قال سكان وناشطون ان الدبابات السورية طوقت حماة اليوم الثلاثاء في تهديد لشن هجوم كبير على المدينة التي شهدت أكبر احتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الاسد. وقام مئات الشبان بسد الطرق المؤدية الى الاحياء السكنية الرئيسية في حماة بحاويات للقمامة والاخشاب والالواح المعدنية في محاولة لمنع تقدم محتمل للقوات. وذكر شهود ان السكان كانوا يكبرون من الشرفات وأسطح المنازل. وقالوا ان الدبابات والعربات المدرعة تقدمت خلال الليل الى أطراف المدينة وشوهدت 30 قطعة قرب جسر علوي على طريق مؤدي الى جهة الغرب وذلك بعد يوم من دخول قوات الجيش والامن فجر الاثنين الى حماة حيث قتلت ثلاثة مدنيين على الاقل خلال المداهمات التي قامت بها للاحياء الرئيسية في المدينة. ونظمت في حماة التي شهدت حملة قمع دموية نفذها الرئيس الراحل حافظ الاسد والد بشار قبل 30 عاما لسحق انتفاضة اسلامية مسلحة بعض من أكبر الاحتجاجات وشهدت أسوأ أعمال عنف في الانتفاضة المستمرة منذ 14 أسبوعا في سوريا والتي استلهمت تجارب أخرى في العالم العربي. وقال الناشط السوري محمد عبد الله من منفاه في واشنطن “الاسد قد ينتظر ليرى ما اذا كانت ستستمر احتجاجات واسعة النطاق في حماة. هو يعلم ان استخدام العدوان العسكري ضد مظاهرات سلمية في مكان رمزي مثل حماة سيفقده تأييد روسيا والصين”. وعارضت الدولتان قرارا ضد سوريا طرحه الغرب على مجلس الامن التابع للامم المتحدة مما ساعد الرئيس السوري على تحمل العزلة الدولية المتصاعدة ضده. وقال عبد الله ان استخدام الدبابات لمهاجمة حماة سيفقد الاسد المصداقية تماما وهو يسعى لفتح باب الحوار مع المعارضة. وذكر ان قوات الجيش والعربات المدرعة تهاجم بالفعل قرى وبلدات في منطقة جبل الزاوية الى الشمال من حماة والتي شهدت أيضا احتجاجات كبيرة ضد حكم الاسد الممتد منذ 11 عاما. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الدبابات هاجمت بلدة كفر نبل بالفعل في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء دون ان تقابل بطلقة رصاص واحدة من البلدة التي شهدت احتجاجات سلمية منذ بدء الانتفاضة. وقبل شهر قال نشطاء ان قوات الامن قتلت بالرصاص 60 محتجا على الاقل في حماة. ثم تراجع الوجود الامني في وقت لاحق. وقال نشطاء ان حشدا يضم 150 ألفا على الاقل تجمعوا يوم الجمعة في ميدان في وسط حماة مطالبين برحيل الاسد. وفي اليوم التالي عزل الاسد محافظ المدينة وقال مقيمون يوم الاثنين ان قوات الشرطة والجيش تدفقت على حماة لتنفيذ حملة اعتقالات. وقال طبيب ان من بين القتلى في حماة صبي عمره 13 عاما ورجل القيت جثته في نهر العاصي. وذكر سكان أن بعض الجنود ورجال الشرطة الذين تدفقوا على حماة يوم الاثنين فتحوا النار في الاحياء السكنية ونفذوا اعتقالات في مختلف أنحاء المدينة. وأضافوا ان شبان المدينة وكان بعضهم يحمل حجارة سدوا الطرق المؤدية الى الاحياء الرئيسية باطارات السيارات التي أضرموا فيها النار وحاويات القمامة. وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان لرويترز ان 250 شخصا اعتقلوا في أحياء مختلفة في حماة أمس الاثنين. وأضاف أن النظام السوري لا يتحمل الاحتجاجات السلمية الكبيرة ولا يتحمل عدم تحرك المحافظ ازاءها. وتابع أن قرارا صدر باخضاع حماة بطريقة أو بأخرى بدءا بالهجوم الذي يجري تنفيذه. ومنعت السلطات معظم وسائل الاعلام الدولية من العمل في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس مما يجعل من العسير التحقق من التقارير التي ترد من النشطاء والسلطات. وتقول جماعات حقوقية ان قوات الامن السورية قتلت بالرصاص 1300 مدني على الاقل في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء الاحتجاجات واعتقلت أكثر من 12 ألفا. وتقول السلطات ان 500 من رجال الجيش والشرطة قتلوا برصاص مسلحين. وتحمل المسلحين أيضا المسؤولية عن معظم الوفيات بين المدنيين. والى جانب الحملة العسكرية التي ينفذها الاسد تعهد باجراء حوار وطني مع المعارضة لبحث الاصلاح السياسي في سوريا التي يحكمها حزب البعث بقبضة من حديد منذ نحو 50 عاما. وترفض كثير من الشخصيات المعارضة الحوار مع استمرار أعمال القتل والاعتقالات. وفي الاسبوع الماضي قالت الولاياتالمتحدة ان الوقت يضيق على الاسد بحيث لن يتيح له اجراء عملية سياسية جادة وانه اذا لم يفعل شيئا بهذا الخصوص فسيواجه مقاومة منظمة متزايدة. وفي مايو قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وهو حليف للاسد زادت انتقاداته لما يجري “لا نريد أن نشهد مذبحة أخرى في حماة” وحذر الزعيم السوري من أنه سيكون من الصعب احتواء العواقب اذا تكررت المذبحة. وأرسل الرئيس السوري الراحل والد الاسد الذي حكم سوريا ثلاثين عاما حتى وفاته عام 2000 قواته الى حماة عام 1982. وأدى ذلك الى مقتل عدة الاف وربما وصل العدد الى 30 ألفا. وترددت شعارات على لسان محتجي حماة في الاسابيع الماضية تلعن روح حافظ الاسد في تذكير بأثر الجرح الغائر الذي لحق بالمدينة التي يقطنها 650 ألف نسمة.