انطلقت الليلة (الأحد) فعاليات منتدى التنافسية الدولي التاسع في فندق فورسيزونز بمدينة الرياض تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (يحفظه الله). وبعد استقبال الضيوف، بدأ حفل افتتاح المنتدى بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم شاهد الحضور عرضا لفيلم قصير عن مسيرة المنتدى عبر دوراته الثماني السابقة وصولا إلى دورته الحالية (التاسعة). إثر ذلك، ألقى المهندس عبد اللطيف العثمان، محافظ ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، كلمة بهذه المناسبة، رحب في بدايتها بالحضور والمشاركين في المنتدى، وقال: «ينعقد منتدى التنافسية الدولي هذا العام، ونحن نعيش مناسبة عزيزة علينا، ألا وهي الذكرى السنوية الأولى لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز –حفظه الله- راعي منتدانا لهذا العام، وهو الذي سبق له الفضل بافتتاح أولى دورات المنتدى حينما كان أميرا لمنطقة الرياض. ونغتنم هذه المناسبة لندعو الله العلي القدير أن يحفظه وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه، وأن يحفظ لهذا البلد أمنه واستقراره ورفاهيته في عز وشموخ دائمين». وتطرق إلى أبرز الإنجازات التي شهدتها المملكة في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين على مدى عام كامل، مؤكدا أنه «رغم الاضطرابات والحروب التي تعانيها المنطقة، فقد شهد العام الماضي حراكا تنمويا وتنظيميا مكثفا في المملكة؛ إذ صدرت الكثير من القرارات، كما تم انتهاج السياسات والإجراءات الجادة الرامية إلى تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني. تلا هذه القرارات والسياسات إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ومن ذلك، تنظيم قطاع الإسكان، وفرض رسوم على الأراضي غير المطورة، للمساهمة في توفير السكن، وتفعيل دور القطاع الخاص في التطوير العقاري. كما كان منها تأسيس هيئة تختص بتوليد الوظائف، وإصلاح منظومة الدعم الحكومي، ورفع كفاءة الأنفاق، وفتح الاستثمار للشركات الأجنبية في قطاع تجارة التجزئة بنسبة 100%، وإنشاء هيئة تعنى بدعم المشروعات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة». وأضاف: «هناك الكثير من السياسات والإجراءات التي سيتم تطبيقها مستقبلا؛ ومنها: طرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة، وتذليل العقبات التشريعية والتنظيمية والبيروقراطية أمام القطاع الخاص، وتحسين مستويات الشفافية والمحاسبة. ومن نافل القول إن هذه الخطوات، لا بد أن تسهم في دعم الاقتصاد السعودي، الذي يحتل موقعا بارزا ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، وهو أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط بناتج إجمالي يقدر بنحو (653) مليار دولار لعام 2015م. كما يعد الاقتصاد السعودي رابع أسرع اقتصاد نموا في مجموعة ال20 بعد الهند والصين وإندونيسيا». وتابع قائلا: «سجل الإنفاق الحكومي في المملكة نموا قويا؛ إذ ارتفع من نحو 70 مليار دولار في عام 2005م، إلى نحو 193 مليار دولار في عام 2015م. وكل هذه المؤشرات الاقتصادية جعلت المملكة تحتل المركز الرابع عالميا من حيث قوة الاقتصاد الكلي وفقا لتقرير التنافسية الدولي (2015 – 2016)». وحول تعزيز التنافسية في المملكة، أشار إلى أن «الهيئة العامة للاستثمار عملت مؤخرا، بدعم وإشراف من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، على عدة برامج، منها إعداد خطة وطنية تتضمن تطوير خطط للاستثمار في 18 قطاعا لرفع تنافسيتها وجاذبيتها». وضرب مثلا بالخطة الاستثمارية للرعاية الصحية، مبينا أنها توفر فرصا استثمارية واعدة تقدر قيمتها ب40 مليار ريال، كما أشار إلى خطة الاستثمار في قطاع التعليم، موضحا أنها تضمنت فرصا تبلغ قيمتها 25 مليار ريال. وفي قطاعي التعدين والنقل، أوضح أن «خطة الاستثمار في قطاع التعدين حددت فرصا بقيمة 40 مليار ريال؛ إذ تعد المملكة من كبرى دول العالم من حيث وفرة الموارد المعدنية، كما حددت خطة الاستثمار في قطاع النقل فرصا تقدر قيمتها ب435 مليار ريال». وأكد المهندس العثمان أن «الخطة الوطنية بدأت جني ثمارها، حيث تم – على سبيل المثال – توحيد وإقرار مواصفات ومعايير موحدة للعربات في مشاريع المترو؛ مما يمكن من استقطاب استثمارات ضخمة لتصنيع العربات محليا، مع تضمين عقود الصيانة والتشغيل ما ينص على الالتزام بالتوطين بحيث يصل المحتوى المحلي إلى 55%. كما أعدت الهيئة بالتعاون مع الجهات الحكومية كافة في المملكة برنامجا شاملا لتحسين تنافسية بيئة الاستثمار في المملكة، وحل المعوقات التي تواجه المستثمرين ضمن توصيات محددة بمدد محددة. وهذا البرنامج، اعتمده المقام السامي الكريم مؤخرا، وتم بدء تطبيقه، ورُفع تقرير شهري حوله لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لمتابعة تنفيذه». وعلى صعيد الهيئة ومراكز الخدمة فيها، أوضح أنه «تم تسهيل إجراءات إصدار التراخيص، بما في ذلك تطبيق قرار تقليص المدد الزمنية للبت في طلبات الاستثمار إلى 5 أيام كحد أقصى، وتقليص عدد المستندات المطلوبة إلى ثلاثة، وجعل مدة التراخيص أكثر مرونة؛ بما يتناسب مع تفعيل النشاط لمدة تصل إلى 15 عاما، ووضع ضوابط لإصدار تأشيرة مستثمر لرواد الأعمال بهدف تمكين الاستثمارات المبتكرة، والمستهدفة في سياق تطوير شامل للخدمات التي تقدمها الهيئة للمستثمرين بالتعاون مع الجهات الحكومية الممثلة في مراكز الأعمال». وفي نهاية حفل الافتتاح، جرى تكريم الرعاة والتقاط الصور التذكارية بهذه المناسبة. يذكر أن فعاليات المنتدى الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار خلال الفترة 24 – 26 يناير الحالي، تتضمن 12 جلسة، وتسع كلمات رئيسة، وخمس ورش عمل، وثمانية عروض رئيسة، وجلسة حوارية واحدة. كما تشمل إقامة معرض (استثمر في السعودية) الذي تشارك فيه هذا العام 25 جهة ما بين مؤسسات حكومية وشركات صناعية عملاقة وهيئات مالية. وتركز جلسات المنتدى وورش العمل المصاحبة لها على استعراض أبرز التجارب العالمية في مجال تنافسية القطاعات، وتبادل الأفكار والخبرات في القطاعات ذات التأثير الكبير في دعم الاقتصادات الوطنية؛ للإفادة منها في دعم تنافسية القطاعات السعودية. كما تسلط الضوء على القطاعات ذات الأولوية، التي لها تأثير مباشر في التنمية الاقتصادية والبشرية، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال، وهذه القطاعات هي: الرعاية الصحية، والنقل، والتعليم، وتقنية المعلومات والاتصالات السياحة، والخدمات المالية، والعقارات التي ستتم مناقشتها بتوسع خلال جلسات المنتدى.