سجل مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي إنجازاً جديداً في حقل الأبحاث الطبية ، وذلك من خلال الكشف عن دور جين يدعى MED12 في سرطان القولون والمستقيم ، وتعديل عمله الجيني مخبرياً . وقد تم نشر نتائج هذا البحث في مجلة القناة الهضمية (( GUT )) . وهي الدورية العلمية الرسمية للجمعية البريطانية للجهاز الهضمي بقوة علمية 14.92. وأوضحت الدكتورة خوله الكريّع كبيرة علماء أبحاث السرطان ورئيسة فريق البحث العلمي " إن علاج سرطان القولون والمستقيم يعدّ تحدّي اكلينيكي يواجه الأطباء حيث أن أكثر من 15% من المرضى المصابين يقاومون العلاج الكيماوي المتعارف عليه (5-FU) وبالتالي فإن نسبة من هؤلاء يعاودهم السرطان أو قد يتطور إلى سرطان أكثر شراسة وقابل للإنتشار ، لذا فإن عدم الإستجابة لعلاج (5-FU) يعد عائق كبير في سبيل علاج سرطان القولون . ونظراً لأهمية الكشف عن العلامات الجينية التي تساعد في التنبؤ في الإستجابة للعلاج الكيماوي المركّز ، فقد قمنا من خلال البرنامج البحثي للتعرف على البصمة الجينية لمرضى السرطان السعوديين بعملية مسح جيني لأكثر من 400 مريض سرطان قولون ومستقيم سعوديين . المسح الجيني الأولي أدّى إلى التعرف إلى وجود عطب جيني في أريع جينات هي ( APC , KRAS , TP5 , MED12 ) ، وجميع هذه الجينات معروف دورها علمياً في نشوء وعلاج سرطان القولون بإستثناء العطب الجيني لجين (MED12) . وأضافت الدكتورة الكريّع : وجود هذا العطب لدى مرضانا المصابين بسرطان القولون والمستقيم أثار فضولنا العلمي وخاصة أنه عند المتابعة الإكلينيكية للمرضى الحاملين لهذا العطب الجيني لاحظنا أن نصفهم لا يستجيب للعلاج الكيماوي المتعارف عليه ( 5-FU ) . لذا فقد قمنا بالتحاليل الخلوية المخبرية لتحديد ماهية عمل جين MED12 في الخلية السرطانية للقولون ، وتم التعرف إلى أن هذا الجين ينتمي إلى عائلة الجينات الكابحة للسرطان (Tumor Suppressor) حيث أن عمله الطبيعي في المورث البشري ( DNA ) هو لمنع نمو الخلية والتسريع بعملية موتها المبرمج ، ولكن عند وجود عطب في هذا الجين فإنه يفقد القدرة على القيام بدوره الطبيعي من كبح نمو الخلايا . بعد التعرف على دور هذا الجين قام الفريق العلمي بعمل تعديل جيني لMED12 ، وهي عملية مخبرية دقيقة تهدف إلى التأكد من دور الجين في استجابة الخلايا للعلاج الكيماوي (5FU) وإثباط تأثير العطب مخبرياً . لذا فقد تم اختيار أربع خلايا قولون سرطانية ثم تحديد مستوى جين MED12 فيها ومن ثم تقسيم الخلايا إلى قسمين . قسم يحتوي على نسب عالية وسليمة من جين MED12 وقسم لا يحتوي على جين MED12 فعّال . وعند تعريض هذه الخلايا مخبرياً لعلاج الكيماوي (5-FU) . ظهر أن الخلايا السرطانية التي يوجد بها جين MED12 تستجيب للعلاج الكيماوي وتنكمش وتنتهي بالموت المبرمج ، أما تلك الخلايا التي لا تحتوي على جين MED12 فإن الخلايا السرطانية تقاوم العلاج وتستمر بالنمو والتكاثر . والجدير بالذكر أن التعديل الجيني الدقيق للخلايا السرطانية بتجارب مختلفة من خلال إثباط جين MED12 أو من خلال إدخاله إلى مورث الخلايا السرطانية . أظهر أن الخلايا السرطانية التي تم إدخال جين MED12 السليم لها استعادت قدرتها على الإستجابة للعلاج الكيماوي وبدأت تلك الخلايا بالإنكماش والوفاة . أما الخلايا التي تم إثباط العمل الطبيعي لجين MED12 فقد فقدت قدرتها على الإستجابة وبدأ الورم ينمو . وبحسب ما ذكرته الدكتورة خوله الكريّع فإن هذا الاكتشاف سيساعد الأطباء في فحص المرضى قبل بدء العلاج الكيماوي والتنبؤ بإستجابة المريض للعلاج قبل البدء به وإعطاء بدائل أخرى في حالة وجود العطب الجيني ، أما نتائج إدخال جين MED12 للخلية واستعادة قدرة الخلية للعمل يعد خطوة جيدة في تطوير علاج مخبري قد يتطور إلى علاج قد يساهم في مساعدة مرضى سرطان القولون المصابين بهذا الخلل الجيني . وتقدمت د/ خوله الكريّع بالشكر والتقدير بالامتنان لدعم إدارة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وللفريق العلمي ممثلاً بالدكتور/ عبدالخالد سراج والدكتور / طارق مسعود . والأطباء المشاركين من قسم جراحة القولون والمستقيم وقسم علم الأمراض . وكذلك الشكر لجميع مرضانا السعوديين المشاركين في برنامج البصمة الوراثية من خلال تعاونهم في التوصل إلى هذه النتائج .