قضت محكمة الاستئناف التونسية أمس بتسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي /66 عاما/ المعتقل في تونس منذ يوم 21 أيلول/ سبتمبر إلى السلطات القضائية الليبية.وقال مصدر قضائي إن السلطات القضائية الليبية قدمت لنظيرتها التونسية التزاما كتابيا بحسن معاملة المحمودي وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة له. وأضاف المصدر أن المحكمة أصدرت هذا القرار خلال جلسة مغلقة استمرت أكثر من خمس ساعات وحضرها المحمودي ومحاموه وممثل عن النائب العام الليبي ومحام عن الدولة الليبية. وذكر بأن قرار التسليم يستند إلى اتفاقية تعاون قضائي وقعتها تونس وطرابلس سنة 1961 وإلى اتفاقية الرياض المتعلقة ب”الإعلانات القضائية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين” التي وقعتها الدول العربية سنة 1983 في السعودية. وقال محامون إنّ “العدالة الليبية ممثلة في وزير العدل والنائب العام قدمت لنظيرتها التونسية اليوم التزاما كتابيا بحسن معاملة المحمودي وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة له”. وأوضحوا أن “الالتزام يتضمن خمسة نقاط تتعلق بالمعاملة الحسنة للمحمودي، والاحتفاظ به في الوحدات السجنية التابعة لوزارة العدل الليبية، وعدم تسليمه إلى أي جهة أخرى، وتمكين محاميه والمنظمات الحقوقية الدولية من الدفاع عنه ومن معاينه ظروف اعتقاله، وإخلاء سبيله في صورة عدم ثبوت التهم الموجهة إليه”. وتعتبر محكمة الاستئناف الجهة القضائية التونسية الوحيدة المخول لها النظر في قضايا تسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس.وينص القانون التونسي على وجوب إصدار الرئيس التونسي مرسوما في أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ النطق بحكم التسليم حتى يصبح قرار التسليم نافذا قانونيا. ووجه القضاء الليبي إلى بغدادي المحمودي تهما تتعلق بالفساد المالي وب”التحريض” على “اغتصاب” نساء ليبيات خلال الثورة الليبية التي اندلعت في 17شباط / فبرايرالماضي. وتظاهر عشرات من الليبيين المقيمين في العاصمة تونس الثلاثاء أمام مقر محكمة الاستئناف مطالبين بتسليم المحمودي إلى القضاء الليبي “لمحاسبته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الليبي”. وقال أنور الطشاني مدير الشئون القانونية في سفارة ليبيا بتونس إن المحمودي “سحب وبتوقيعات شخصية مباشرة جميع الأموال التي كانت في خزانة الدولة الليبية” خلال الأشهر التي سبقت الإطاحة بنظام معمر القذافي. وأضاف: “لا أحد يعرف حجم هذه الأموال ولا إلى أين ذهبت لأنه تم العبث بكل سجلات البنك المركزي الليبي”.وأعلن وزير العدل الليبي محمد العلاقي، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الليبية في اول من تشرين ثان/ نوفمبر الجاري أن المحمودي يلاحق أيضا من أجل تورطه في جريمة “التحريض على الاغتصاب”. وكان المحمودي عبر في وقت سابق-عبر محاميه- عن خشيته من أن تتم تصفيته في صورة تسليمه إلى ليبيا لأنه “الوحيد الذي يملك الأسرار الداخلية والخارجية لليبيا بعد مقتل معمر القذافي”. ووجه المحمودي المحبوس بسجن المرناقية “قرب العاصمة تونس” مطلع تشرين ثان/ نوفمبر الجاري “نداء استغاثة” إلى المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتش ووتش الأمريكية ومنظمة العفو الدولية حتى لا يتم تسليمه إلى ليبيا. وقال المحامي مبروك كرشيد إن الحالة الصحية لموكله “متدهورة” إذا يعاني من مرض السكري وضغط الدم وسبق أن أصيب “قبل سنوات” بذبحة صدرية. وكانت تونس اعتقلت المحمودي واثنين من مرافقيه يوم 21أيلول/ سبتمبر الماضي ببلدة “تمغزة” التابعة لمحافظة توزر الحدودية مع الجزائر المجاورة. وكان الثلاثة يحاولون ساعة اعتقالهم التسلل إلى التراب الجزائري على متن سيارة رباعية الدفع.