كشف تقرير للأكاديمية العربية للعلوم المصرفية ان الدول الرأسمالية استخدمت وسوف تستخدم الأساليب المشروعة وغير المشروعة سواء بالترغيب أو الترهيب بهدف إعاقة كل برامج التنمية في الدول العربية. ويحذر التقرير الخطير من ان الدول العربية ستعاني من تردي أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية بصورة اكثر مما كانت عليه بسبب سعي الدول الكبرى إلى تهميش دور الاقتصاديات التابعة لخدمة الدول الكبرى. ويؤكد التقرير الذي يحمل عنوان "اثر العولمة على التنمية الاقتصادية العربية" انه على الرغم من حداثة ظهور وانتشار مظاهر العولمة في الوطن العربي خاصة في فترة التسعينات إلا ان آثارها السلبية أخذت تبرز في الاقتصاد العربي حيث تشير جميع المؤشرات الرئيسية إلى تراجع أداء وانخفاض المستويات خلال فترة التسعينات مقارنة بفترة الثمانينات حيث حقق الناتج المحلي العربي انخفاضاً قدره 2.5 بالمائة في أواخر التسعينات بالإضافة إلى حدوث اختلالات هيكلية عميقة في بنية وتركيب هذا الناتج حيث احتل قطاع الخدمات المركز الأول في تكوينه 47 بالمائة في الوقت الذي تراجعت فيه مساهمات القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، ومما يجعل المشكلة اكثر تعقيداً زيادة معدلات النمو السكاني. ويضيف التقرير ان الصناعة العربية تعاني من عدم الاهتمام خاصة الصناعة التحويلية التي تعتبر القاعدة في التطور الاقتصادي، إذ يلاحظ انخفاض مساهمة القطاع الصناعي في تكوين الناتج العربي إلى 11 بالمائة مقارنة بالدول الكبرى الذي يصل إلى 40 بالمائة. ويكشف التقرير عن سيادة نمط الصناعات الاستهلاكية والخفيفة في الصناعة العربية وعلى حساب الصناعات الثقيلة حيث تشكل حالياً ما يقارب 37 بالمائة من إجمالي القيمة المضافة المتولدة عن الصناعة التحويلية العربية وهناك اختلال في هيكل القطاع الصناعي العربي حيث تشكل الصناعة الاستخراجية حوالي 57 بالمائة من القيمة المضافة المتولدة على مستوى القطاع الصناعي العربي مما يدل على الاعتماد على الصناعات الاستخراجية رغم مخاطره الكبيرة نظراً لتعامل هذا القطاع مع العالم الخارجي وحدوث أي تغيرات في أسعار المواد الخام الأولية ينعكس على الاقتصاد العربي ويجعله عرضة للتذبذبات العنيفة والحادة وعدم الاستقرار. ويضيف التقرير من المشاكل والعقبات التي تواجه التنمية العربية ارتفاع نسبة البطالة واختلال هيكل القوى العاملة خاصة وان نسبة كبيرة من العمالة تم توظيفها في مجالات هامشية في قطاعات البنوك والخدمات والتي وصلت نسبتها الكبرى إلى 42 بالمائة على حساب القطاعات الإنتاجية.. ويوضح التقرير ان من المؤشرات السلبية التي ظهرت في الآونة الأخيرة انخفاض الصادرات العربية بسبب انخفاض أسعار البترول وزيادة حجم الواردات وانخفاض نسبة الصادرات العربية إلى إجمالي الصادرات العالمية حيث انخفض من 3.2 بالمائة 1996م إلى 2.3 بالمائة حالياً في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمة الواردات العربية من إجمالي الواردات العالمية حيث تصل حالياً إلى 3.5 بالمائة في حين كانت 2.5 بالمائة عام 97. ومن المؤشرات السلبية ارتفاع نسبة الصادرات من الوقود المعدني إلى 51 بالمائة من إجمالي الصادرات التي ترتفع إلى 60 بالمائة عند إضافة صادرات المواد الخام الأولية، كما تبلغ نسبة الواردات من المواد الغذائية إلى 12 بالمائة من الواردات مما يعني ان العرب يعتمدون في غذائهم على الخارج مما يهدد الأمن الغذائي أحد أركان الأمن القومي العربي. ومن المشاكل التي تثيرها العولمة كما يؤكد التقرير انخفاض الاستثمارات الأجنبية التي وضعت الدول العربية آمالا كبيرة عليها وسيلة لتحقيق التنمية إلا أنها أصبحت معوقاً عليها لان معظم الاستثمارات كانت من حصة الشركات المتعددة الجنسيات وتمثل وسيلة من وسائل النظام العالمي الجديد والدليل ان هذه الاستثمارات تتسم بالضآلة تركيزها في دول معينة خاصة الدول الكبرى. ويطالب التقرير الدول العربية بأن تعمل جاهدة وبكل الوسائل الممكنة لنظام العولمة وكشف كافة الأغطية التي يتستر وراءها هذا النظام مثل حقوق الإنسان والديمقراطية مما يتطلب التريث والتمهل وإعطاء أهمية كبرى للقطاعات الإنتاجية العربية خاصة في مجال الصناعة والزراعة وزيادة حصة الإنفاق الاستثماري في القطاعات الإنتاجية والتكنولوجية وتوجيه الأموال الوطنية والأجنبية لتلك القطاعات.. كما يطالب التقرير زيادة التعاون والتكامل بين الاقتصاديات العربية وإقامة التكتلات الاقتصادية من اجل زيادة قدرها التفاوضية مع التكتلات الدولية والتعامل بحذر شديد من الاستثمارات الأجنبية.