لو أحصينا عدد الأخبار والتقارير والصور، التي تتحدث عن الاوضاع الحالية للفلسطينيين في ظل الاعتداءات الاسرائيلية اليومية المتواصلة، لوجدناها تفوق اية احداث يشهدها العالم، بل انها قد تعادل مجموع الاخبار والحوادث الخطيرة، التي يشهدها العالم، ان لم تتفوق على ذلك. وإذا أحصينا مجموع الذين يتعرضون لهذا العدوان اليومي، لوجدنا انهم يشكلون نسبة أقل من الضئيلة بالنسبة لسكان العالم، بل وحتى بالنسبة لعدد نفوس أية قارة من القارات. مع ذلك، فان ثمة آلة حربية وحشية تهاجم البيوت واماكن العمل، وتقتل الناس، وتعتقل من تعتقل، وتمارس اقسى انواع البطش والتعذيب بحق هؤلاء المواطنين، ويزداد الحال سوءاً، وتتفاقم الازمة الاقتصادية، وتتسع دائرة معاناتهم اليومية. على الجانب الآخر، يزداد الحديث عن حلول وحوارات واجتماعات، لكن يتضح في النهاية ان الادارة الاسرائيلية تسير بخطين متوازيين، وتنفذ في اطار ذلك مخططها الذي يعمل على جعل الواجهة الدبلوماسية، تتحرك على اوسع مايكون، دون ان يكون هناك أي فعل حقيقي على ارض الواقع، وان مايحصل على أرض الواقع هو الخط الآخر، أي عمليات القتل والتدمير والاعتقالات، ومداهمة المنازل في ساعات الليل والنهار، ومواصلة قواتها العسكرية الحركة داخل المدن والاحياء الفلسطينية. اذن، مايريد تنفيذه شارون، يسير وفق الخطط المرسومة لذلك، ولايأبه القائمون على تنفيذ تلك السياسة، سواء استمرت لشهر او لسنة او أكثر من ذلك، فأن واجهة التخدير الدبلوماسية تفعل فعلها، وتأخذ التحركات مساحة واسعة، وينشغل ببهرجتها وحرارتها الكثيرون، أما القلة من الفلسطينيين، فانهم يدفعون ارواح ابنائهم وسقوف مساكنهم ثمناً لصمودهم بوجه آلة الحرب الاجرامية. من هنا، تتواصل الاخبار والتقارير التي تتحدث عن القتل اليومي، وهي تفوق مايحصل في العالم، من احداث تحصل في مساحة ضئيلة جداً جداً قياساً الى مساحة أية قارة من قارات الارض. الوطن العمانية