تونس - أ ف ب - أعلنت رئاسة الحكومة التونسية أمس تسليم البغدادي علي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي إلى الحكومة الليبية. وأوضحت في بيان أن التسليم جاء «بعد الاطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة إلى طرابلس لمعاينة شروط توافر المحاكمة العادلة للمواطن البغدادي المحمودي. وبناء على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حمايته من كل تعد مادي أو معنوي و تجاوز مخالف لحقوق الإنسان». وأضافت أن التسليم يستند إلى الحكمين القضائيين الصادرين في 8 و25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 عن محكمة الاستئناف في تونس و «اللذين ينصان على تسليم البغدادي المحمودي» إلى ليبيا. وأشارت إلى أن مجلس الوزراء التونسي «وافق» خلال جلستي عمل عقدت الأولى في 9 تشرين الثاني 2011 والثانية في 15 أيار (مايو) 2012 على تسليم المحمودي. وبحسب القانون التونسي، فإن تسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس لا يتم إلا بعد توقيع رئيس البلاد على مراسيم تسليم. وقال مصدر في الرئاسة إن الرئيس منصف المرزوقي «لم يوقع مرسوم تسليم» المحمودي وإن الحكومة التي يقودها الأمين العام لحركة «النهضة» الإسلامية حمادي الجبالي «اتخذت بمفردها قرار التسليم من دون أن تأخذ رأي الرئاسة». وكان الجبالي قال قبل أسبوعين إن بلاده سترحل المحمودي إلى ليبيا حتى إن لم يوقع المرزوقي قراراً بتسليمه. وأشار إلى أن دستور تونس الصادر عام 1959 والذي لا يسمح بتسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس إلا بعد توقيع رئيس البلاد على قرارات التسليم، تم تعليق العمل به بعد إطاحة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وأشار إلى أن «المحكمة الإدارية (التونسية) قالت لنا إنه ليس هناك ضرورة لتوقيع قرار التسليم (الخاص بالمحمودي) من قبل الرئيس». وكان الرئيس أعلن في مقابلة مع تلفزيون خاص «معارضته المبدئية» لترحيل المحمودي. وقال: «ما زلت أعارض الترحيل، إنه موقف مبدئي، لا يمكن أن أوقع الترحيل بحق شخص قد يتعرض للتعذيب أو للقتل... ما زالت أتعرض للضغوط منذ أربعة أشهر في شأن هذا الملف ولكن أنا أعارض الترحيل في الظروف الراهنة». وأوضح: «قلت مرات عدة لأشقائنا الليبيين إن لهم الحق بالمطالبة بترحيل المحمودي كما لنا الحق بالمطالبة بترحيل بن علي (اللاجئ إلى السعودية) ولكن صراحة، إذا تم ترحيل المحمودي أفضل أن يسلم إلى حكومة منتخبة من قبل الشعب الليبي». وأصدرت محكمة الاستئناف في تونس في 8 و25 تشرين الثاني 2011 حكمين منفصلين بتسليم المحمودي إلى ليبيا. ووافقت رئاسة الحكومة التونسية على تسليم المحمودي إلى ليبيا خلال زيارة رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب إلى تونس في 17 و18 أيار الماضي لكنها اشترطت توفير «ضمانات محاكمة عادلة» له. وزارت لجنة حقوقية تونسية ليبيا أخيراً للتأكد من توافر هذه الضمانات. وقال الجبالي إن الحكومة الليبية قدمت «ضمانات» شفوية ومكتوبة ب «احترام حقوق الإنسان، والحرمة الجسدية والمحاكمة العادلة للمحمودي». وأضاف أن المحمودي علقت به «جرائم فظيعة» وأن تونس «لا يمكن أن تكون ملجأ للمجرمين»، قائلاً: «أنا غير مستعد لأن أناصب الثورة الليبية والشعب الليبي العداء». وكانت ليبيا وجهت طلبين رسميين بتسليم المحمودي لمحاكمته بتهمة الفساد المالي في عهد القذافي، و «التحريض» على اغتصاب نساء ليبيات خلال ثورة 17 شباط (فبراير) 2011 التي أطاحت نظام القذافي. ورفض الرئيس السابق فؤاد المبزع توقيع قرار التسليم، مبرراً ذلك بخشيته من تعرض المحمودي إلى «التعذيب» أو «القتل» مثلما حصل مع القذافي. وقبع المحمودي في سجن المرناقية قرب العاصمة تونس منذ اعتقاله في 21 أيلول (سبتمبر) 2011 جنوب البلاد عندما كان يحاول التسلل إلى الجزائر المجاورة. ووصف مبروك خورشيد محامي المحمودي تسليم موكله إلى الحكومة الليبية بأنه «جريمة دولة». وقال إن «الحكومة التونسية لم تحترم القانون التونسي ولا الدولي ولا مبادئ حقوق الإنسان».