اقتضت حكمة المولى تبارك وتعالى في خلقه ان جعل الإنسان ميالا بطبعه الى مخالطة غيره من الناس ومجالستهم والاجتماع بهم مما يكون له الأثر البين والواضح في سلوكه ومنهجه لذا حث النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم على مجالسة ومخالطة الأخيار من الناس. كما حذر من مجالسة قرناء السوء ومجالسة الأشرار فقال صلى الله عليه وسلم : "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير.." وقال عليه الصلاة والسلام "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".فالانسان العاقل الذي يريد النجاة والسلامة في الدارين هو الذي يختار في مجالسته ومصاحبته من يعينونه على طاعة مولاه وأقل أحوالهم الا يجروه الى السوء. يقول تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا".ان قرناء السوء قد يكونون سببا لدخول النار يقول تعالى "ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ياويلتى اليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إن جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا".يروى في سبب نزول هذه الآية انها نزلت في عقبة بن معيط حيث أعلن اسلامه في مكة وكان له صديق مسافر، الى الشام ولما عاد وعلم باسلام عقبة غضب عليه وطلب منه ترك الاسلام والعودة الى الكفر وإيذاء -النبي صلى الله عليه وسلم - وإلا ترك رفقته وصداقته ففعل ذلك ومات على الكفر والعياذ بالله. نعم ان قرناء السوء شر وبلاء على من خالطهم وصاحبهم فكم أرهقوا من رافقهم في المعاصى والآثام وكم أفسدوا عليه حياته وتسببوا في ضلاله وكم قادوا أناس الى المصحات والسجون، وكم من أب يتقطع قلبه حسرة وألما وندامة على ابنه الذي قاده رفقاء السوء الى هاوية المخدرات، وكم من زوجة أصبحت تخاف من زوجها الذي انخرط في زمرة الأشرار وتوحش على أهله بعد مجالسة الأشرار، وكم من أم تبكي دما بعد ان استحوذ قرناء السوء على ابنها حتى أصبحت لا تراه إلا نادرا. ان المقام ليضيق بنا لو أردنا ان نستطرد ونتعظ بذكر خزي أثر رفقاء السوء على الفرد والمجتمع بل وعلى الأمة كلها فهل فقط!!