بقرابة نحو 400 ألف زائر تفاعلوا على مدار أيامه العشرة مع عشرات الفعاليات والمعارض والجوائز ومسرح الشارع، اختتم مساء أمس الجمعة 16 من ذي القعدة مهرجان "سوق عكاظ" أعمال دورته العاشرة، والتي شهدت تغييرات كبيرة عن الدورات السابقة. كما حظيت لأول مرة في تاريخ السوق باتصال فريد من نوعه من مقام خادم الحرمين الشريفين أثنى خلاله على جهود فريق العمل.. كما حازت فعاليات الجادة على اهتمام خاص من جانب الجمهور، وكذلك من الشخصيات ال(vip)، ممثلة في وفد دبلوماسي رفيع المستوى لقناصل عديد من الدول الغربية والعربية والآسيوية.. لنتابع التفاصيل. وفي السياق ذاته، استقطب عرض مسرح الشارع "عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب" اهتمام جمهور السوق، وشهدت عروضه حضورًا كثيفًا من جانب الجمهور، ونجحت مشاهده الأربعة "ذهب وعوسج"، "منازل الكرم"، "حكمة القدر" و"حوار السيوف" في أن تحصد اهتمام وثناء الجمهور لاسيما مع نقاء الصوت ووضوحه بعد أن لجأ المخرج ممدوح سالم إلى استخدام تقنية ال(بلاي باك) من خلال تسجيل الأداء الصوتي للممثلين في كل مشهد من مشاهد المسرحية ومن ثم يقومون بالأداء الشفهي والحركي فقط لضمان جودة الصوت لاسيما أن العرض يضم إلى جانب الممثلين المحترفين عديد من الموهوبين. والجديد في عرض "مسرح الشارع" هذا العام أنه لا يسرد السيرة الذاتية لأحد مشاهير العرب كما في الأعوام السابقة، بل يتضمن كل مشهد فكرة مختلفة عن الأخرى، حيث رصد المشهد الأول "ذهب وعوسج" ملمحًا من ملامح المروءة والشهامة العربية في القضاء على قطاع الطرق الذين كانوا يغيرون على القوافل التجارية، وتتجلى قيم الفروسية والنبل في إغاثة الملهوف والأخذ على يد الظالم المعتدي. بينما رصد المشهد الثاني "منازل الكرم" نوع آخر من أنواع النبل والفروسية، وهو فروسية الكلمة، مستعرضًا منازلات عديد من شعراء الجاهلية في ميدان الكلمة وتوضيح مناقبهم. أما المشهد الثالث "حكمة القدر" فرصد كيف يمكن أن يتغير حال الإنسان في لحظة، فبينما كان "عُطيل" أحد كبار التجار وسيد من سادات قومه، تحول فجأة إلى مشرد يهيم في الطرقات بعدما أفقده قطاع طرق ذاكرته وسلبوه ماله وتجارته، وتأبى الشهامة والكرم العربيين تركه على هذه الحالة المذرية، فيستضيفه عدد من التجار الكرماء إلى أن يهتدي إليه أهله ويستعيد ذاكرته وسابق مكانته. وأخيرًا رصد المشهد الرابع "حوار السيوف" ما الذي يمكن أن يتسبب فيه الغدر والخداع من تأجيج للعداوة بين القبائل والشعوب والتي قد تستمر لسنوات طويلة كما حدث في حرب الأربعين عامًا بين قبيلتي "عبس وذبيان". وقد عبر عديد من جمهور السوق عن إعجابهم الشديد بمضمون المسرحية وبأداء فريق العمل، مؤكدين أنها تعكس القيم الوطنية، وتستحضر الأصالة العربية، وتربط الجيل الحاضر بأمجاد أسلافهم. أيضًا، شهد السوق تمثيلاً مشرفًا من جانب المواطنين والمقيمين، حيث لم يكونوا حريصين على متابعة الحدث أولاً بأول ومشاهدة الفعاليات فحسب، بل وكذا شراء احتياجاتهم من منتجات الأسر المنتجة، إضافة إلى القيام بجولة في التاريخ العربي العريق من خلال متابعة عرض مسرح الشارع "عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب". كما حظيت فعاليات السوق والجادة بتظاهرة دبلوماسية فريدة من نوعها، حيث قام عدد كبير من قناصل العالم العاملون بالمملكة، بزيارة السوق، وعبروا عن إعجابهم الشديد بفعالياته لاسيما جادة السوق ومسرح الشارع.. ومن بين الدبلوماسيين الذين توافدوا على جادة "سوق عكاظ" القنصل العام البريطاني بجدة "محمد شوكت"، و"هشام بابا" القنصل العام الفرنسي بجدة، والوزير المفوض نائب القنصل العام المغربي "عبدالعزيز زيها". والقنصل العام النيبالي بجدة "ريواتي رامان باوديل"، والقنصل العام اليمني بجدة "علي العياشي"، وقد أشادوا جميعًا بالأداء المتميز للممثلين وجميع المشاركين في عروض "مسرح الشارع" وشتى الفعاليات الأخرى التي تنفرد بها "الجادة"، وأكدوا خلال مشاهدتهم ل"مسرح الشارع" أنه أظهر طفرة كبيرة في أداء الكوادر السعودية. كما عبروا أيضًا عن انبهارهم بالأزياء التراثية التي تم استخدامها في الفعاليات التي حملت توقيع المصممة السعودية المتميزة "رضا غزاوي"، مؤكدين أنها تعكس موهبة متقدمة وتصميمات تتسم بالخصوصية والكلاسيكية الناعمة في آن واحد. إلى ذلك، عبر ممدوح سالم منظِّم فعاليات الجادة ومخرج مسرح الشارع، عن سعادته بالنجاح الكبير الذي تحقق في فعاليات الجادة ب"سوق عكاظ" خلال الدورة العاشرة، وللعام الثالث على التوالي، مؤكدًا أن هذا النجاح إنما يقف وراءه جهد جماعي عمل بروح واحدة. وأضاف أن جميع فريق العمل بذلوا كل ما في وسعهم لإسعاد جمهور السوق، وتحقيق أهداف الرؤية الاستراتيجية الجديدة للمملكة 2030، وذلك بجعل المعرفة والثقافة والترفيه حق لكل مواطن، مشيرًا في هذا الصدد إلى الدور التكاملي الذي قامت به جميع الأجهزة المعنية وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تحت رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، موضحًا أنها سخرت كل طاقاتها ليظهر السوق وجادته بهذا المظهر المشرف الذي خطف أنظار الجميع. ووعد سالم بمواصلة الجهد في دورات السوق المقبلة -بإذن الله- مشيرًا إلى أن اسم المملكة يستحق دومًا بذل أقصى جهد، وأن تشهد الفعاليات تجديدًا دائمًا يحاكي أصالة الماضي وعراقته، وحداثة الحاضر واستشراف المستقبل المشرق للمملكة ولكل الشعوب العربية. في السياق ذاته، أكد ماجد الحيزان مدير إدارة الفعاليات بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن النجاح المضاعف الذي حققه "مسرح الشارع" هذا العام يحمله وفريق العمل مسؤولية مضاعفة للبحث عن أفكار جديدة تمزج بين القديم والحديث، وتنقل للأجيال الصاعدة القيم العربية الأصيلة التي غابت عن عالم اليوم، وكيف يمكن التمسك بها دون الوقوع في فخ المباشرة أو الخطابة. وأضاف أن جمهور السوق يتسم بالذكاء الشديد، ويبدي دومًا ملاحظاته والتي تتسم غالبًا بالإيجابية، وأكد أن ذلك يدل على أن الجيل الجديد يمتاز بحالة من الوعي والنضج الفكري والثقافي والفني. وفي نفس السياق اعتبر عبدالرؤوف صديقي مدير إدارة المنتجات بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن هذا نتاج الرؤية الجديدة والعصر الجديد تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مؤكدًا أنه وجميع معاونيه لا يدخرون جهدًا في الارتقاء بالمملكة على مختلف الأصعدة. ووعد صديقي أيضًا، بالعمل على أفكار جديدة خلال الدورات المقبلة، تتماهى مع المستقبل المشرق للمملكة بإذن الله، وبما يترجم رؤيتها المستقبلية الواعدة 2030. يذكر أن فعاليات الدورة العاشرة ل"سوق عكاظ" كانت قد انطلقت واختتمت برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، وشرَّفها بالافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا. وبحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ونحو 50 من أبرز المثقفين، كما تمت فعاليات جادة "سوق عكاظ" بالتعاون بين مؤسسة "رواد ميديا" والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.