وعلينا أن نتأمل حال من ابتلوا بإدمان المسكرات ، وتعاطي المخدرات ، واقتراف الفواحش والمنكرات ، واكتساب الأموال المحرمة من ربا ورشوة وغيرها من المكاسب الخبيثة ، وما هم عليه من سوء الحال في أنفسهم وأهليهم ، وما كان لهم من أسوأ الأثر على من يخالطهم ويصافيهم. فمن شقاء المرء أن يجالس أمثال هؤلاء الذين ليس في صحبتهم سوى الحسرة والندامة ، لأنهم ربما أفسدوا عليه دينه واخلاقه ، حتى يخسر دنياه وآخرته ، وذلك هو الخسران المبين ، والغبن الفاحش يوم الدين ، كما قال سبحانه: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ياويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً). هذه بعض صفات من تحسن صحبتهم من أهل البر والتقى ، والألباب والنهى ، وبعض صفات من يجب الحذر من مجالستهم من قرناء السوء وذوي الفسق والفجور. والناس بين ذلك على مراتب .. فمنهم من إلى الخير والفضل أرجى ، وآخرون إلى السوء والشر أدنى ، والحازم يزن الناس بميزان الشرع والعقل ، فمن غلب خيره على شره ، ونفعه على ضره ، اتخذه خليلاً ، واصطفاه جليسا ، والعكس بالعكس. ومن تحرى صحبة الصالحين وحرص على مجالسة المتقين ، وفق لذلك على قدر نيته واجتهاده. لذا فإن المسؤولية لتقع في الدرجة الأولى على عاتق الآباء والأمهات في العناية بفلذات الأكباد ، وتنشئتهم على آداب الدين وتعاليم الإسلام ، وحفظهم عن قرناء السوء ومخالطة الأشرار ووسائل الشر والفساد سعياً في استصلاحهم ، وتحقيق ما يسعدهم في الآجل والعاجل ، وقياماً بما أوجب الله تعالى لهم من رعاية وعناية .. وعلى رجال التربية والإعلام في بلاد الإسلام ، بذل الجهود وحشد الطاقات ، واستغلال الوسائل النافعة المعينة على صلاح الناشئة وتهذيب أخلاقهم ، وتقويم سلوكهم ، والحيلولة دون تأثير دعاة السوء وأهل الأهواء .. فتلكم مسؤولية عظمى وأمانة كبرى حملكم الله إياها أيها الآباء والأمهات فلتؤدوها حق الأداء ، ولترعوها حق الرعاية ، امتثالاً لتوجيه الله عز وجل إذ يقول: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون). والله من وراء القصد.