرار ذهابهم اليها وايابهم منها يتكلفون من مشاق السفر والانفاق المالي وتعطيل اعمالهم الشيء الكثير. @ ان الطلبة الراغبين في الدراسة في الخارج ليس لديهم معلومات عن الجامعات في الخارج وأي منها تقبله او ترفضه الوزارة. وكأن الوزارة بهذا تعرقل مسيرتهم الدراسية وتعيق طموحاتهم كما يتصورها البعض انطلاقا من تجربتهم معها. رغم ان مستوى الجامعة له اهمية خاصة دون ريب. @ ان تعددية التعهدات والالتزامات والذهاب والاياب وعدم مرونة الموظفين بل واحيانا عدم تقديرهم لمعاناة الطلبة واولياء امورهم.. أساءت كثيرا الى سمعة وزارة التعليم العالي وتخلف انظمتها واجراءاتها. ومنذ ايام قليلة اعلنت الوزارة عن اجراءات الدراسة في الخارج من جديد دون تطوير يستحق الذكر. واشفاقا على ابنائنا الطلبة وعلى اولياء امورهم ورغبة في الاسهام بالرأي في تطوير آلية حديثة للدراسة في الخارج فإنني اتوجه بالمقترحات التالية التي ارى انها تأخذ في عين الاعتبار اوضاع التعليم العالي الراهنة وضرورة فسح المجال امام الراغبين من شبابنا في مواصلة الدراسة في الخارج الذين لم تسمح بقبولهم القدرة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي الحالية. ومن هذه المقترحات: 1 ان تقوم وزارة التعليم العالي من خلال المكاتب الثقافية وهيئات التعليم العالي في البلدان الخليجية والعربية والعالمية بحصر الجامعات والكليات والمعاهد العلياء المعترف بها واعداد كتاب شامل لها يباع في المكتبات في جميع المناطق والمحافظات والمدن بمبلغ رمزي. والى توفيره في الجامعات والكليات في انحاء المملكة. 2 ان تقوم الوزارة بافتتاح مكاتب لها ترتبط بها مباشرة يكون مقرها الجامعات والكليات في انحاء المملكة.. لتسهيل اجراءات الدراسة في الخارج وليس لتعقيدها مما ييسر عملية مراجعة الطلبة واولياء امورهم لها وتعبئة الاستمارات التي اقترح تطويرها وذلك لتكون ملائمة لمقتضيات الوقت الراهن. 3 عدم اشتراط القبول مسبقا لما في ذلك من صعوبات كبيرة وانما ينبغي توفير المعلومات عن الجامعات المعترف بها وعناوينها وهواتف عمادات القبول فيها واعطائها للطالب فاذا تخرج فيها فينبغي الاعتراف بشهادته. 4 وتوفير معلومات عن الاضرار التي ستلحق به حينما لايحصل على قبول في اي جامعة ومن ذلك الخسائر المادية وضياع الجهد والمال والوقت حينما يسافر دون قبول منها. والفوائد المترتبة على القبول وينبغي مساعدته للحصول على القبول من قبل وزارة التعليم العالي عن طريق الملحقيات الثقافية بمختلف البلدان. وعن طريق الاتصال مباشرة بينها وبين المكاتب الفرعية بالمناطق ولا داعي لمركزية هذه الاجراءات. كما ينبغي ان يتقدم الطلاب الراغبون في الدراسة في الخارج بستة شهور قبل سفرهم الى هذه المكاتب واستكمال الاجراءات الاولية ومن ثم تقوم هذه المكاتب بالاتصال باسرع وسائل الاتصال بالملحقيات الثقافية ذات العلاقة فورا وارسال كامل المعلومات عن الطلبة. ومن ثم قيام الملحقية المعنية بالبحث عن قبول للطالب في احدى الجامعات والكليات المعترف بها. 5 لاتزال وزارة التعليم العالي قاصرة النظر حيال الاعتراف ببعض الجامعات في البلدان الخليجية التي يواصل الدراسة فيها عشرات الآلاف من شبابنا وقد حصل الكثير منهم على الدرجات الجامعية والعليا ولاتعترف الوزارة بها دون حيثيات موضوعية تحكم هذا الموقف. ولابد من التأكيد على تطوير آلية للاعتراف بهذه الشهادات ولايجوز انكارها أو رفضها لانها صدرت من جامعات لها مكانتها العلمية وليس لدى الوزارة امكانية للاعتراف والتقويم لمستواها. كما ان الطلاب الذين يدرسون بها لا ذنب لهم بعد ان اوصدت الابواب امامهم. بل يستحقون التقدير والتشجيع والدعم المادي والمعنوي على تحملهم المتاعب والمصاعب والتغرب والصرف المالي. وهم الذين ليس بوسعهم معرفة الجامعات القابعة اسماؤها في ملفات الوزارة. ولايعرفون المقبول منها او المرفوض. 6 ان بعض الطلبة الذين تخرجوا في جامعات معترف بها وحصلوا على درجاتهم العلمية منها ترفض الوزارة الاعتراف بها. لانهم لم يستأذنوا منها مسبقا. أليس هذا موقف متشدد من الوزارة يعكس تخلف الاجراءات. انه موقف غير مبرر اطلاقا. 8 ان الطالب الذي ارسلته أسرته على حسابها. قد اسهمت الاسرة والطالب في التخفيف من اعباء التعليم على الدولة وتحملت الكثيرمن اجل ان يعود شخصا متعلما ومدربا ومكتسبا للخبرات الحديثة كما يفترض ان يسهم في خدمة وطنه وامته ويعزز قدراتها الاقتصادية وتطورها الحضاري دون انفاق عليه. فهو يستحق المؤازرة والتقدير، بدلا من الحرمان من ابسط الحقوق المتمثلة في الاعتراف بشهادته التي حصل عليها من الجامعة دون اذن وزارة التعليم العالي. فلماذا التمسك بالشكليات على حساب الصالح العامة. ولربما ان دراسته في اي جامعة خير من تعطله وقعوده في بيته دون تعليم ودون عمل. 9 واذا كانت وزارة التعليم العالي حريصة على ان يتم الاتصال بين الطالب الذي يدرس في الخارج على حساب اسرته بالملحقية الثقافية فان ذلك يمكن ان يتحقق من خلال: الكتاب المقترح الذي يشمل جميع الجامعات والكليات المعترف بها وعنوان كل منها وهواتف الاتصال بها. ان يحتوي هذا الكتاب على فصل خاص بطرق الاتصال بالملحقية الثقافية والفوائد التي تعود على الطالب منها: كالحماية الامنية، واحتمال مساعدته ماديا اذا حصل على معدل متميز في دراسته وغير ذلك من المميزات الثقافية والاجتماعية. ان وزارة التعليم العالي بالمملكة وقد بدأت خطوات ايجابية كانشاء مركز القياس والتقويم واظهار شيء من المرونة لانشاء الجامعات والكليات الاهلية بعد حث من المقام السامي لها. ارجو ان تنظر الى هذه المقترحات نظرة المتلهف للاصلاح والتطوير الذي يصغي الى الرأي العام بكل اهتمام لما فيه من مرئيات قد تغيب عن ذهنية المسئولين وهم في خضم المشاغل الخاصة والعامة. كما أرجو من الاخوة العاملين في القسم المختص باجراءات الدراسة في الخارج ان يتفهموا ان المملكة تمر بمرحلة تاريخية من حيث المتغيرات والمستجدات. وان يتيقنوا بانني وغيري نقدر لهم استجابتهم في تطوير آلية جديدة للدراسة في الخارج وان الافكار المطروحة في هذه المقالة ربما تسهم في تطوير هذه الآلية. واثقين من اخلاصهم وحرصهم على المصلحة العامة. وفتح ابواب العلم على مصاريعها في الداخل والخارج ولو في الصين.