استمعت قبل أيام في هذا الشهر الفضيل إلى رسالة من أحد مدراء المستشفيات الذي تم استدعائه إلى مكتب رئيسه الأعلى لمقابلته ودخل عليه فبادره بذكر سلبياته وأن زملائه غير راضيين عنه وبناء على ذلك طلب من هذا المدير أن يتقدم لاعفاءه ، وعلى إثر ذلك تجاوب مع هذا الطلب. ثم استطرد في القصة الصوتية أن أحد زملائه من مدراء المستشفيات ذهب إليه هذا الرئيس في مقر عمله وقام بشكره على جهوده وخدمته و تفانيه ثم طلب منه أن يتقدم بالاعفاء وانه يشعر بأنه لم يعامل بمثل هذا الأسلوب الذي اعتبره تقديرا لزميله بينما هو تم التعامل معه بطريقة أخرى أقل تقديرا. هذه القصص تتكرر كثيرا للمدراء في المستشفيات ولغيرهم من المدراء العموم والوكلاء ونحن هنا سوف نقتصر على مدير المستشفى في أسلوب طلب الإعفاء بهذا الشكل البدائي في مجال الإدارة في مطلع القرن الواحد والعشرين. وبتحليل هذه الحالة نجد ان هذا اسلوب مشترك عند الإدارات العليا في المنظمات الصحية لإعفاء من ترى أنه أصبح غير مناسب للمكان الذي يديره متجاهلين ركنين هامين في الإدارة، وهما العدالة والشفافية. وفي سبيل تلك الغاية طبق مشرعو الإدارة الوسائل والطرق لضمان هذين الركنين في مثل هذه الحالات المتكررة والتي تحفظ الود بين المدير ورئيسه الأعلى والاحترام والتقدير . إن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هل الإعفاء من الإدارة عقوبة أم إرادة من الإدارة العليا، وما هي حدود هذه الإرادة، وكيف عالج المشرع الإداري هذه الإشكالات سواء في إعفاء المدير أو قيام المدير برغبته الطوعية بطلب الإعفاء، وماذا يترتب عليه من العودة إلى وظيفته الأصلية أو أن تكون وظيفته الأصلية مدير في الأساس فماذا يقول النظام في حال طلبه الإعفاء إن تم اعفاءه بدون الرجوع إليه. وهذا يتطلب من أن نعود لتعريف مسمى المدير باختصار انه وظيفة في المنظمات الصحية يقوم فيها صاحب الصلاحية بتكليف من يراه مناسبا بغض النظر عن التخصص بإدارة أفراد المنظمة لتحقيق الأهداف. ولعلنا هنا نذكر أهم الوسائل الموضوعية التي تحفظ الحقوق في حال الاضطرار إلى الإعفاء لأحد المدراء من رئيسه الأعلى. الأساليب الموضوعية للإعفاء من الإدارة : 1/ مراجعة المعايير والمؤشرات للأداء لهذا المدير والمنظمة التي يديرها وبيان خللها. 2/ قياس رضى زملاء العمل معه أيضا مبني على أسس موضوعية ومن ضمن إطار برامج علمية قائمة ومنهجية في طرق قياس رضا الموظفين وبيان أن هناك تحدي في علاقات العمل . 3/ التقييم السنوى لهذا المدير حيث يعطى تقييماً عالياً ثم يفاجئ بأنه غير مناسب ويتم إعفاءه . 4/ التنبيه الشفوي للمدير وانه لم يحقق النتيجة المرجوة بعد تحقيق منصف. 5/التنبيه والإنذار المكتوب للمدير في حال وجود خلل تم التحقيق فيه يستجوب الإعفاء. 6/ التحقيق الكتابي في جوانب القصور والتحقق أن الخلل ليس من هذا المدير بقدر ماهو من ظروف خارجية أو أن الخلل لدية وبناء عليه تتخذ إجراءات الإعفاء. 7/ قياس المنجزات المشرفة والاخفاقات السلبية للمنظمة ومدى دور المدير بها في سبب هذا الإخفاق الذي يستدعي الإعفاء. هذه الأساليب الإدارية الموضوعية في إدارة المنظمات الصحية يجب أن تكون منصوص عليها والعمل بها وليس فقط للتغيير من أجل التغيير أو إرضاء فئة لمصلحة ما ولكن لبيان أسباب الإعفاء ولعل نظام لائحة تأديب الموظفين والمذكرة التفسيرية تكون استرشادية في التعامل مع المدير كموظف حتى نحقق العدالة. ويعيب على كثيرٍ من الإداريين انهم لم يدرسوا الإدارة أو يطلع على الأنظمة التي أوجدتها الدولة أو أنه يعلم بهذه الأساليب لكن لا يطبقها أو لا يوجود جهة رقابية للمحاسبة في حال عدم الامتثال لهذه الأساليب الموضوعية. نتمنى أن تكون الوسائل ونحن مقبولون على الخصخصة في قطاع الخدمات الصحية ترتقى بالأساليب الإنسانية في تعاملنا بهذا الجانب الذي يصبح نقطة سوداء في ذاكرة البعض المدراء لأنه لم تطبق عليه أساليب تنظيمية عادلة لأسباب الإعفاء. وختاما يجب أن تكون معايير الاعتماد المدير للمنشآت الصحية من خلال الإنتاجية والكفاءة والفاعلية والجدارة. * متخصص في إدارة الرعاية الصحية