منذ يناير 2001 إلى يناير 2009 مرت ثماني سنوات دامية تلك التي كان فيها الرئيس الأمريكي بوش يتربع على عرش العالم هذا المجنون الذي أشعل نيران الحروب في جهات العالم الأربعة مما تسبب بموجة خوف عالمية لأن الرجل والحق يقال كان يتلاعب بالحروب فوق ظهر (المخروبة) كما يتلاعب الساحر الأرجنتيني ميسي بكرة القدم لكن إذا عرف السبب بطل العجب، فمن المعلوم بأن الشركة التي كانت تخطط لسياسات الرئيس بوش سواء في الإدارة أو الكونغرس هي شركة لوكهيد مارتن وهي من أكبر شركات السلاح في العالم والتي تصنع طائرات ستيلث وطائرات F-16 وغيرها ومن الطبيعي حين تتصدر مثل هذه الشركة أعمال الضغط والتخطيط للزعيم الأول في هذا العالم ستكون النتيجة؟ اشتعال المزيد من الحروب والنزاعات المسلحة لأنها الدم الذي يغذي شركات السلاح على العموم انتهت حقبة بوش بكل حروبها وإن كنا لا نزال نعاني تبعاتها ولا أعتقد أن معاناتنا ستنتهي قريبا والله أعلم. لكن دعونا نتكلم الآن عن الرئيس الأمريكي أوباما الذي رفع في بداية فترته الرئاسية الأولى شعار التغيير في السياسة الخارجية الأمريكية وقد عمت الأفراح جهات العالم الأربعة ومن ضمنها مضارب بني يعرب لكن الفترة الأولى لم تجلب لنا إلا مزيدا من الوعود الوهمية وأحلام اليقظة وهنا يمكن أن نقول أنه خدعنا للمرة الأولى ولأن (الذي فات مات) كما يقول المثل العربي دعونا نتكلم عن مشروع الخديعة الثانية، أولا يجب أن نعرف أن الشركة التي تخطط سياسات أوباما شركة اكسيلون كورب Exelon corporation للطاقة النووية، وهي أكبر متبرع له ولهيلاري كلينتون أيضا في حملتها الرئاسية الأولى، وربما لهذا كان اختيارها وزيرة للخارجية وهي التي كانت تنافسه في الترشيح للرئاسة في فترته الأولى، وشركة اكسيلون مقرها ولاية الينوي والتي كان أوباما نائبا عنها في مجلس الشيوخ وهو منذ 2003 يتلقى تبرعاتها ويراعي مصالحها كما جرت العادة في الانتخابات الرئاسية الامريكية حيث تتنافس الشركات في دعم هذا المرشح أو ذاك وهناك قصة حول اعتراض سكان ولاية الينوي بسبب افتضاح أن شركة اكسيلون لم تكشف أو تبلغ بحوادث التسرب من مفاعلاتها مما قد يكون سببا لأضرار صحية مستقبلية وهنا ثار أوباما وطالب بأن يصدر تشريع من الكونغرس يلزم شركات المفاعلات النووية بالإبلاغ فورا حتى عن أقل تسرب، طبعا الثورة الاوبامية كانت للاستهلاك الإعلامي أما عند كتابة اللائحة فقد كان حنونا جدا على الشركات المعنية ومنها اكسيلون طبعا وجعل الأمر ليس ملزما لهم وإنما حث أصحاب الشركة للتبليغ عن أي مخاطر نووية، بالمقابل كان فرانك كلارك نائب الرئيس التنفيذي للشركة وجون دبليو روجرز جونيور مديرها هما من أكبر جامعي التبرعات له، ومتبرع آخر لأوباما هو جون دبليو راو وهو رئيس مجلس إدارة اكسيلون وأيضا رئيس مجلس إدارة معهد الطاقة النووية، وهي جماعة الضغط النووية ومقرها واشنطن. وكانت تبرعاته لأوباما تفوق أي تبرعات أخرى لأي مرشح للرئاسة في فترته الأولى، إضافة إلى ذلك، فإن المساعد الاستراتيجي السياسي الرئيسي لأوباما هو ديفيد اكسلرود كان قد عمل مستشارا في اكسيلون أيضا فقد كانت لديه شركة عملت على مساعدة فرع اكسيلون المسمى كومنوولث اديسون منذ 2002. أوباما بعد فوزه الأول قام بتعيين رئيس لموظفي البيت الأبيض ويعتبر ثاني شخصية مهمة في ذلك البيت وهو يهودي صهيوني يدعى رحم عمانوئيل بن بنيامين عمانوئيل وهو عضو في عصابة ارغون الصهيونية التي ذبحت الفلسطينيين فيما بين 1931 و1948 وقد خدم رحم نفسه بصفته جنديا إسرائيليا مع القوات الامريكية عام 1991 وفي عام 1998 ترك عمانوئيل إدارة كلنتون ليعمل مع فاسرشتاين في بنك بيريلا وهو بنك متوقف الآن وكان يديره بروس فاسرشتاين من أكبر المتبرعين للحزب الديمقراطي واستخدم فيما بعد عمانوئيل صلاته السياسية لتحقيق صفقة كبيرة وهو في الشركة. كانت صفقة اندماج بمبلغ 16 بليون دولار خلقت على أثرها شركة اكسيلون، إحدى أكبر شركات الطاقة الكهربائية في البلاد. والآن عندما تكون شركة طاقة نووية هي من تدعم أوباما فماذا تظنون سيكون موقفها من إيران؟ أو مشروعها النووي هل تقوم بتخريب مفاعلاتها النووية أم تبني لها ما تريد من مفاعلات بشرط أن يكون على أيدي أبناء الشركة؟ وليس على أيدي الروس والأوروبيين؟ بالمقابل انطلقت ملامح الخديعة الاوبامية الثانية حيث يقوم الآن بإقناع العالم بأن الشيطان الإيراني يمكن أن يتحول إلى ملاك وديع وأن هذا الملاك سيقوم بفتح أبواب بلاد فارس لشركة اكسيلون لتربح من بناء مفاعلات للطاقة (السلمية) في عموم إيران، التي أصبحت الآن حليفة مرة أخرى لأبناء العم سام ولإسكات العرب سوف يقنع أوباما حكام العالم العربي بصرف أموالهم على بناء مفاعلات منافسة لإيران وطبعا سوف تبنيها شركة اكسيلون وأخواتها... وعاش أوباما النووي والمحصلة النهائية لستة عشر سنة نصفها لبوش ونصفها لأوباما بأنه في عهد بوش كانت شركات السلاح تبيع للعرب السلاح الذي لا يعرفون ماذا يفعلون به أو متى يتم استخدامه خوفا من التهديد الإيراني أو لحماية أنفسهم من الحروب المشتعلة من حولهم والتي يمكن أن تمتد إلى بلدانهم والآن يسوق أوباما لشركات الطاقة النووية التي سوف تبني للعرب مفاعلات خردة تحت مسمى الطاقة النووية السلمية وبهذا يخدعنا أوباما للمرة الثانية وربما نرى أوباما مستقبلا مديرا لشركة اكسيلون أو حتى كبير مستشاريها، والله أعلم .