أثار قصف الحوثيين لمسجد معسكر "كوفل" الذي يؤمه عسكريون في مدينة صرواح بمحافظة مأرب في اليمن العديد من علامات الاستفام، حول الهدف والغرض من هذا القصف المنافي لكل القيم الإنسانية ومبادئ الأديان؟ ودفع بكثير من الغربيين والأجانب للسؤال: لماذا يفجر الحوثيون بيوت الله ومساجد أهل السنة ثم يدعون أنهم من آل البيت ؟! وعلى الرغم من إدانة العالم، والمنظمات الدولية والإسلامية لهذه التفجيرات المتكررة لبيوت الله في اليمن وغيرها من الدول التى يستهدفها الحوثيون بأعمالهم الوحشية، إلا أن شهوتهم تزداد يومًا بعد آخر لمثل هذه الأعمال الإرهابية الخسيسة التي وصفها الدكتور يوسف العثيمين أمين منظمة التعاون الإسلامي بأنها "عمل إجرامي لا يرتكبه إلا من تجرد من كل قيم دينية وأخلاقية وإنسانية". ولم يكن الاعتداء الذي راح ضحيته 32 جنديًا هو الأول، ويبدو وكما يؤكد خبراء سياسيون أنه لن يكون الأخير، فتدمير المساجد والتفجير والسطو والاستيلاء على الممتلكات، جزء لا يتجزأ من العقيدة الحوثية الشريرة، التي لا تفرق صواريخها بين المدنيين والعسكريين ولا بين الشيوخ والأطفال، فأينما ذهبوا، تصاحبهم الانتهاكات والعمليات الإجرامية التي تستهدف تصفية الخصوم. ولا تأتي هذه الصلافة الحوثية في التعامل مع بيوت الله من فراغ؛ وإنما وفقًا لمتخصصين في التاريخ الإسلامي مستمدة من تاريخ آبائهم وأجدادهم وأئمتهم السابقين وأصحاب مذاهبهم، الذين لا يختلفون كثيرًا في منهجهم عن منهج المعتزلة الذين يبيحون كل شيء في الحروب بدءًا بهدم وتفجير المساجد بمن فيها، مرورًا بالتنكيل والبطش بالخصم ونهاية بحرق الأخضر واليابس وقطع الزروع والثمار ونهب المخازن وتخريب مصادر المياه. ويذكر مؤرخون، أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين سبق وأن تعامل بقسوة شديدة مع معارضيه، ويقال إنه أول من أسس لسياسة الدمار والهلاك التي يتبعها الآن الحوثيون تأثرًا بامتدادهم الإجرامي الذي يعود إلى نشأة حركتهم باليمن عام 284ه. ولم تقتصر هذه الوحشية على أهل السنة فقط وإنما طالت أيضًا البيوت الدينية للفرق الزيدية كالمطرفية، وبعض الفرق الشيعية الأخرى كالإسماعيلية، متأثرين في ذلك بفتاوى عبدالله بن حمزة في الانتقام من الخصوم وإباحة ممتلكات المخالفين والمعارضين للائمة. ويؤكد خبراء عسكريون، أن الحوثيين وفقًا لعقيدتهم الموروثة يعادون الحياة، يهدمون دائمًا ولا يعمرون ولا يتركون خلفهم، أية معالم حضارية عند رحيلهم من أي مكان مجبرين. لا يستقرون إلا بعد أن ينشروا أفكارهم الشيطانية بالحديد والنار، ويقيمون سلطتهم على حساب الشعب، ويعتبرون أرض غيرهم ملكًا لهم، وهو ما أعلنوه عند دخولهم قرية عمران بقولهم: "نحن نتحرك ونتمدد في أرضنا". مشيرين إلى أن هدفهم الأول طمس كل شيء له صلة بتعليم القرآن والسنة. وعودة إلى الحاضر ، فالأمثلة لا تعد ولا تحصى على هذا السياسة الوحشية والتدميرية للحوثيين، فقبل فترة قتلوا أكثر من 220 من رجال القبائل في محافظة عمران أسفر، وهدموا ثلاثة مساجد، واحتلوا عنوة 4 مرافق صحية. وكشف تقرير دولي عن حقوق الإنسان في اليمن بعد دخول الحوثيين عن تعرض أكثر من 50 مسجدًا، و12 دارًا للقرآن الكريم لانتهاكات صارخة على يد الحوثيين والموالين لهم من أنصار علي صالح، من إجمالي 4500 انتهاك لكل معاني الإنسانية، تركز معظمها في صعدة وعمران وهمدان وودماج قرى وبلدات شمالي غرب صنعاء. فحينما هاجم الحوثيون مديرية همدان بمحافظة صنعاء، فجرت مليشياتهم (أنصار الله) دارًا للقرآن الكريم ومدرسة طارق بن زياد، كما قامت بتسوية عدد كبير من المنازل بالأرض فوق رؤوس سكانها في مديرية حوث. ومن أشهر المساجد السنية التي دمرها الحوثيون: الرحمن في عذر، الفاروق في دنان، دار الحديث في خيوان، الحسن بن علي في بني صريم، العقيلي في بني عقيل، الرحمة ووهاس في حوث، الصديق في الخمري، الرحمة في خمر، الغولة في نقيل الغولة، بلال بن رباح في ريدة، الضلعي في همدان، ومدرسة طارق ودار القرآن الكريم بالصرم في ثلاء، بالإضافة إلى عدد من المراكز والمؤسسات الدينية ومنها: مركز حمزة لتحفيظ القرآن، ومؤسسة التيسير لدعم وتحفيظ الأيتام في حوث، ودار الأحمر لتحفيظ القرآن في الخمري. وسبق أن اقتحم مسلحون حوثيون مسجد القعود، وهو من أكبر جوامع منطقة الضبر، وكسروا أبواب المئذنة، وقنصوا كل من اقترب للمسجد. ومنعوا إقامة الصلاة، وهو الشيء الذى فعلوه أيضًا في مسجد ودار الحديث في منطقة كتاف بصعدة قبل أن يقوموا بتفجيرها، وكذلك دار القرآن الكريم في منطقة عاهم كشر من محافظة حجة والتي تم قصفها بالأسلحة الثقيلة، واقتحموا المركز الإسلامي، وعبثوا بكل محتوياته، كما حولوه إلى مجلس للمقيل والقات، كما حرق الحوثيون ومزقوا 3000 نسخة من المصحف الشريف. ولن ينسى اليمنيون تلك الجريمة البشعة التي ارتكبها الحوثيون في شهر رمضان، عندما استولوا على جامع التيسير في حي الزراعة بصنعاء ومنعوا المصلين من صلاة التراويح بحجة أنها بدعة، وقاموا بقتل الشيخ عصام الشتري، وطبعوا شعاراتهم على حوائط المسجد وحولوه إلى مخزن للسلاح، متناسين أن هذه المساجد يعظم فيه اسم الله، ويجب أن تحترم ويتم تحييدها وأن تطهر ولا تصبح مركزًا للتمييز العرقي والتحريض على الطائفية والمذهبية.