نجح يوسف، الطفل البالغ من العمر عشرة اعوام، في ان يبيع ثلاثة اقلام مقابل شيكيل للقلم الواحد، وهو يحلم ببيع كمية كبيرة من الاقلام لكي يترك شوارع مدينة الناصرة العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 ويعود بالقليل من المال الى عائلته في جنين من الأراضي المحتلة عام 1967. قبل شهر، غادر يوسف واربعة من رفاقه مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية الذي هدمته الآلة الحربية الاسرائيلية في نيسان/ ابريل. وبعد ان نجحوا في تجاوز حواجز الجيش، وصلوا الى الناصرة، المدينة العربية الكبيرة شمال فلسطينالمحتلة. ويروي فراس (16 عاما) الاكبر سنا في المجموعة: قلنا لاهلنا اننا سنفتش عن عمل في اسرائيل. مشينا اربع ساعات في الجبال هربا من الجنود وعبرنا الحدود في ام الفحم البلدة العربية في اسرائيل. ويضيف من هناك، نقلنا شخص بالسيارة الى الناصرة. اما شادي، قد امضى نهاره واقفا بالقرب من شارة السير تحت شمس حارقة على امل ان يشتري المارة ملاقط شعر بلاستيكية مقابل خمسة شيكلات للملقط بعد ان وافق صاحب متجر قريب على بيعها له باسعار متدنية. ولا يملك محمد (13 عاما) ما يبيعه فهو يتسول من سائقي السيارات العالقين في الازدحام الشديد عند مدخل الناصرة. ويروي شادي ان اهله عاطلون عن العمل ويقول نحن لسنا متسولين. لقد جئنا الى هنا لانه لم يعد لدينا شيئ في جنين. لا غذاء ولا مال ولا مدرسة. ومنذ بدء الانتفاضة في نهاية ايلول/ سبتمبر 2000، يخضع المواطنون الفلسطينيون في أراضي الحكم الذاتي من الضفة الغربية وقطاع غزة للحصار ويعيش حوالي 800 الف منهم في الضفة الغربية في ظل حظر التجول منذ اعادة احتلال الجيش الاسرائيلي لأراضي الحكم الذاتي في 19 حزيران/يونيو. ويرفع شادي القميص البالي الذي يرتديه ليشير بفخر الى شعار حركة المقاومة الاسلامية حماس الذي حفره على كتفه بواسطة شفرة ويقسم انه سيعود الى جنين ليحارب الدبابات الاسرائيلية. ويروي محمد: البقاء هنا امر في غاية القسوة. الاسبوع الماضي، طردونا من سطح منزل نأوي اليه مساء، وقعت وكسرت ذراعي وانا احاول الهرب. وكانت الشرطة اقتادت مرة الى الحاجز العسكري الاقرب حوالى ثلاثين مراهقا فلسطينيا قدموا هم ايضا بهدف العمل في اسرائيل لكنهم عادوا بعد بضع ساعات. ويقول ياروم امويال رئيس شرطة الاحتلال في الناصرة الذي يخشى اكثر من دخول راشدين فلسطينيين خوفا من تنفيذ عمليات استشهادية أن دخول الاشخاص في شكل غير شرعي الى اسرائيل يثير قلقنا لكننا نتفهم الوضع. ولكن في عيون محمد وفراس وشادي ويوسف نلمح الخوف لا التهديد. يقول فراس: كنا نشعر بخوف كبير في جنين لاننا كنا نترقب دوما ان تاتي الجرافات لتدمر منازلنا او ان يقوم الجنود بقتلنا، الآن لا نزال نشعر بالخوف لاننا لا نعرف احدا هنا.