هذا الشبل من ذاك الأسد، وهذا هو سلمان ابن المؤسس القائد عبد العزيز آل سعود، يجتاز السنة الأولى من حكمه لأقوى دولة مؤثرة في الشرق الأوسط والعالم، بامتياز وتفرد، ليس باعتراف شعبه فقط، وإنما أيضاً بإعجاب وتقدير قادة العالم، الذين كانوا يرصدون عن كثب كل خطوة للفارس المحنك الذي ورث الحكمة والحزم وقوة الإرادة والحماسة والشجاعة والإقدام عن أبيه موحد البلاد. قبل عام مضى، وبالتحديد في الثالث من ربيع الآخر عام 1436ه، توج الملك سلمان من قبل الشعب السعودي، حاكماً للبلاد، وبايعه السعوديون قائداً للتحديث والتطوير وإعادة البناء وسط ظروف دولية سياسية واقتصادية بالغة الصعوبة والتعقيد، وأثبتت الأيام أن هذا الشعب الأصيل، كان على حق، وأن مبايعته كانت في الصميم. وفي الساعات الأولى من حكمه، تمكن صاحب القلب المشبع بالإنسانية، أن يمتلك أفئدة السعوديين جميعاً، بحزمة من الأوامر الملكية الإدارية والاجتماعية والاقتصادية. ومضى القائد دون أن يبتعد لحظة واحدة عن نبض الشارع السعودي واحتياجات شعبه، وكشفت أوامره الملكية عن مدى إحساسه وقربه الشديد من مشاكل وتطلعات وآمال السعوديين، خاصة الفئات الأكثر احتياجاً، حيث مد يده الحانية لهؤلاء، يكفكف دموعهم ويمنحهم الأمل في غد أكثر إشراقاً، بعمل جيد وحياة كريمة ومسكن آدمي. كما كشفت أوامره وتوجيهاته للوزراء والمسؤولين، مبكراً عن مقدرته وخبرته الكبيرة في قيادة دول لها هيبتها ومكانتها الدينية والعالمية، ولما لا وهو الذي كان يقود دفة الرياض في سن مبكرة من عمره، فكانت الرياض ومازالت درة المدائن العربية والعواصم العالمية. هذا هو سلمان الذي تحولت مؤسسات الدولة جميعاً ودوواين الوزارات والإمارات في مختلف المناطق إلى ما يشبه ورش العمل لخدمة المواطن السعودي وتنفيذ خطط التنمية، وجعل رؤية الملك في تقوية مفاصل الدولة وتحديث أنظمتها وتطويرها واقعاً ملموساً. ومنذ الأيام الأولى لتوليه سدة الحكم، استبشر شباب المملكة خيراً بإصراره على منحهم الفرصة في قيادة مؤسسات الدولة، وهو ما استلزم تغيير نظام الحكم، لينتقل من أبناء الملك المؤسس إلى الأحفاد، في خطوة تاريخية، لم يكن يفعلها غير سلمان الشجاع، القادر بما يمتلكه من خبرة إدارية كبيرة على حشد أبناء آل سعود جميعاً على كلمة واحدة وهدف واحد وهو خدمة الشعب السعودي، وإرساء دولة المؤسسات، وصناعة المستقبل بسواعد الشباب. وقد وضح ذلك جلياً، في تأسيسه لعددٍ من المجالس التي تساعده على تطبيق فلسفته في الحكم، والأهداف التي وضعها لتحقيق رفاهية البلاد، ومن أهمها المجلس الاقتصادي ومجلس الشؤون الأمنية والسياسية. وتجلت خبرته أيضاً، عندما طلب الأمير مقرن إعفاءه من منصبه كولي للعهد، حيث وقعت عين سلمان على الأمير محمد بن نايف، وأثبتت الأيام أيضاً حسن الاختيار لشخصية محنكة أمنياً وسياسياً، تمتلك من الخبرات ما يؤهلها لهذا المنصب الحساس، داخل حكومة أرادها الملك شابة قادرة على العطاء والإنجاز السريع. وزاد خادم الحرمين الشريفين من شجاعته وجرأته المعهودة، وضخ دماء شابة في منصب ولي العهد، وتصدى لتلك المهمة الأمير محمد بن سلمان الذي يمتلك من والده الكثير من صفات القيادة والإدارة الحكيمة الرشيدة. ومن الداخل إلى الخارج، كان واضحاً جداً حجم التأييد والترحاب العالمي بتولي الملك سلمان قيادة السعودية، وعودة سريعة إلى تلك اللحظة التاريخية الفارقة، التي كان يودع فيها سلمان الوفي أخاه الملك الراحل عبدالله، سنرى كيف كانت الرياض في ذلك اليوم قبلة عالمية تتجه إليها طائرات قادة وزعماء ورؤساء العالم، الذين حرصوا على تقديم واجب العزاء، ودعم الملك الجديد، الذي له مكانة كبيرة في قلوبهم، لا تقل أبداً عن مكانة إخوانه الراحلين. وبكل هذا الحب والتأييد داخلياً وخارجياً، نجح الملك سلمان، في لملمة الصف العربي بعد شتاته وتمزقه عقب ثورات الربيع العربي، كما كان واعياً كل الوعي لما يحاك للأمتين العربية والإسلامية من مكائد ومؤامرات إقليمية ودولية، تهدف إلى نهب ثرواتها ومواردها الطبيعية والنفطية. وتصدى سلمان بعاصفة الحزم لكل محاولات إيران وحلفائها في الشرق الأوسط لزعزة استقرار شبه الجزيرة العربية، وتمزيق جسد اليمن والمنطقة بسكين الطائفية والمذهبية، ومازال الملك الشجاع في ميدان المعركة يواصل ملحمة الدفاع عن الجيران وعن كل شبر من تراب الوطن، يضرب بكل قوة معاقل الحوثيين، ويطهر البلاد من الإرهابيين والتكفيريين والدواعش والرافضة المتشددين. وعالمياً، حرص سلمان على رفع الراية السعودية خفاقة دائماً في المحافل الدولية، تدافع عن قضايا الأمة، بمواقف ثابتة وشجاعة لا تتغير ولا تتبدل، وقد كانت القمة العربية اللاتينية، أكبر تجمع عالمي تشهده المملكة، خرجت من بين أفئدة رؤساء العرب والعالم، أخطر القرارات والتوصيات، التي تبرهن على نجاح الدبلوماسية السعودية في صناعة القرار العالمي. أما الحدث الأكبر في عام سلمان الأول فكان الإعلان عن التحالف العسكري الإسلامي، لتبرئة الدين الإسلامي من اتهامات الإرهاب، ولتشكيل كتلة عسكرية قوية لردع المنظمات الإرهابية التي تتاجر بالإسلام ومذاهبه، وتغتال الأبرياء، وتسفك الدماء، لتحقيق مصالح دول إقليمية وعالمية تستخدم شباب الإسلام المغرر بهم وسيلة لتحقيق الأهداف (الصهيو أمريكية) في الشرق الأوسط، وهو ما يحذر منه الملك سلمان مراراً وتكراراً. وما زال فارس العرب، يرهب الأعداء بسيف الشجاعة، ودرع الحكمة، يقدم للعالم نموذجاً فريداً في القيادة المدعومة بحب شعب تنبض شرايينه بدماء الانتماء والولاء.