أحيي من القلب وزارة التعليم العالي التي تأسست بمرسوم ملكي في 8/10/1395ه منبثقة من وزارة المعارف. بعد تطور المؤسسات الجامعية، فهي من الوزارات الحديثة نسبيا، ولكن أي مؤسسة تقام تكون أنظمتها في الغالب مشدودة الى الأنظمة السائدة محليا واقليميا حين تأسيسها. تلك الأنظمة والاجراءات التي توارثت أنظمة واجراءات قديمة نقلها خبراء ومستشارون عايشوها. وكانت تقاس خبراتهم بعدد سنين الخدمة فحسب بصرف النظر عن معلوماتهم وتخلفها عن ركب التقدم الثقافي والتنظيمي. هذه الأنظمة التي لا تزال تحكم معظم اجراءات المؤسسات التعليمية وقد صارت الآن متخلفة بمسافة زمنية وثقافية بعيدة عما هو معاصر حاضرا ومستقبلا. ومن تلك الأنظمة: "اجراءات التحاق شبابنا بالدراسة في الخارج" فمنذ تأسست هذه الوزارة وهذه الاجراءات على حالها ضيقة الأفق بعيدة عن روح العصر، وكأنها تستهدف التعسير وليس التيسير على الطالب: ان يحضر الطالب أو ولي أمره وثيقة قبول من جامعة معترف بها. وهذا يفترض ان جميع الطلبة لديهم معلومات ووسائل اتصال بالجامعة المعترف بها من قبل الوزارة. ان يحضر وثائق وتعهدات روتينية تدل على تخلف في الإدارة العامة، وكأنه مقدم على عمل مخيف. ان يحضر الطالب وولي أمره الى مقر الوزارة بالرياض مهما كان مقر اقامته بعيدا عنها وبعد المراجعة للقسم ولضبابية المعلومات التي يزوده بها الموظف المختص مع تجهم في التعامل كما يقول بعض أولياء الأمور الذين يبررون ذلك بأن هؤلاء الموظفين يفتقرون الى دورات تدريبية على سلوكيات العمل والتعامل مع الناس مما يضطر البعض منهم الى اتخاذ اجراءات مستقلة عن آلية وزارة التعليم العالي وذلك لأسباب منها: @ ان وزارة التعليم العالي مركزية ومقرها بعيد عن مناطق الطلبة وأولياء أمورهم وفي تكرار ذهابهم اليها وإيابهم منها يتكلفون من مشاق السفر والانفاق المالي وتعطيل اعمالهم الشيء الكثير. @ ان الطلبة الراغبين في الدراسة في الخارج ليس لديهم معلومات عن الجامعات في الخارج وأي منها تقبله او ترفضه الوزارة. وكأن الوزارة بهذا تعرقل مسيرتهم الدراسية وتعيق طموحاتهم كما يتصورها البعض انطلاقا من تجربتهم معها. رغم ان مستوى الجامعة له أهمية خاصة دون ريب. @ ان تعددية التعهدات والالتزامات والذهاب والإياب وعدم مرونة الموظفين بل وأحيانا عدم تقديرهم لمعاناة الطلبة وأولياء أمورهم.. اساءت كثيرا الى سمعة وزارة التعليم العالي وتخلف أنظمتها واجراءاتها. ومنذ أيام قليلة أعلنت الوزارة عن اجراءات الدراسة في الخارج من جديد دون تطوير يستحق الذكر. واشفاقا على ابنائنا الطلبة وعلى أولياء أمورهم ورغبة في الاسهام بالرأي في تطوير آلية حديثة للدراسة في الخارج فانني اتوجه بالمقترحات التالية التي أرى انها تأخذ في عين الاعتبار اوضاع التعليم العالي الراهنة وضرورة فسح المجال أمام الراغبين من شبابنا في مواصلة الدراسة في الخارج الذين لم تسمح بقبولهم القدرة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي الحالية ومن هذه المقترحات: 1 ان تقوم وزارة التعليم العالي من خلال المكاتب الثقافية وهيئات التعليم العالي في البلدان الخليجية والعربية والعالمية بحصر الجامعات والكليات والمعاهد العليا المعترف بها وباعداد كتاب شامل لها يباغ في المكتبات في جميع المناطق والمحافظات والمدن بمبلغ رمزي بالاضافة الى توفيره في الجامعات والكليات في أنحاء المملكة. 2 ان تقوم الوزارة بافتتاح مكاتب لها ترتبط بها مباشرة يكون مقرها الجامعات والكليات في أنحاء المملكة.. لتسهيل إجراءات الدراسة في الخارج وليس تعقيدها مما ييسر عملية مراجعة الطلبة وأولياء أمورهم لها وتعبئة الاستمارات التي اقترح تطويرها وذلك لتكون ملائمة لمقتضيات الوقت الراهن. 3 عدم اشتراط القبول مسبقا لما في ذلك من صعوبات كبيرة وانما ينبغي توفير المعلومات عن الجامعات المعترف بها وعناوينها وهواتف عمادات القبول فيها واعطائها الطالب. 4 وتوفير معلومات عن الأضرار التي ستلحق به حينما لا يحصل على قبول في أي جامعة ومن ذلك الخسائر المادية وضياع الجهد والمال والوقت حينما يسافر دون قبول منها.. والفوائد المترتبة على القبول ومساعدته للحصول على القبول من قبل وزارة التعليم العالي عن طريق الملحقيات الثقافية بمختلف البلدان. وعن طريق الاتصال مباشرة بينها وبين المكاتب الفرعية بالمناطق ولا داعي لمركزية هذه الاجراءات. كما ينبغي ان يتقدم الطلاب الراغبون في الدراسة في الخارج قبل ستة شهور قبل سفرهم الى هذه المكاتب واستكمال الاجراءات الأولية ومن ثم تقوم هذه المكاتب بالاتصال بأسرع وسائل الاتصال بالملحقيات الثقافية ذات العلاقة فورا وارسال كامل المعلومات عن الطلبة. ومن ثم قيام الملحقية المعنية بالبحث عن قبول للطالب في احدى الجامعات والكليات المعترف بها. 5 لا تزال وزارة التعليم العالي قاصرة النظر حيال الاعتراف ببعض الجامعات في البلدان الخليجية التي يواصل الدراسة فيها عشرات الآلاف من شبابنا وقد حصل الكثير منهم على الدرجات الجامعية والعليا ولا تعترف الوزارة بها دون حيثيات موضوعية تحكم هذا الموقف. ولا بد من التأكيد على تطوير آلية للاعتراف بهذه الشهادات ولا يجوز انكارها او رفضها لانها صدرت من جامعات لها مكانتها العلمية وليس لدى الوزارة امكانية للاعتراف والتقويم لمستواها. كما ان الطلاب الذين يدرسون بها لا ذنب لهم بعد ان أوصدت الأبواب أمامهم، بل يستحقون التقدير والتشجيع والدعم المادي والمعنوي على تحملهم المتاعب والمصاعب والتغرب والصرف المالي. وهم الذين ليس بوسعهم معرفة الجامعات القابعة اسماؤها في ملفات الوزارة. ولا يعرفون المقبول منها او المرفوض. 6 ان بعض الطلبة الذين تخرجوا في جامعات معترف بها وحصلوا على درجاتهم العلمية منها ترفض الوزارة الاعتراف بها. لانه لم يستأذن منها مسبقا. أليس هذا موقفا متشددا من الوزارة يعكس تخلف الاجراءات انه موقف غير مبرر اطلاقا. 8 ان الطالب الذي ارسلته أسرته على حسابها. قد أسهمت الأسرة والطالب في التخفيف من أعباء التعليم على الدولة وتحملت الكثير من أجله ان يعود شخصا متعلما ومدربا ومكتسبا للخبرات الحديثة كما يفترض. يسهم في خدمة وطنه وأمته ويعزز قدراتها الاقتصادية وتطورها الحضاري دون انفاق عليه. فهو يستحق المؤازرة والتقدير بدلا من الحرمان من أبسط الحقوق المتمثلة في الاعتراف بشهادته التي حصل عليها من الجامعة دون اذن من وزارة التعليم العالي. فلماذا التمسك بالشكليات على حساب المصالح العامة، ولربما ان دراسته في أي جامعة خير من تعطله وقعوده في بيته دون تعليم ودون عمل. 9 واذا كانت وزارة التعليم العالي حريصة على ان يتم الاتصال بين الطالب الذي يدرس في الخارج على حساب أسرته بالملحقية الثقافية فإن ذلك يمكن ان يتحقق من خلال: الكتاب المقترح الذي يشمل جميع الجامعات والكليات المعترف وعنوان كل منها وهواتف الاتصال بها. ان يحتوي هذا الكتاب على فصل خاص بطرق الاتصال بالملحقية الثقافية والفوائد التي تعود على الطالب منها: كالحماية الأمنية، واحتمال مساعدته ماديا اذا حصل على معدل متميز في دراسته وغير ذلك من المميزات الثقافية والاجتماعية. ان وزارة التعليم العالي بالمملكة وقد بدأت خطوات ايجابية كانشاء مركز القياس والتقويم واظهار شيء من المرونة لانشاء الجامعات والكليات الأهلية بعد حث من المقام السامي لها. أرجو ان تنظر الى هذه المقترحات نظرة المتلهف للاصلاح والتطوير الذي يصغي الى الرأي العام بكل اهتمام لما فيه من مرئيات قد تغيب عن ذهنية المسؤولين وهم في خضم المشاغل الخاصة والعامة. كما أرجو من الاخوة العاملين في القسم المختص باجراءات.. الدراسة في الخارج ان يتفهموا ان المملكة تمر بمرحلة تاريخية من حيث المتغيرات والمستجدات. وان يتقينوا بأنني وغيري نقدر لهم استجابتهم في تطوير آلية جديدة للدراسة في الخارج وان الأفكار المطروحة في هذه المقالة ربما تسهم في تطوير هذه الآلية. واثقين من اخلاصهم وحرصهم على المصلحة العامة. وفتح أبواب العلم على مصاريعها في الداخل والخارج ولو في الصين. والله ولي التوفيق. *عميد واستاذ مشارك سابقا بجامعة الملك فيصل استشاري ادارة تربوية