طالب الأمير تركي الفيصل " رئيس مجلس أمناء مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية " ايران بوقف تدخلاتها في الشئون العربية والممتدة من مملكة البحرين الى فلسطين , دعيا الى ضرورة مشاركة دول مجلس التعاون لدول الخليج في مفاوضات مجموعة الدول الكبرى " 5 + 1 " مع ايران حول ملفها النووي . جاء ذلك خلال كلمة الأمير تركي الفيصل خلال الجلسة العامة الخامسة والختامية ضمن مؤتمر الامن الاقليمي " حوار المنامة " والذي تستضيفه مملكة البحرين خلال الفترة من 6 الى 8 ديسمبر الجاري تحت عنوان " الاهتمامات الدولية في أمن الشرق الأوسط ومنع انتشار الأسلحة بمشاركة كل من وزير الشئون الخارجية بدولة الهند سلمان خورشيد , والدكتور غاري سامور المدير التنفيذي للبحوث بمركز العلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفرد , وسيد حسين موسيان الباحث بجامعة برينستون الامريكية والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الاعلى للامن الوطني في ايران . وأعرب الفيصل في بداية كلمته عن اسمى آيات الشكر لحكومة مملكة البحرين لاستضافة مؤتمر " حوار المنامة " باعتباره منتدى هام يجمع الكثير من المسؤولين و الخبرات على مستوى العالم . وأضاف ان إيران " أشاحت بابتسامة " للمنطقة خلال الفترة الأخيرة غير اننا لا نريد منها التدخل في الشؤون العربية والممتد من " مملكة البحرين , الى فلسطين ", مؤكدا ان هذه الابتسامة " في إشارة الى محاولة طهران تغيير سياستها ونهجها في المنطقة " لن تأخذ مأخذ الجد حيث نريد ان نرى خطوات عملية على ارض الواقع . واضاف " اننا مستعدون للتعاون مع الجارة ايران " المسلمة والتي يجمعنا بها الجوار الجغرافي والتاريخ الطويل , مشيرا الى ان المملكة تستضيف كل عام مئات الالوف من الايرانيين في مواسم الحج والعمرة , ويتم معاملتهم بكل ترحيب . وقال اننا نرحب بتطوير هذه العلاقة مع ايران , مبينا ان السبيل لذلك هو ان تصبح طهران عامل استقرار وليس عامل للارتياب والشك , معربا عن امله في مواصلة الرئيس الايراني حسن روحاني باستمرار علاقة حسن الجوار , حيث وقع في وقت سابق عندما كان مسئولا في ايران على اتفاقية أمنية مع السعودية , وكان من الداعمين للعلاقات بين البلدين . ووصف تركي الفيصل في هذا الإطار اتفاق جنيف بين دول " 5 + 1 " مع ايران حول ملفها النووي " بالإنجاز الناقص الذي لا يستحق ان نصفق له حتى الان , لأننا لم نعرف الى اين سينتهي , معربا عن امله في الوصول الى ضمان عدم امتلاك طهران للأسلحة النووية بشكل دائم وثابت . وأكد أهمية مشاركة دول مجلس التعاون في المفاوضات بين مجموعة " 5+1 " مع ايران حول ملفها النووي , خاصة وان دوله تقع على الخليج العربي , وان اية مجهود عسكري سيؤثر عليها بشكل مباشر , معربا عن دعمه للاستخدام النووي من قبل طهران في المجالات السلمية , قائلا ان المملكة العربية السعودية تسعى ايضا الى الاستخدام السلمي للطاقة النووية , مشيرا في الصدد الى خطوات دولة الإمارات العربية المتحدة والتي بادرت في الولوج الى هذا المجال . ولفت في هذا الصدد الى اقتراح وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل بعقد لقاء مع نظرائه في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال ال 6 شهور مقبلة . وأوضح سموه بانه نادي منذ العام 2009 بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل " النووية , والكيماوية , والبيولوجية , في منطقة الشرق الأوسط , مشيرا الى انه أعاد طرح المقترح في جامعة أمريكية قبل عدة شهور , مشترطا ان يحظى بضمانات من الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن الدولي وهى " الولاياتالمتحدةالامريكية , وروسيا , وبريطانيا , وفرنسا , والصين . وبين ان هذه الضمانات هي ان توفر هذه الدول حماية للمنطقة من اي تهديد بأسلحة الدمار الشامل من قبل اي طرف , وان تسعى هذه الدول لمعاقبة ايا من دول المنطقة والتي تحاول حيازة أسلحة دمار شامل عن طريق العقاب العسكري والسياسي والاقتصادي . غير انه أشار الى ان هذا الاقتراح يصطدم بعقبتين رئيسيتين وهما امتلاك " إسرائيل " لأسلحة الدمار الشامل حيث تحوز على مئات الرؤوس النووية , كما ان لديها برنامج كيماوي وبيولوجي حتى وان لم تعترف بذلك , بالإضافة الى ان البرنامج النووي الإيراني قد اثار شكوكا حول رغبة طهران بامتلاك أسلحة نووية . ونوه الى ان الأمن في المنطقة يتأثر كذلك بالقضية الفلسطينية رغم مجهودات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في دفع عملية السلام من خلال برنامج يمتد لمدة 9 شهور مضي منه ثلاثة اشهر . وقال ان الغرب تعهد بالتخلص من أسلحة نظام الرئيس بشار الأسد أيضا خلال 6 شهور , متسائلا ان كانت هذه ال 6 أشهر دليل جدية , ام صدفة , داعيا الى الترقب لمعرفة النتائج . من جهته أكد وزير الشئون الخارجية بدولة الهند سلمان خورشيد عمق الروابط التاريخية والاقتصادية التي تجمع دول مجلس التعاون مع نيودلهي باعتباره من اكبر شركاء الهند التجاريين حيث ارتفعت قيمة المبادلات التجارية من 167 مليار دولار في 2011 الى 180 مليار في العام 2013 , كما توفر دول المنطقة نحو ثلثي متطلبات الغاز والنفط لبلاده , كما يعمل نحو 7 ملايين مواطن هندي في دول مجلس التعاون يرسلون نحو 70 مليار دولار في السنة , وتشكل تحويلاتهم نحو 40 في المائة من قيمة الحوالات الداخلية , مشيدا في هذا الصدد بجهود العمالة الهندية في المساهمة في بناء اقتصاديات دول مجلس التعاون وعدم انخراطهم في اية قضايا سياسية . وأوضح ان دول مجلس التعاون لديها وفورات اقتصادية ومالية واستثمارية كبيرة يكمن استيعابها في الاقتصاد الهندي , كما يمثل الخليج وجه لنحو مئات الرحلات الجوية في اطار السياحة والترفيه والعمل مع الهند اسبوعيا بينها نحو 700 رحلة مع دولة الامارات . واضاف ان الهند تشارك دول مجلس التعاون في مكافحة الارهاب والقرصنة وغسيل الاموال , وتجري مناورات عسكرية ,ووقعت مذكرات تفاهم في مجال الدفاع المشترك , وتعمل على نزع السلاح النووي في الشرق الاوسط . ونوه الى وجود روابط بين الهند ودول مجلس التعاون بينها أمن الطاقة حيث تشارك الهند حاليا في التنقيب والاستخراج , مع اقامة مصانع بتروكيماويات واسمدة , مشيرا الى ان نجاح امريكا في انتاج النفط الصخري سيقلل اعتمادها الى نفط الشرق الاوسط , فيما تطمح الهند الى مد انابيب الغاز من الخليج اليها , بالإضافة الى الروابط في مجالات التعليم العالي والصحة والدفاع والامن . وحول ما يسمى ب " الربيع العربي " قال ان بلاده تؤيد التعددية الديمقراطية مع المحافظة على خصوصية كل دولة , معربا عن مخاوفه من سيطرة عناصر متطرفة في سوريا التي تعد المنطقة الاكثر اشتعالا حيث اصبح ربع السكان مشردين, بينما برزت الاختلافات الطائفية والعرقية في العراق وليبيا , على حد تعبيره , مشيرا الى ان مصر لديها علاقات جيدة مع الهند . ورحب باتفاق جنيف بين دول " 5+1 " مع ايران حول ملفها النووي , وحل تلك القضية عن طريق الدبلوماسية للوصول الى حل طويل الامد ومستدام , قائلا ان التدخل العسكري بدون فائدة لحل اي نزاع . بدور اعتبر الدكتور غاري سامور المدير التنفيذي للبحوث بمركز بلقر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفرد اتفاق دول " 5+1 " مع ايران حول ملفها النووي خطوة اولى لكنها ضئيلة . ووصف الاتفاق بانه ليس انجازا تاريخيا , بل اتفاق مرحلي أو هدنة مدتها 6 شهور لن تقوم خلالها الولاياتالمتحدةالامريكية بفرض عقوبات جديدة بينما ستظل العقوبات الاقتصادية رغم الموافقة على منح طهران نحو 7 مليارات دولار . ونوه الى غضب حلفاء امريكا في المنطقة من الاتفاق لان واشنطنوطهران كانا يقومان باتصالات سرية , مشيرا الى ان الرئيس الامريكي باراك اوباما فتح منذ العام 2009 نافذه مع ايران , فيما ارغمت العقوبات طهران للتفاوض . ودعا الى الولوج لمفاوضات جادة للوصول الى اتفاق نهائي , مشيرا الى ان واشنطن ستعمل خلال الفترة القريبة المقبلة الى عدم زيادة القدرات النووية الايرانية وتركيب اجهزة طرد مركزي جديدة بالإضافة الى تعزيز دور مجلس الطاقة النووية في الرقابة , مشيرا الى تهديد الرئيس اوباما بعدم السماح لايران بامتلاك اسلحة نووية . وقال ان ايران خشت على نفسها في العام 2003 بعد التدخل الامريكي في العراق ومن قبله في افغانستان , من ان يصبها غضب الولاياتالمتحدة عقب اعتبارها أحد دول محور الشر , وقامت بالتخلي عن تطوير برامجها النووية حتى لا تتعرض لاحتمال ضربة عسكرية, ولكنها بعد عدة سنوات ومع انخفاض عديد القوات الامريكية في المنطقة واصلت طهران عملية تخصيب اليورانيوم , مبينا ان الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش عارض انفتاح واشنطن مع طهران . من جانبه قال سيد حسين موسيان الباحث بجامعة برينستون الامريكية والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الاعلى للأمن الوطني في ايران ان كل الاطراف الاقليمية والدولية لم تحقق اهدافها في المنطقة خلال السنوات ال 30 ماضية , حيث لن يكون لبلد وحده ان يهيمن عليها , واصافا ما يدور حاليا بالحرب الباردة التي لن تخدم الجميع . واضاف ان هناك عقوبات على ايران نتيجة برنامجها النووي , بينما اسرائيل تمتلك مئات القنابل النووية , لافتا الى ان الحروب في العراق وافغانستان والازمة السورية والقضية الفلسطينية جعلت منطقة الشرق الاوسط الأكثر هشاشة على وجه الكرة الارضية , لعدم وجود نظام تعاون مشترك بين دول المنطقة . رابط الخبر بصحيفة الوئام: تركي الفيصل : رغم ابتسامة إيران الا اننا لانريد تدخلها بشؤوننا