بعد تفشي وباء فيروس كورونا في العالم، وخاصة أوروبا، اشتعلت حرب الكمامات وأجهزة التنفس بين الدول، وظهرت حالات الاستيلاء على طائرات المساعدات الطبية. مؤخرا، كشفت وزارة الخارجية الإسبانية أن السلطات التركية استولت على طائرة مساعدات طبية وأجهزة تنفس كانت اشترتها إسبانيا من الصين لاستخدامها في مساعدة المصابين في ولايات لديها تفشى فيها كورونا. وتحدثت وسائل إعلام إسبانية عن تصعيد دبلوماسي وشيك بعد تجاهل السلطات التركية الرد على إسبانيا بشأن الإفراج عن طائرة المساعدات الطبية. وفي وقت سابق، ذكرت سلطات العاصمة الألمانية برلين الجمعة أن الولاياتالمتحدة استولت على مئتي ألف كمّامة طبية، كانت قد اشترتها برلين من أجل استخدامها في مكافحة فيروس كورونا. وقال سيناتور الشؤون الداخلية في حكومة ولاية برلين “أندرياس غييسل” في بيان، إن الولاياتالمتحدة استولت على مئتي ألف كمامة طبية من نوع “FFP-2” بالعاصمة التايلندية بانكوك، كانت قد اشترتها ولاية برلين لمواجهة وباء كورونا.وانتقد المسؤول الألماني استيلاء الولاياتالمتحدة على الكمامات، واصفا ذلك بأنه قرصنة، مطالبا الحكومة الفدرالية الألمانية بدعوة الولاياتالمتحدة للالتزام بالقوانين الدولية. فرنسا وأميركا وفي فرنسا، قالت رئيسة إقليم “إيل دو فرنوس” فاليريا بيكريس قبل أيام إن الأميركيين حصلوا في الأنفاس الأخيرة على شحنة من الكمامات كانت قد طلبتها سلطات الإقليم، وذلك بعدما ضاعف الأميركيون المال للجهة المصنعة. وصرح مسؤولون فرنسيون في إقليمين آخرين على الأقل بأن مشترين أميركيين حصلوا على شحنات كمامات صينية الصنع كانت موجهة لفرنسا، وجرى الأمر بالنسبة لإحدى الشحنات في مدرج مطار صيني قبل أن تقلع الطائرة باتجاه فرنسا. غير أن مسؤولا بارزا في الإدارة الأميركية صرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الحكومة الفدرالية لم تشتر من بكين أي شحنات كمامات كانت موجهة لباريس. وفي السويد، اتهمت شركة مولنليك الطبية أمس السلطات الفرنسية بمصادرة ملايين الكمامات والقفازات الطبية التي استوردت من الصين لصالح إيطاليا وإسبانيا. وأوضحت الشركة في بيان على موقعها بالإنترنت أنها استوردت ملايين الكمامات من الصين، وكانت متجهة عبر فرنسا إلى كل من إسبانيا وإيطاليا، إلا أن السلطات الفرنسية وضعت يدها عليها، بعد قرار باريس منع تصدير المنتجات الطبية. ووصف المدير التنفيذي لشركة مولنليك “ريتشارد تومي” تصرف باريس بأنه “غير متوقع ومزعج لأبعد الحدود”، وقالت وزارة الخارجية السويدية أمس في بيان إنها تتوقع من السلطات الفرنسية الإفراج عن المعدات الطبية التي صادرتها. كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النائب البرلماني الأوكراني أندريي موتوفيلوفيتس قوله إنه سافر إلى الصين الشهر الماضي لتأمين شحنة كمامات لبلاده، إلا أن المسؤولين القنصليين الأوكرانيين وجدوا عند ذهابهم إلى المصانع المتعاقد معها أن مسؤولين دبلوماسيين، من دول أخرى مثل روسيا وأميركا وفرنسا، يحاولون الحصول على الطلبيات التي تقدمت بها السلطات الأوكرانية. وأضاف البرلماني الأوكراني في تدوينة على حسابه بفيسبوك، “دفعنا استعجالا للطلبيات مع مصنعين صينيين ولكننا لم نوقع عقودا، وكان بحوزة الآخرين -يقصد الدول الأخرى- أموالا جاهزة للدفع، وبالتالي علينا النضال للحصول على شحنة أخرى”. وفي سلوفاكيا، قال رئيس الوزراء بيتر بيليغريني قبل أيام إن حكومته تعلمت الشهر الماضي درسا مفاده بأنه عندما يتعلق الأمر بشراء شحنات كمامات فإن النقد هو سيد الموقف. وأخبر المسؤول السلوفاكي كيف أن حكومته جهزت أموالا بقيمة 1.2 مليون يورو لشراء شحنة كمامات من مصنع صيني، وأعدت طائرة حكومية خاصة لنقل الشحنة، إلا أن تاجرا من ألمانيا سبقهم إلى المُصنع الصيني، وحصل على الشحنة بعدما دفع أموالا أكثر. وبسبب التهافت الكبير على شراء الكمامات، وبقية المعدات الطبية الضرورية لمواجهة كورونا، وعدم توفر الكثير من دول العالم -ومنها دول متقدمة مثل فرنسا وأميركا- على قدرات إنتاجية كبيرة توازي حاجاتها الضخمة للمعدات المذكورة، فقد نشأت في الفترة الأخيرة توترات بين دول أوروبية عقب مصادرة حكومات لتجهيزات كانت موجهة لدول أخرى. التشيكوإيطاليا ففي الشهر الماضي، اشترت السلطات التشيكية من مهربين آلاف الكمامات التي كانت موجهة لمستشفيات إيطالية، قبل أن تعرف لاحقا أن تلك الكميات كانت هبة من السلطات الصينية لنظيرتها الإيطالية. وذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية أن شركة “ثري أم” الأميركية، التي تنتج أجهزة تنفس اصطناعي، صرحت بأن إدارة ترامب طلبت منها عدم تصدير تلك الأجهزة إلى كندا وأميركا اللاتينية. وقال الرئيس التنفيذي للشركة الأميركية مايك رومان، إن عدم تصدير تلك المعدات ستكون له “تداعيات إنسانية كبيرة”، وذلك بحكم أن الشركة هي مورد رئيسي لتلك الدول. وتعقيبا على قرار إدارة ترامب، قال رئيس وزراء كندا جاستن ترودو إن الخطوة الأميركية “قرار خاطئ”، مشددا على ضرورة تعاون الدول في مواجهة وباء كورونا، ونوه ترودو إلى أن أميركا بدورها تستورد معدات طبية من كندا.