أثار التدخل العسكري الروسي لدعم الرئيس بشار الأسد استياء الأعداء العرب الخليجيين للزعيم السوري حيث يقولون ان هذا الدعم يطيل أمد الحرب ويبقي سوريا بقوة في فلك عدوهم الإقليمي اللدود ايران. وتقول روسيا انها تقدم أسلحة للرئيس السوري حليفها القديم وأنها أرسلت جنودا كخبراء يقدمون التدريب على استخدامها في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الجهادية الأخرى. وأجرت موسكو أيضا مناورات بحرية قبالة سوريا. وتقول واشنطن التي تناهض داعش والأسد كليهما إن موسكو أرسلت طائرات مقاتلة ودبابات ومعدات ثقيلة أخرى إلى سوريا. وقال مسؤولون أمريكيون يوم الاثنين إن روسيا بدأت القيام بطلعات بطائرات بدون طيار في مهام استطلاع في سوريا. ولم تؤكد موسكو هذه التقارير. وأكدت السعودية ودول خليجية أخرى مجددا هذا الشهر معارضتها للأسد الذين يرون انه أداة في يد إيران لكنهم لم يذكروا علانية كيف يزمعون التعامل مع وصول القوات الروسية. وقال مصدر رسمي في دولة الإمارات العربية المتحدة لرويترز طالبا عدم نشر اسمه "ليس لدينا تفاصيل كاملة عن حجم التدخل (الروسي) ودوره (في سوريا). لكن مثل هذه المسائل على الأرض تعقد الموضوع وتزيد من صعوبة إيجاد حل." ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التحركات العسكرية الروسية بأنها "تصعيد" وقال مجددا في اجتماع في الآونة الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي ان سوريا ليس لها مستقبل ما بقي الأسد في السلطة. ودعا وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في بيان إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية "دون أي تدخل أجنبي". ويضم مجلس التعاون الخليجي الإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر. وعلى العكس بحث مسؤولون أمريكيون وروس سبل منع قواتهم من الاشتباك بطريق الخطأ في سوريا حيث تنفذ واشنطن ضربات جوية ضد داعش. وفي العلن على الأقل تتمسك الدول العربية الخليجية بموقفها القائل بأن الأسد لا يمكنه البقاء على الرغم من الدعم العسكري الروسي. هل يوجد حل عسكري؟ وتفضل الرياض حلا سياسيا للأزمة لكن وزير خارجيتها الجبير ان الخيار العسكري مازال متاحا لأن المعارضة السورية ما زالت تقاتل النظام بكفاءة أكبر بمرور الوقت. بدأ الصراع السوري في عام 2011 باحتجاجات مناهضة لحكم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود. وفي الحرب الأهلية التي تلت ذلك قتل ربع مليون شخص وأجبر 11 مليون شخص – نصف عدد السكان – على مغادرة منازلهم. وفر عشرات ألوف اللاجئين السوريين إلى أوروبا في الشهر المنصرم وحده. وتقول روسيا انه من غير المرجح أن تنجح الضربات الجوية التي ينفذها تحالف تقوده الولاياتالمتحدة ضد مواقع داعش ودعت إلى حوار دولي مع الأسد. وقالت ابتسام الكتبي مديرة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية انه في تقدير روسيا أيام الاسد ليست معدودة. وأضافت ان روسيا تريد عرقلة أي جهد عربي لإسقاط الأسد. وسوريا لها أهمية إستراتيجية حيوية لموسكو. فقاعدتها البحرية في طرطوس هي المنشأة الوحيدة لها في البحر المتوسط وتؤكد نفوذها الإقليمي. وكانت عائلة الأسد تاريخيا من أفضل عملاء روسيا في مبيعات السلاح. وفي نظر كثير من عرب الخليج يجلب دخول روسيا في الحرب السورية أصداء التوترات القديمة التي تحيط بالمقاومة المدعومة من السعودية لقوات الاحتلال السوفيتي في أفغانستان في الثمانينات. ويرى البعض انه من المفارقات ان روسيا التي كانت في وقت من الأوقات من أشد منتقدي أي تدخل خارجي في سوريا هي التي تفعل الآن هذا الشيء بعينه. وكتب المعلق السعودي محمد الراشد في تدوينة متسائلا هل قفزت روسيا بقدمها إلى مفرمة اللحم التي هي سوريا؟. وتابع قائلا ألم تتعلم الدرس من أفغانستان التي مزقت الاتحاد السوفيتي إربا أو الشيشان التي سحقت الغرور الروسي؟ وهل تعلم (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين شيئا؟ غياب المشاركة الأمريكية يقول بعض المسؤولين العرب الخليجيين إن التدخل الروسي لم يصبح ممكنا إلا بسبب ما يرون انه غياب للمشاركة الأمريكية في سوريا. ويوجد أيضا اعتراف على مضض بموالاة بوتين المستمرة لحليفه وهي صفة يقول العرب الخليجيون ان صديقهم الأمريكي يفتقر لها. وقال سامي الفراج -وهو مستشار أمن كويتي لمجلس التعاون الخليجي- لرويترز ان التدخل الروسي يعني في الحقيقة ان سوريا ستقسم الآن بين شريط ساحلي يسيطر عليه الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية واجزاء بعيدة عن الساحل تسيطر عليها غالبية سنية وتصبح ايران المستفيد الرئيسي. وقال ان مجلس التعاون الخليجي يدرك ان إقتطاع كيان سوري جديد يسيطر عليه الأسد معناه الحفاظ على المصالح الايرانية أي ان يكون لها واجهة على البحر المتوسط. وأضاف ان الإيرانيين اختاروا القوة العظمى المناسبة التي يكونون معها وهي روسيا. وقال انه يتوقع ان يحذو مجلس التعاون الخليجي حذو الولاياتالمتحدة وان يسعى الى ضمان ألا تشتبك جماعات المعارضة المسلحة التي يؤيدها في سوريا في قتال مع القوات الروسية. وقال ان الدول العربية الخليجية ستواصل ارسال أسلحة الى جماعات المعارضة لكنها لن تعطيها بهدف قتال القوات الروسية في سوريا. ومن المرجح أن يؤدي التحرك الروسي إلى إضعاف وفاق مؤقت بدأ هذا العام بين روسيا والسعودية رغم دعمهما لأطراف متناحرة في الصراع السوري وخلافاتهما بشأن قضية البرنامج النووي الإيراني. وما زالت الرياض تشعر باستياء من الفيتو الروسي الصيني في فبراير شباط 2012 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أحبط مشروع قرار صاغته السعودية وأيده الغرب يقضي بضرورة تنحي الاسد. وفي مارس اذار اتهم الأمير سعود الفيصل رحمه الله الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية قبل الجبير بوتين بالرياء وقال غاضبا في قمة عربية ان روسيا لا يمكنها الحديث عن الرغبة في السلام في الشرق الأوسط وفي نفس الوقت تدعم الأسد في سوريا. وفي يونيو حزيران بدا أن المناخ يتحسن عندما رأس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفدا من مسؤولين سعوديين إلى موسكو ووقع اتفاقات عسكرية وأخرى للطاقة. وأثارت الزيارة تكهنات بشأن علاقات ثنائية أوثق بين البلدين لكن هذا الاحتمال بدأ يخبو الآن. وقال عبد الخالق عبد الله باحث العلوم السياسية بالإمارات ان الأسد لن يستمر "يوما واحدا" بدون دعم خارجي مضيفا انه مع أخذ في الاعتبار كل الأمور فانه من الأمان الرهان على انه سيسقط أكثر منه على انه سيبقى. وتابع قائلا ان روسيا لم تدرك هذا. رابط الخبر بصحيفة الوئام: دول الخليج تعارض التدخل الروسي في سوريا