شهدت أروقة محكمة الإسكندرية للأحوال الشخصية واحدة من أغرب قضايا الخلع التي شهدتها المحاكم المصرية منذ تطبيق قانون الخلع رقم (1) لعام 2000.. حيث فوجئ المستشار نصر إبراهيم رئيس المحكمة عندما نادي الحاجب على القضية التي جاء موعد نظرها حسب ترتيب القضايا في رول المحكمة.. حيث فوجئ بعجوز تتكئ على عكاز تتقدم إلى هيئة المحكمة وقتها راح الحاضرون يطلقون الضحكات لا يصدقون أن هذه السيدة هي صاحبة دعوى الخلع كما تقول.. فكيف تخلع من زوجها وهي اقتربت من السبعين عاماً.. وكم يكون عمر زوجها هذا وما سبب دعوى الخلع. أسئلة كثيرة وعلامات استفهام اجابت عنها السيدة أمام هيئة المحكمة بدأتها بإبراز تحقيق شخصيتها ليتأكد الجميع أنها هي نفسها صاحبة الدعوى التي تنظرها المحكمة.. اقتربت العجوز من المنصة بعد أن انتهى دفاعها من إلقاء مرافعته..طلبت من رئيس المحكمة أن يسمح لها بأن تقول كلمة.. وبدأت العجوز وتدعى عائشة تحكي مشكلتها ومأساتها كما تقول والتي دفعتها إلى الحضور إلى المحكمة تطلب الخلع.. قالت العجوز بصوت ضعيف مخنوق سيدي القاضي: ما كنت أتمنى يوماً أن أقف في هذا المكان رغم احترامي الشديد له ولقدسيته الخاصة لأنه يعيد الحقوق ويقتص للمظلوم ويعاقب الظالم.. نعم المحكمة هي الحصن الباقي للضعفاء أمثالي.. فقد تزوجت زوجي وأنا لم أبلغ الرابعة عشرة من عمري لأنه ابن عمي..كنت شديدة الجمال الرجال يتهافتون علي.. لكن والدي أجبرني على الزواج من ابن عمي ولم أكن أرفضه.. فقط كنت أريد أن يتم تأجيل زواجي عاما أو اثنين لكن والدي رفض فتم الزواج. سيدي القاضي.. كنت له زوجة وخادمة ومربية أطفال أكملت معهم رحلتي حتى تزوجوا وأنجبوا.. بل وأصبحوا جدوداً يلعبون مع أحفادهم.. حافظت على منزلي وأسرتي وكرامة زوجي وهو يعلم ذلك ويمكنه أن ينكر إذا كان كلامي غير صحيح أو يخالف الحقيقة.. نعم كنت له زوجة مطيعة لا أعصى له أمراً.. وهو للحقيقة كان يحبني ويحسن معاملتي لم يضربني يوماً أو يسبني أو يهدر كرامتي.. طوال أكثر من خمسين عاماً من عمر زواجنا.. حتى فعل ذلك منذ شهور. واجهشت العجوز بالبكاء وأضافت قائلة سيدي المستشار زوجي يبلغ 73 سنة ومع ذلك فهو يعيش مراهقة متأخرة.. يغازل الفتيات الصغيرات ويحدث الناس عن جمالهن ولم أعد أسمع منه كلمة واحدة مما يردده على مسامع النساء حرمني من حقي في أن أشعر بأنوثتي وأعطاه لمن لا يستحق ذلك.. وعندما وجهت له اللوم والعتاب فوجئت به ينهال علي بالضرب.. نعم لطمني على وجهي.. وهذه كانت المرة الأولى التي يضربني فيها. سيدي المستشار حياتي مع هذا الرجل مستحيلة لا أريد العيش معه.. أرجوكم طلقوني منه لأنه رجل بصباص.. وقتها قام العجوز وراح يبكي ويتوسل إلى زوجته الا تتركه وحده ويطالبها بالعودة معه إلى منزل الزوجية ويعاهدها على الا يغضبها مرة أخرى وتدخل أولاد العجوزين للإصلاح بينهما ووقتها العجوز اجهشت بالبكاء عندما رأت الدموع تتساقط من عيني زوجها حزناً على قرارها بالفراق.. وشاهدت زوجها الذي كان مثل الأسد القوي ملك البيت يبكي وتتساقط الدموع منه وكأنه أسد جريح.. وقتها تنازلت العجوز عن عودتها وطالبت هيئة المحكمة بإلغاء الدعوى واعتذرت لهم عن تضييع وقتهم الثمين. وقتها صفق الحاضرون ومن بينهم هيئة المحكمة للعجوزين وانصرفاً إلى منزل الزوجية ليكملاً معاً مسيرتهما وحياتهما إلى الأبد.وأعلن المستشار نصر إبراهيم رئيس المحكمة إلغاء الدعوة بناء على طلب المدعية.