ساءني خبر الزوجة التي تم فسخ عقد نكاحها إكراها بسبب عدم تكافؤ النسب فقد أصدر القاضي حكمه بالخلع بعد تقديم ذوي الزوجة مذكرة تتهم زوج ابنتهم بأنه أقل نسباً منهم… وهل هذه جريمة؟ يحاسب عليها الزوج ويدفع ثمنها بأن تهدم أسرته بحكم قانوني لأنه ليس ذا نسب يليق بهم؟! حدثني عن العنصرية سأقول لك مائة قصة مثل هذه القصة تحدث بين مسلمين في مجتمع يقتدي بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ). تخيل معي أنك شخص غير مسلم وأنت تتصفح الصحيفة يستوقفك مثل هذا الخبر فيثير فضولك فتبدأ بالبحث عن معنى تكافؤ نسب فتكتشف أن الزوجين من نفس الديانة ونفس الجنسية ولكن تم خلع زوجته بالإكراه لأن قبيلته أقل قوى من قبيلتها هل ستحترم الإسلام والمسلمين؟ أم ستنظر لهم نظرة الجهل والتخلف! وأنت تقرأ هذا الخبر تظن أنك تخلو من العنصرية لمجرد أنك لا تؤيد حكم القاضي الذي ينم عن جهل يشمئز له بدني كلما تذكرت حال الزوجة المغلوب على أمرها في وطن استباح أن يسلب منها زوجها. غالبيتنا حين يسمع كلمة عنصرية يتطرق إلى ذهنه صورة واحده تجسد مفهوم الكراهية في نظره وهو الشخص الذي يكره أصحاب البشرة الداكنة وبذلك يظن أنه بريء من العنصرية، ولكن العنصرية لها عدة أوجه وصور ولا يكاد يخلو من العنصرية إلا من رحم ربي، حين تظن أنك أفضل من باقي الجنسيات العربية لأنك خليجي أنت عنصري. وحين تظن أنك أفضل من السائق الهندي وأفضل من العاملة الآسيوية وأفضل من البائع اليمني وأفضل من النادل المصري فأنت عنصري لمجرد أنك قسمت الأشخاص داخل عقلك لفئات حسب وظائفهم وجعلت من نفسك الأفضل بينهم بدون أن تعرف حقيقة من هم. أتعلم متى تنتهي الكراهية؟ حين تموت العنصرية… فنحن بشر لم نولد مفطورين على الكره ولا أي ديانة سماوية حثتنا على الكره، ولكننا اكتسبنا كرهنا حين قسمنا البشر لأعراق، وديانات، وجنسيات ليتسنى لبعضنا أن يروا أنفسهم أسمى من الآخرين. العنصرية بنظري مقرونة بالجهل، فكلما زادت عنصريتك زاد جهلك مهما كنت تعلق على حائطك شهاداتك التي حصلت عليها من تعليمك أو تفوقك في مجال ما، مهما كنت تحمل ميداليات وجوائز، مهما كان لقبك في عملك ومحيطك مادامت كل تلك الإنجازات لم تحررك من عنصريتك المقيتة سواء على مستوى العالم أم مستوى محيطك. أن تقف احتراماً لفلان لأنه من القبيلة الفلانية ولا تقف لفلان لأنه من المنطقة الفلانية هو تقليل احترام لذاتك وعقلك قبل أن يكون تقليلاً للغير. اقتل الكراهية التى تتفشى مثل الداء في المجتمع فتسقط "المواطنة" ويحل محلها القبلية والمناطقية والمذهبية. فكيف لنا أن ننشر المحبة والسلام الذي أمرنا به نبينا الحبيب ونحن لم نتعلم أن نحب بعضنا البعض. الاحترام والتقدير عملة نادرة في هذا الزمان لاتجعلها تقتصر على فئة معينة فكل شخص تلتقي به حملته أمه تسعة أشهر في بطنها لديه أسرة تحبه وتخاف عليه، لديه كرامة، فانظر له باحترام فأحياناً نظرة دونية بدون قصدٍ منك قد تكسر شيئا بداخله لاتجبره ألف كلمة اعتذار. تحتقر العرب المقيمين، وتهين العمال الاّسيوين، وتستلم راتب دون جهد، وتخترق نظاماً وتدمر ملكاً عاماً. ثم تشكر الله على دينك! مادين؟!