لن اتناول هنا كما يوحي العنوان كتاب زمن الشعر لأدونيس الذي صدر عام 1972م، ذلك الزمن الذي يبدو انه لم يكن زمن الشعر. وانما استعير العنوان فقط لأتحدث عن زمن الشعر الذي نعيشه الآن، فالشعر في هذه السنوات يعيش نهضة لم يسبق ان عاشها من قبل. ففي العقد الماضي عاشت القصة القصيرة عصرها الذهبي، ولقيت رواجا واسعا، حتى انك لتكاد تجهل كثيرا من القاصين نتيجة تزايد اعدادهم، واصبح لها جمهور كبير يحرص على متابعتها في الصحف والامسيات. وتبع ذلك اهتمام من النقاد، والمؤسسات الثقافية، فسيطر السرد على الساحة واستقطب المبدعين والدارسين. الا ان المتتبع للساحة في السنوات الاخيرة يجد انحسارا لهيمنة القصة في مقابل اتساع مساحة الشعر. ولنعرف مدى تمكن الشعر يمكننا ان نقارن الحضور الجماهيري بين الامسيات الشعرية والامسيات القصصية، فالامسيات الشعرية تحظى بحضور جماهيري كثيف مقابل الامسيات القصصية التي تشتكي قلة الحضور، حتى ولو كانت في الوقت نفسه والظروف نفسها. كما ان الشعر بدأ يغري القصاصين للدخول في مملكته فتحول بعضهم لكتابة الشعر، وعزز بعضهم من كتابته الشعرية التي كان مقلا فيها. فهل هذا هو زمن الشعر؟ هل انتفض ملك الفنون لاستعادة عرشه الذي فقده منذ عقود؟ او ان ذلك مجرد ارتباط بالحوادث الجارية. ولعل المد الشعري الهائج الذي اقبل بقوة يرجع في هذه المرحلة الى الانتفاضة الثانية، لما يميز الشعر الذي عرف في تاريخ العرب من ارتباط بالمناسبات.