المكالمة الهاتفية الأخيرة التي تلقاها سمو نائب خادم الحرمين الشريفين من الرئيس الامريكي تنم في جوهرها عن نقاط حيوية لها عدة انعكاسات ايجابية على طبيعة العلاقات التقليدية التي تربط ما بين الرياض وواشنطن، وهي علاقات "تاريخية ومتينة" كما وصفها فخامة الرئيس بوش، فقد بدأت منذ عهد تأسيس المملكة وتبلورت في اعقاب اللقاء التاريخي الشهير الذي جمع الملك عبدالعزيز بالرئيس الامريكي روزفلت وقتذاك، فمنذ ذلك التاريخ وعلاقات البلدين الصديقين في نمو مضطرد، وبالتالي فان من الصعوبة بمكان خدش تلك العلاقات أو تشويه معالمها كما حاولت بعض الاوساط الاعلامية الامريكية المغرضة ان تفعل ذلك، فقد بين فخامته في ذات المكالمة انه "كلام غير مسئول ولايعبر بأي حال من الاحوال عن واقع العلاقات بين البلدين ولايعكس متانتها ورسوخها" وهذا يعني ان ترهات تلك الاوساط وأراجيفها لاتعبر في واقع الأمر الا عن آراء أصحابها ولاتعبر عن وجهات نظر الحكومة الامريكية، وبالتالي فانها لايمكن ان تؤثر على الصداقة الازلية القائمة بين المملكة والولاياتالمتحدة، فالتعاون القائم بينهما والاحترام المتبادل والحرص على المصالح المشتركة التي امتدت لعقود لايمكن تهميشها بتلك المحاولات المشبوهة التي دستها بعض وسائل الاعلام الامريكية المغرضة، فثمة تنسيق كبير قائم بين البلدين الصديقين لمواجهة الظروف الراهنة لاسيما فيما يتعلق باحتواء ظاهرة الارهاب الدولي ومكافحتها، وفيما يتعلق بالجهود الحثيثة المبذولة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط، فالرؤية الامريكية المطروحة حول قيام الدولة الفلسطينية المستقلة متوافقة ومنسجمة تماما مع المبادرة السعودية التي تحولت الى مبادرة عربية جماعية وتصب في قناة مقايضة الارض بالسلام، فالرؤية والمبادرة معا مرتبطتان بنصوص قائمة في ميثاق الشرعية الدولية، وبالتالي فان المملكة كانت ولاتزال حريصة على استثمار صداقتها القوية مع الولاياتالمتحدة لنصرة الحقوق العربية المشروعة ايمانا منها بأنه استثمار سوف يؤدي الى استقرار المنطقة وهدوئها وأمنها، فثمة تعاون وثيق بين المملكة والولاياتالمتحدة لدعم علاقاتهما الوثيقة في كل مجال من مجالات التعاون المثمر البناء، ولن تتمكن تلك الوسائل الاعلامية المتشنجة من تعطيل مسار تلك العلاقات أو تخريب أهدافها السامية، وتدرك الولاياتالمتحدة هذه الحقيقة الثابتة، وازاء ذلك فانها تسعى الى عدم ربط تلك الاقاويل الضالة والافكار المريضة بوجهات النظر الرسمية للادارة الامريكية، فشتان ما بينهما.