يبحث وزراء الخارجية الاوروبيون خطة دنماركية جديدة لتسوية الخلاف الاوروبي مع الولاياتالمتحدة حول المحكمة الجنائية الدولية، وذلك خلال لقائهم غير الرسمي في عطلة نهاية الاسبوع الحالي خارج كوبنهاجن. وتستضيف الدنمارك، التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي حاليا، هذا الاجتماع الذي يمتد يومين في مدينة هلسينجور الساحلية المعروف أيضا باسم إلسينور التي اتخذها شكسبير خلفية لتراجيديا هاملت . ومن المتوقع أن يتصدر محادثات الوزراء الاوروبيين خلال اجتماعهم موضوع الخلاف الراهن بين الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة حول مطالبة واشنطن بحصانة للمواطنين الامريكيين من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدوليةالمستقلة. ويرفض الاتحاد الاوروبي الطلب الامريكي وقد قاوم عدم محاولات قامت بها إدارة الرئيس الامريكي جورج دبليو. بوش مؤخرا للتوصل إلى اتفاقيات ثنائية مع الدول الاعضاء والدول المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلنطي (الناتو) لمنع تسليم مواطنين أمريكيين إلى المحكمة دون موافقة واشنطن وينتظر وزير الخارجية الدنماركي بير ستيج مولر رأي زملائه الاوروبيين بشأن خطة وضعتها الرئاسة الدنماركية للاتحاد بهدف تسوية الخلاف الراهن وكسب الوقت. وتقضي الخطة بإرساء منتدى حوار رسمي بين الدول أعضاء الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة لمناقشة الخلافات بينهما في محاولة للتوصل إلى حل للمشكلة يقبل به جميع الاطراف. وقد أفسد موضوع المحكمة الجنائية الدولية العلاقات الاوروبية- الامريكية طوال فصل الصيف وأصبح من الضروري الان تخطي الطريق المسدود مع اقتراب مواعيد النظر في انضمام عدة دول من الكتلة الشرقية الاوروبية السابقة إلى حلف شمال الاطلنطي والاتحاد الاوروبي. فسيجتمع زعماء الناتو في نوفمبرالمقبل في براغ للنظر في انضمام أعضاء جدد إلى الحلف، بينما تعهدت الرئاسة الدنماركية باستكمال مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي مع عشردول مرشحة قبل قمة كوبنهاجن التي ستعقد في منتصف ديسمبر المقبل. وعلى الرغم من الاعتراضات الاوروبية هددت الولاياتالمتحدة بصورة غير مباشرة باعتراض طريق انضمام بعض الدول المرشحة إلى الناتو إذا رفضت الخضوع لطلب واشنطن بشأن حصانة الامريكيين من محاكمات المحكمة الجنائية الدولية. وكانت الولاياتالمتحدة قد أعلنت في أوائل الصيف أنها ستسحب قواتها من بعثات حفظ السلام وبخاصة في البلقان إذا قوبلت بالمعارضة. وقد سرد مولر في رسالة إلى زملائه الاوروبيين موضوعات أخرى عديدة تطرح للمناقشة في هلسينجور، ولكن الموضوع الرئيسي والاهم هو انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد الاوروبي. وقال مولر هناك جانب هام آخر لانضمام دول جدد هو علاقاتنا مع الجيران الجدد شرق الاتحاد الموسع - أوكرانيا ومولدوفا وبيلاروس. يجب أن نتأكد من أن مزايا التوسع لا تقف عند الحدود الجديدة للاتحاد الاوروبي . وأوضح أن نزاع الشرق الاوسط سيكون المادة الاساسية للمناقشة في الجلسة الصباحية يوم السبت المقبل. وقال على الرغم من أن الوضع على الارض مازال بالغ الصعوبة فقد تمكنا في الاسابيع الاخيرة من تسجيل بعض التقدم بشأن أمور مثل الامن وقضية الاصلاحات (داخل السلطة الفلسطينية). هذا يعطي بصيصا من الامل. من ناحية اخرى حذر حزب العمال الاسترالي المعارض امس رئيس الوزراء المحافظ جون هاوارد من الخضوع للضغوط الاميركية لتوقيع اتفاق ثنائي ينظم عملية تسليم المتهمين الى المحكمة الجنائية الدولية. وقال مكلف الشؤون الخارجية في حزب العمال كيفين رود ان امتثال حكومة هاوارد لمطالب الولاياتالمتحدة التي تهدف الى منع تسليم اي اميركي الى المحكمة الجنائية الدولية غير مقبول . واضاف لا نجد اي اساس منطقي لاستثناء الولاياتالمتحدة او اي بلد آخر من الاتفاق، مؤكدا ان البدء باقرار استثناءات لبلدان يعرض النظام برمته للخطر . وكان المستشار الالماني غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الاسترالي اكدا في بداية يوليو خلال زيارة لهاوارد الى المانيا، دعوة الولاياتالمتحدة الى القبول بتسوية تتعلق بصلاحيات هذه المحكمة. وقد وجه وزير الخارجية الاميركي كولن باول شخصيا رسائل الى الحكومات الاوروبية لدعوتها الى توقيع اتفاقات تستثني الاميركيين من ملاحقات محتملة امام المحكمة الجنائية الدولية. وحتى الآن وقعت اربع دول بالاحرف الاولى اتفاقا من هذا النوع مع الولاياتالمتحدة، هي اسرائيل ورومانيا وتيمور الشرقية وطاجيكستان.