قال زعماء الاتحاد الأوروبي في اجتمع بروكسل إن اهتزاز الثقة في الولاياتالمتحدة بشأن التجسس على حلفائها قد يضر بالحرب على الإرهاب، ودعوا إلى وضع ميثاق عمل جديد في هذا الإطار بحلول نهاية العام. وجاء في بيان اتفق عليه الزعماء الأوروبيون أن انعدام الثقة «قد يضر التعاون في جمع الاستخبارات.» واطلقت فرنسا وألمانيا مبادرة مشتركة مدعومة من الدول الاوروبية الاخرى سعيًا لايجاد ارضية تفاهم مع الولاياتالمتحدة قبل نهاية العام في ما يتعلق بمسائل التجسس، اثر الكشف عن مدى انشطة التجسس الامريكية. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمر صحافي في ختام اليوم الاول من قمة اوروبية في بروكسل «لا بد من وضع حد لهذه الانشطة والمطالبة بتوضيحات». وتابع «هذا ما فعله الاوروبيون وبالاجماع اذ اعتبروا ان هناك مع حليفنا الامريكي عددًا من التوضيحات» الواجب تقديمها مؤكدًا «نعلم أنه سيتم الكشف عن مسائل أخرى». وقدمت المبادرة الفرنسية الألمانية عند افتتاح القمة «بهدف التوصل قبل نهاية السنة الى اتفاق حول العلاقات المتبادلة» بين الاوروبيين والامريكيين في مسائل التجسس، على ما اعلن رئيس مجلس اوروبا هيرمان فان رومبوي. قواعد مشتركة وأوضح فان رومبوي ان المطلوب انشاء مجموعة يمكن للدول الاعضاء الاخرى الانضمام اليها من اجل ايجاد قواعد مشتركة مع الولاياتالمتحدة بشأن انشطة التجسس محذرًا من ان «فقدان الثقة يمكن ان يضر بالتعاون على صعيد التجسس». وقال «جميعنا متفقون على النص، جميع الدول ال28» في وقت افادت معلومات عن تمنع من جانب البريطانيين الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة والذين اتهموا أيضًا بالتجسس على دول اوروبية اخرى ولا سيما إيطاليا. وقال رئيس الوزراء الايطالي انريكو ليتا ان نظيره البريطاني ديفيد كاميرون ابدى «موقفًا ايجابيًا» وقد امتنع كاميرون عن الادلاء بأي تصريحات سواء عند وصوله الى القمة او عند خروجه منها، ما يعتبر نادرًا. ولا تزال فضيحة التجسس الامريكي على الاوروبيين تتكشف وتتسع مع توارد معلومات جديدة واخرها نقلتها صحيفة ذي غارديان اذ اكدت مساء الخميس ان وكالة الامن القومي الامريكية الضالعة في عمليات التنصت على الاتصالات في فرنساوالبرازيل والمكسيك تنصتت على اتصالات 35 من قادة العالم. والتجسس يرتدي طابعًا حساسًا في المانيا التي لا تزال تحت صدمة عمليات المراقبة المنهجية والمكثفة للمواطنين التي كان يقوم بها جهاز استخبارات المانياالشرقية سابقًا «ستاسي» ايام الجمهورية الديموقراطية الالمانية التي نشأت فيها ميركل. وفي تلميح الى تلك الحقبة حذر رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو الخميس من «التوتاليتارية» مشددًا على «الحق الأساسي» في احترام الحياة الخاصة. ولم يكن الاوروبيون اظهروا حتى الآن أي وحدة صف في مواجهة الفضيحة الناتجة عن الوثائق التي سربها المستشار السابق في وكالة الامن القومي الامريكية ادوارد سنودن والتي افادت من قبل عن برنامج امريكي واسع النطاق لمراقبة الانترنت، لا سيما وأن مسائل الاستخبارات تبقى من الصلاحيات الوطنية وكذلك لأن التجسس يمارس أيضًا بين دول الاتحاد الاوروبي نفسه. هولاند: سنودن مفيد وبهذا الصدد اعتبر فرنسوا هولاند ان معلومات سنودن قد تكون «مفيدة» في نهاية المطاف اذ انها قد تقود الى «مزيد من الفاعلية» في عمل اجهزة الاستخبارات ومزيد من الحماية لحياة المواطنين الخاصة. وردًا على سؤال حول التدابير الذي اتخذها بعد الكشف عن التجسس على 35 رئيسًا أجنبيًا، قال هولاند مازحًا «استعمل هاتفًا ولحسن الحظ لم اعد الى العصر الحجري ولا أتقن لغة المورس». وبعد ان اشار الى انه لا يعلم ما اذا كان هو نفسه قد تعرض للتجسس، اكد الرئيس الفرنسي ان التدابير قد اتخذت كي يكون هاتفه «بأمان». وقال ساخرًا «اول قاعدة من قواعد حسن السلوك بين الحلفاء ألا نراقب بعضنا وألا نتجسس على الهاتف المحمول لأي كائن يكون في القمم الدولية». ومن القواعد الاخرى «عندما نبدأ بالمراقبة يجب ان نتقاسم المعلومات» وألا «نخرن معلومات يمكن ان تؤثر على عدد من الحريات». وأقرت مستشارة للبيت الابيض الخميس بأن برنامج المراقبة الامريكي اثار توترات «شديدة» مع بعض اقرب حلفاء الولاياتالمتحدة غير ان هذه النشاطات تبقى مشروعة على حد قولها. توترات شديدة من جهتها، قالت ليسا موناكو مستشارة الرئيس باراك اوباما للامن الداخلي ومكافحة الارهاب في مقالة نشرتها صحيفة يو اس ايه توداي ان المعلومات التي كشفت في الاشهر الاخيرة «اثارت توترات شديدة مع بعض اقرب شركائنا الاجانب». وتابعت «مع اننا نجمع النوع نفسه من المعلومات التي تجمعها جميع البلدان الاخرى، الا ان اجهزة استخباراتنا تخضع لمزيد من القيود والمراقبة من اي بلد آخر في التاريخ». وكتبت المستشارة ان «الرئيس امرنا بمراجعة طاقاتنا الاستخباراتية بما في ذلك تجاه شركائنا الاجانب» مذكرة بأن الوسائل الاستخباراتية الامريكية «لا تضاهى» الا انها ليست «خالية من القيود». تحذير امريكي وحذرت الولاياتالمتحدة بعض اجهزة الاستخبارات الاجنبية من ان الوثائق التي حصل عليها ادوارد سنودن المستشار السابق في وكالة الامن القومي الامريكية تحتوي على تفاصيل حول طريقة تعاونها السري مع واشنطن، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست مساء الخميس. التجسس على روسيا وكتبت الصحيفة نقلًا عن مصادر لم تكشف هويتها في الادارة الامريكية انه من بين عشرات آلاف الوثائق التي جمعها سنودن فإن بعضها يحتوي على معطيات حساسة حول برامج موجهة ضد بلدان مثل ايرانوروسيا والصين. وذكرت واشنطن بوست على سبيل المثال وثائق تتضمن معلومات حول برنامج تجسس على روسيا تنفذه إحدى دول الحلف الاطلسي ويعطي سلاح الجو والبحر الامريكي معطيات ثمينة. وقال مسؤول امريكي للصحيفة انه «اذا علم الروس به فلن يكون من الصعب عليهم اتخاذ التدابير الضرورية لوضع حد» للبرنامج. نجوم هوليوود ضمت مجموعة كبيرة من نجوم هوليوود أصواتها إلى الغضب الدولي إزاء المراقبة الرقمية من جانب وكالة الأمن القومي الأمريكية. وكان المخرج أوليفر ستون والممثلون جون كوزاك وماجي جيلينهال وويل ويتون من بين الذين ظهروا في مقطع فيديو أصدرته أمس الخميس مؤسسة الحدود الإلكترونية المعنية بحماية البيانات الشخصية على الإنترنت. ويأتي هذا المقطع ضمن مسعى لبناء الدعم لجهود مكافحة التجسس قبيل مسيرة تحت شعار «توقفوا عن مراقبتنا» من المقرر أن تنطلق غدا السبت في واشنطن. لا تأثير على الصادرات وفي السياق، قال مستشار كبير في البيت الابيض الامريكي ان المخاوف المتعلقة بعمليات تجسس أمريكية كان لها تأثير كبير على العلاقات الامريكيةالبرازيلية لكن لم يكن لها تداعيات واسعة النطاق على السياسة الخارجية الامريكية أو جهود ادارة الرئيس باراك اوباما لتعزيز الصادرات الامريكية. وأقر بن رودس مستشار الامن القومي للاتصالات الاستراتيجية بأن التقارير عن تجسس وكالة الامن القومي الامريكية على ديلما روسيف رئيسة البرازيل قد وترت العلاقات بين واشنطنوالبرازيل ودفعت روسيف إلى إلغاء زيارة دولة لواشنطن وعطلت صفقة سلاح محتملة مع شركة بوينج قيمتها أربعة مليارات دولار. وصرح بأن الخلاف مع البرازيل يمثل «تحديًا فريدًا» لكن الدولتين وهما الاكثر سكانًا في الامريكتين ما زالت تربطهما علاقات اقتصادية قوية وتعاون وثيق في مجالات أخرى. وقال رودس انه لا يرى أي بواعث قلق من ان تضر قضية تجسس الوكالة بجهود ادارة اوباما لزيادة صادرات السلاح الامريكية او سياستها الخارجية بشكل عام. وأضاف «لا اعتقد انه يمكن القول انه حدث نوع من التأثير الشامل على السياسة الخارجية الامريكية». وصرح بانه لم يتضح ما اذا كانت الولاياتالمتحدة سيكون بامكانها احياء صفقة طائرات نفاثة محتملة كانت بوينج تأمل ان تجعلها تمد انتاجها للطائرة إف/ ايه-18 سوبر هورنيت إلى ما بعد عام 2016. وقال «هذا قرار سيتخذه البرازيليون. من الواضح اننا ندعم دومًا المصدرين الامريكيين. دعمنا بوينج في عدد من صفقات السلاح في شتى انحاء العالم وسنستمر في ذلك». وقال مسؤولون برازيليون ان البرازيل لن تشتري مثل هذه الطائرة الاستراتيجية من دولة لا تستطيع الوثوق بها. وقال رودس «بصراحة علينا ان نعمل لاعادة العلاقات الامريكيةالبرازيلية الى قاعدة قوية». وكان مسؤول برازيلي رفيع قال لرويترز في اغسطس ان فضيحة التجسس أضعفت ثقة بلاده في الولاياتالمتحدة وقد تؤثر سلبًا على قرار شراء الطائرات. وفي أكتوبر ألغت رئيسة البرازيل زيارة لواشنطن ثم اتهمت الولاياتالمتحدة في خطابها امام الجمعية العامة للامم المتحدة بانتهاك حقوق الانسان والقانون الدولي بعمليات التجسس.